بقايا الحائط الأخير
بسقوط حسني مبارك .. سقطت قلعة النظام السابق، والتي كنا نحسب انها محصنة عن السقوط، وتهدمت جميع حوائط هذه القلعة البائدة عندما تم القبض على الوزراء السابقين ورجال الحزب الوطني – السابق – والقاءهم في غياهب السجون، وسقطت ابراج هذه القلعة عندما تم اقتحام مقرات امن الدولة في المحافظات المصرية المختلفة، وحينما تم تجميد نشاط هذا الجهاز الملعون بأيادي الشرفاء من الناس، ولكن تبقى الأحداث التي نشاهدها بين الحين والأخر من حيث الاعتصامات الفئوية المبالغ فيها من بعض فئات المجتمع، وبعض الاعتصامات الغريبة التي تخرج من بين ثنايا هذا الشعب الذي أثق كثيرا في قدرته على فهم وادراك صعوبة الوضع القائم حاليا، كما أثق في وعيه بهموم الحكومة الجديدة وحاجتها لفرصة حقيقية لتثبت بأعمالها أن وولائها سيكون للشعب أولا وأخيرا وليس للنظام، وأخيرا وليس أخرا أحداث الفتنة الطائفية العنيفة التي حدثت على حين غرة، مخلفة ورائها حريق دار عبادة للأقباط كحدث فريد وتاريخي يحدث لأول مرة في تاريخ مصر.
كل هذه الأحداث وأكثر والتي أراها استثنائية جدا على أجواء الثورة التي نعيشها جميعا هذه الأيام والتي غيرت كثيرا من سلوكياتنا تجاه بعضنا البعض، توضح انه لازالت هناك أصابع خفية تلعب لهدم مكتسبات هذه الثورة والتي أطلق عليها بعض رجالات السياسة "الثورة المضادة"، ورغم اني ضد تسميتها بثورة لأنه لا يمكن ان يكون بعد ثورة 25 يناير اي ثورة أخرى، ولكني ازعم انها عبارة عن مجموعة من العمليات الاجرامية لبعض فلول النظام السابق تحاول عبثا ان تؤثر على صورة الثورة النقية امام الجماهير، ولا احسب انها قادرة على وئد النصر الذي تحقق فعليا على أيدي الشعب المصري العظيم، ولكن أقصى أمانيهم ان يعكروا صفوا سعادة الشعب وفرحته بالتغيير الذي طالما كان حلما بعيد المنال.
انها اذن بقايا الحائط الأخير في قلعة النظام البائد، ولا أحسب يخفى على أحد أسماءً بعينها لازالت حرة طليقة، لا يمكن اعتبار صمتها خروجا عن الصورة العامة، ولا استطيع ان أشعر باطمئنان هذا الصمت والانزواء الغير المبرر من شخصيات كانت ملئ السمع والبصر منذ شهور قليلة، ولا يخفى على أحد ان شخصا اعتاد خلال عشرات السنوات الماضية ان يكون صاحب جاه وسلطان كصفوت الشريف مثلا، يستطيع الآن ان يستسلم للأمر الواقع وان ينحاز الى صفوف الجماهير، كما انه لا احد يستطيع ان ينكر احساسه القوي بمسئولية صفوت الشريف وأخرين من فلول الحزب الوطني عن أحداث كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر موقعة البغال الشهيرة، ومن واقع هذه الأحداث المتلاحقة للفتن وللصدامات التي تحدث بين الفينة والأخرى، استطيع ان ارى وبوضوح بصمات صفوت الشريف واتباعه حيال ما يمر به الوطن من انعدام للاستقرار ومن صراعات وصدامات فئوية تحدث هنا وهناك.
وانا أقولها بكل صراحة، أن يقيني الأكيد ان الله مثلما حمى مصر برجالها وشعبها العظيم، طوال القرون الماضية، فإنه قادر على ان يظل يحميها من امثال هذا الرجل واتباعه، فليمكر كيفما يشاء وانا اقول له ان الله هو خير الماكرين، حمى الله مصر وحفظها من كل سوء