الرجال أيضا يحتاجون حظاً ....
مقال جيد يجب أن ننظر إلى ما فيه بعين الاعتبار
كنا جميعا ننظر بحسد إلى الفتيات المحظوظات اللواتي يحصلن على أزواج من الأمراء في كل القصص العالمية الجميلة و في قصص الجدات الساحرة, و كانت الأحلام تداعب رؤوسنا و تغرينا بالحصول على ما حصلن عليه من قصر رائع و ثوب أبيض منفوخ مرصع بالجواهر مع تلك الحفلة الأسطورية .

...
و كنت وحدي أنظر بشفقة إلى هذا الأمير المسكين الذي تزوج فتاة من عامة الشعب, بل و فتاة لا تجيد إلا العمل في مطبخ زوجة أبيها الظالمة , و كنت أفكر كم سيكون الأمر صعبا عندما ستقوم تلك الفتاة بتربية أولاد الأمير حسب منزلتها الاجتماعية التي لا تلتقي مطلقا مع منزلة أمير القصر و سينتج هذا بالطبع أمراء لا يرضى عنهم والدهم لو لم يكن قادرا على ضبط تربيتهم .
كانت تلك بالطبع أفكار طفلة تبحر في قصصها مستمتعة و لكن الواقع قد يشبه ما حصل لأمرائي المنكوبين و قد يتزوج الشاب من فتاة لا طموحات لديها بالنسبة لأسرتها و لا تقوم بواجبها نحوهم كما يجب, فتضيع أسر بأكملها لسوء اختيار و لسوء تقدير ,و في الحقيقة يحتاج الرجل حظا كما تحتاجه الفتاة و ربما أكثر .
غالبا ما تكون الفتاة في مجتمعاتنا قد أعدت إعدادا مناسبا للأزمات و غيب الشاب عن مثل هذه التربية,فالإعداد الجيد للفتاة يجعلها تستطيع السباحة بعكس التيار إن واجهتها المتاعب , و ليس هذا بمقدور الشاب الذي تعود على وجود من يعتني به بشكل دائم ، و الأمثلة كثيرة جدا فقد تتزوج الفتاة من رجل سيئ الخلق صعب المراس ثم تجدها بعد مدة و قد تغير الحال و بات هذا الرجل طوعا لزوجته عندما أنجبت أولادا يفخر بهم و أسست منزلا يسكن إليه و لم تيأس لحظة من إصلاح زوجها و منَّ الله عليها بهذا.
وكم من زوجة ابتليت بإدمان زوجها أو فقدته فلملمت أفراخها و قامت بتربيتهم وحدها, و نجحت بجدارة, و هناك حالات لا تحصى صانت بها المرأة بيتها دون أن تعتمد على مساعدة الزوج بل اعتمدت على نفسها حتى في مصروفات المنزل و تعليم الأولاد و تزويجهم و نادرا ما نجد نموذجا من الرجال استطاع وحده القيام بأعباء المنزل و التربية دون مساعدة النساء مع وجود قلة منهم بالتأكيد - و أظنهم لا يكادون يتجاوزون في عددهم أصابع اليد الواحدة - و ربما يرجع هذا إلى طبيعة التربية التي ينالها الأولاد و التي تجعلهم غير مدربين على العمل المنزلي و تربية الأولاد و غير قادرين على الإلمام بهذه المهام , مع عناية الجميع تقريبا بالفتاة و تدريبها على العمل المنزلي و تعليمها على الجمع بين واجباتها الأسرية و عملها في الخارج فتنشأ مؤهلة للقيادة و ينشأ الرجل مؤهلا فقط للعمل في الخارج ومن ثم الاعتماد على المرأة فيما تبقى من أمور حياته فلا يعرف كيف يتدبر شؤون نفسه من دونها فضلا عن تدبره شؤون أولاده وحده .
و لهذا قلت بداية أن الرجل يحتاج إلى الحظ, و أقصد به تلك الزوجة الذكية المحنكة و الواعية و صاحبة الهمة و التي تعرف تماما ما الذي تريده لأسرتها, لأن الأم في هذا الزمان باتت شبه وحيدة في ساحة التربية بعد أن نسي كثير من الآباء مهامهم و ربما لم يتقنوا أي من فنونها .
تقدم لابنة صديقتي شاب لا نعيب فيه شيئا قط بل يكاد يكون حلم كل فتاة و فوجئت برفضها له بحجة أن ابنتها ما تزال صغيرة و هي تريد لها إكمال تعليمها و حصولها على شهادة تكفيها الحاجة لو جار عليها الزمان , و قلت لنفسي علينا أيضا أن نعلم الأولاد فنون العناية بأسرهم ليحملوا المسؤولية دون أن يتسولوا المساعدة فيما لو جار عليهم الزمان أيضا فلا تضيع الأسر بدخول الغرباء إليها لو كانت الأم غير مؤهلة أو غير موجودة .
فلنعتن بالبنات و لنجعل الأولاد أكثر قدرة على العمل و التحرك داخل المنزل و لا نجعلهم كالغرباء أو كالضيوف فمن يدري كيف سيكون حظ أولادنا ,و من يدري فربما يحتاج الرجل لأن يعيد تأهيل زوجته أيضا و بخاصة بعد أن باتت التربية و التدريب من الأمور النادرة في هذا الزمان
منقول