النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الإدارة بين العباقرة والحكماء

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
هندسة
المشاركات
3,066

الإدارة بين العباقرة والحكماء

تسعى المقالة للدخول في أعماق أفكار ونظرات المؤسسات التي تشرف على الفناء وتسعى لإيجاد حلولاً ترتبط بإعادة النظر في الوضع الحالي للوصول إلى مؤسسات ابتكارية قائدة.

الحلقة الأولى: "فورد" والنظارة الإدارية السوداء برغم ما يشهده العالم حالياً من متغيرات في عالم الأعمال، مما يجعل المؤسسات تلهث من أجل بناء هياكل إدارية قوية، وتدريب العاملين بها لموائمة هذه التغيرات وكذلك اعتناق مفاهيم وأساليب إدارية متطورة -وهذا على عكس ما ساد في الماضي- انهارت أمامها بعض المفاهيم الإدارية القديمة وحلت محلها أنماط إدارية حديثة، تتبنى مناهج متطورة الأمر الذي جعل المؤسسات تنقسم إلى أنماط ثلاث: مؤسسات ابتكاريه قائدة (رائدة). مؤسسات تسعى لمواكبة هذا التقدم (متكيفة). مؤسسات تحيا في الظل (تشرف على الفناء). والسؤال هنا أين يوجد هذا النوع الأخير؟ وما هي نظرياته أو نظراته؟ والأمر ببساطة أن هذا النوع الأخير من المؤسسات يوجد بيننا في جميع قطاعاتنا، أما نظرياته أو نظراته بالمعنى الأدق فإنه يقود نظرات إدارية غير عصرية، بل يمكن أن نقول إنه لا يؤمن بالإدارة أساساً، ومن هنا فإننا نسعى لأن ندخل في أعماق هذه الأفكار والنظرات ونسعى معاً لإيجاد حلولاً ترتبط بإعادة النظر في الوضع الحالي للوصول إلى مؤسسات ابتكاريه قائدة. الإدارة …شطارة !؟ قالها( أحد المديرين ) وهو يغمز بعينه اليسرى مفرقعاً أصابعه.. أكمل قائلاً : "إن كم الإصدارات والدوريات الموجهة إلينا نحن المديرين - التي لا نقرأها بالطبع لاستغراقنا في العمل - يشعرنا بحجم من قد أضاعوا أوقاتهم ويريدون أن يضيعوا أوقاتنا معهم في لا شيء". ثم اجتذب (مدير آخر) طرف الحديث وهو يعدل من هندامه قائلاً: "لقد اعتدنا في شركتنا أن الإدارة هي عمل من لا عمل له، فنحن ندير شركتنا بطريقة تلقائية دون تعلم". (مدير جداً) مستعرضاً : "إننا يا سادة نحقق بالفعل نجاحات فأرباحنا تزداد عاماً بعد عام، والمفاجأة أننا نفعل هذا كله ولا نطبق أيّاً من النظم واللوائح الإدارية –التي أعتقد أنها عقيمة- بل إننا لا نتبنى أيّاً من المناهج الإدارية الحديثة التي تزعمونها فإن أسواقنا مستقرة إلى حد بعيد". (مدير) بأحد شركات القطاع العام باسماً : "إننا بالفعل نطبق تلك اللوائح والنظم والقوانين الذي لا يطبقها زميلي العزيز ولكن النتيجة كما يقرأها الجميع على صفحات الجرائد". (مدير سابق) مقاطعا: "أستطيع أن أقول بعد خبرة بالعمل بالشركات العامة والخاصة أن الواقع العملي يختلف تماماً عن الفهم الإداري النظري .. بصراحة إن "الاستشاريين الإداريين" يضعون حلولاً تصلح إلا لشركات اتخذت من كوكب المريخ مقراً دائماً لها". (مهندس مدير) يضرب المنضدة بكفه قائلاً: "لماذا ننفق جهداً ووقتاً ومالاً في تبني مبادئ إدارية ومنهج تغيير إداري؟.. يا عالم يا هوو .. لابد إن نوجه كل الجهد والوقت والمال إلى الإنتاج". (أخر مدير) يكتم ضحكة ذات معنى: أستطيع أن أقول بأن شركتنا والحمد لله ليس بها أي مشكلات فالوضع عال العال. قاطعتهم قائلاً: أعزائي المديرين اسمحوا لي أن أوضح بعض الأمور… إن الأرباح في حد ذاتها لا تعد دليلاً على نجاح الشركة، فببساطة يمكن أن تكون الأرباح مؤشراً خاطئاً في بعض الأحيان، فقد ترجع الأرباح إلى رفع الأسعار لا إلى زيادة الإنتاج أو تميز الجهود التسويقية، فلابد من مراجعة أداء الشركة من نواحي عدة كي تستطيع القول بأن شركتك في وضع متميز. إنني لا أختلف معكم في أنكم قد تنجحون بدون تطبيق لوائح ونظم الإدارة بمعناها الأكاديمي وهذا قد يرجع إلى تطبيقكم لروح الإدارة مع عدم استخدام المصطلحات التي نستخدمها. إنكم تعتبرون أن تنفيذ هذه اللوائح والنظم هو سبب فشل بعض الشركات؛ وذلك لان الأمر يحتاج إلى ملائمة تلك اللوائح والنظم لأهداف الشركة وتدريب مستخدميها وإعادة النظر فيها دورياً. إنكم تعتبرون الجهد المبذول لتبنى مناهج تغيير إداري جهد ضائع، وهذا ببساطة شديدة الطريق السريع لفناء الشركات هل سمعتم بقصة "هنري فورد". "فورد" والورم الكاذب: إن قصة "فورد" بين النجاح والفشل ثم النجاح مرة أخرى -قد أصبحت من التراث الإداري الشعبي- إذا أجزنا هذا التعبير- فقد بدأ "هنري فورد" عام 1905 من لا شيء وبعد 15 عاماً أصبح صاحب أكبر شركة سيارات في العالم وأكثرها ربحية، فقد بلغ مركزاً قيادياً في مبيعات السيارات في جميع أنحاء العالم وبلغت أرباحه بليون دولار . ولكن بعد بضع سنوات وبالتحديد عام 1927 تحولت الشركة إلى خراب وانهارت إمبراطورية السيارات العالمية المنيعة، ظلت تخسر لمدة 20 عاماً ، باتت غير قادرة على المنافسة خلال الحرب العالمية الثانية. في عام 1944 تولى "هنري فورد" الحفيد وكان في السادسة والعشرين من عمره -دون تدريب أو خبرة – إدارة الشركة وبعد عامين قام بحركة انقلاب سريع أطاح بأصدقاء جده المخلصين وأدخل فريقاً إدارياً جديداً وأنقذ الشركة. إنها ليست قصة درامية مأساوية أو قصة نجاح وفشل شخص، إنها قصة يمكن تسميتها بأنها تجربة مؤكدة في سوء الفهم الإداري لدى مديري أو مالكي الشركات دعونا نحلل الموقف بدقة أكثر. "فورد" لماذا الفشل بعد النجاح: لاعتقاد "فورد" الجد بأن الشركة لا تحتاج إلى مديرين وإدارة، بل كان يعتقد أن الشركة تحتاج إلى مالك ومنظم للعمل لديه مجموعة من المساعدين. كان "فورد" أسيراً لمعتقداته، فكان لا يقبل أي حل وسط، كان يفصل كل من يجرؤ على العمل كمدير أو يصنع قراراً دون أوامر منه شخصياً. ظلت شركة "فورد" الجد ناجحة برغم معتقداته الخاطئة لفترة لكنها لم تستمر عندما بدأت المنافسة وتضخمت الشركة بالشكل الذي لم يستطع به السيطرة عليها بشخصيته القوية وعصبيته وملياراته. اعتمد "فورد" الجد على فكرة البوليس السري فكان يحكم الشركة عن طريق التجسس والرعب. إنها ليست قصة "فورد" أو غيره بل هي قصة فشل كل المؤسسات التى تعتنق مفهوم "أن الشركات لا تحتاج إلى إدارة أو نظم إدارية أو حتى مديرين؛ لأن هذا ضربٌ من الإسراف ليس له داعى، وأن الرجل العظيم يمكنه حكم منظمات وهياكل أعمال كبيرة معقدة عن طريق معاونين ومساعدين". إنها قد تكون قصتك أنت أو قصة مؤسستك التي تعمل بها... أعزائي المديرين إن الفشل والنجاح رهن التأمل بنظرة عميقة إلى داخل مؤسستك وستكتشف بنفسك أنك في حاجة إلى إعادة نظر في فكرك الإداري قبل مؤسستك ، لتنتقل بها إلى مستوى المؤسسات الابتكارية الرائدة، أو حتى لتضعها على أول طريق النجاح .

تأليف: ياسر فاروق حسين - استشاري إداري
أَسأل اللهَ عز وجل أن يهدي بهذه التبصرةِ خلقاً كثيراً من عباده، وأن يجعل فيها عوناً لعباده الصالحين المشتاقين، وأن يُثقل بفضله ورحمته بها يوم الحساب ميزاني، وأن يجعلها من الأعمال التي لا ينقطع عني نفعها بعد أن أدرج في أكفاني، وأنا سائلٌ أخاً/أختاً انتفع بشيء مما فيها أن يدعو لي ولوالدي وللمسلمين أجمعين، وعلى رب العالمين اعتمادي وإليه تفويضي واستنادي.



"وحسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلاِّ بالله العزيز الحكيم"

#2
الصورة الرمزية اصايل
اصايل غير متواجد حالياً نشيط
نبذه عن الكاتب
 
البلد
المملكة العربية السعودية
مجال العمل
المشاركات
5

رد: الإدارة بين العباقرة والحكماء

مقالة افادتني كثيرا في بحثي

شكرا لك

#3
الصورة الرمزية mayooo
mayooo غير متواجد حالياً نشيط
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
علاقات عامة
المشاركات
5

رد: الإدارة بين العباقرة والحكماء

مقال رائع - اشكرك على المجهود

إقرأ أيضا...
مهارات إدراة المشروع / المهارات الإدارية / المفاهيم اﻷساسية فى الإدارة/ مهارات بين الإدارة والقيادة

غالبا ما يثار الجدل حول المدير والقائد، وهل كل مدير قائد، وكل قائد مدير، حيث تختلف الآراء في هذا الصدد على النحو التالي : - مجموعة أراء ترى أن كل مدير لا بد وأن يكون قائدا باعتبار أن وظيفته... (مشاركات: 1)


مهارات إدراة المشروع / المهارات الإدارية / المفاهيم اﻷساسية فى الإدارة/ الإدارة بين العلم والمهارة

بناء على ما سبق من سلسلة مهارات إدراة المشروع / المهارات الإدارية / المفاهيم اﻷساسية فى الإدارة يمكن تناول الإدارة على أنها علم ، ومهارة أو تقنية . فهي علم باعتبارها مجموعة متكاملة من الأسس... (مشاركات: 0)


الإدارة بين الماضي والحاضر

الإدارة بين الماضي والحاضر: رغم أن الإدارة بالمفهوم العام مورست بأشكال شتى من قبل الحضارات القديمة إلا أن الإدارة كعلم له قواعد وأصوله ونظريات ومفاهيم يعتبر حديثاً مقارنة بعلوم أخرى كثيرة . ويشير... (مشاركات: 0)


دورات تدريبية نرشحها لك

دورة تدريبية للإجراءات الجمركية فى المناطق الحرة

دورة تدريبية مكثفة لشرح اساسيات التجارة في المناطق الحرة وقوانين واجراءات التخليص الجمركي وقوانين المناطق الحرة و حالات الصادر والوارد في المناطق الحرة والنماذج والمستندات في الشحن الدولي وعقود التجارة الدولية وطرق السداد


دبلوم ادارة المشتريات الالكترونية

تهدف هذه الدورة التدريبية إلى تزويد المشاركين بالمعلومات والمهارات اللازمة لفهم كيفية إنشاء نظام للمشتريات الإلكترونية ثم تطوير المهارات التي يمكنهم استخدامها لإدارة النظام في مؤسستهم. كما أنه يزود المشاركين بالمهارات اللازمة للتفاوض بشأن العقود الإلكترونية مع الموردين باستخدام الاستراتيجيات للحصول على وضع مربح للجانبين.


دبلوم الصحافة والإعلام

دبلوم مهني مبتكر يهدف الى تدريب المشاركين على اكتساب المهارات اللازمة للعمل في مجال الصحافة والاعلام، وتوفير المعرفة والمهارات اللازمة للمشاركين وتدريبهم على كيفية اعداد التقارير الصحفية وأيضا تصوير التقارير الاخبارية واعداد محتوى البرامج التليفزيونية.


دبلوم السلامة والصحة المهنية

دبلوم تدريبي متخصص في مجال السلامة والصحة المهنية حيث يؤهل الدارسين للتعرف على كل التفاصيل الخاصة باجراءات السلامة والصحة المهنية في المؤسسات والمصانع.


مراجعة وتدقيق أعمال ادارة الموارد البشرية

مراجعة وتدقيق أعمال ادارة الموارد البشرية بالشركات واحدة من احدث الاتجاهات التطبيقية في ادارة الموارد البشرية تهتم بمراجعة وفحص السياسات والاجراءات الحالية والتوثيق والانظمة الاخرى المستخدمة حاليا في ادارة الموارد البشرية بالشركة


أحدث الملفات والنماذج