انتشرت في السعودية مئات المعاهد ومراكز التدريب الأهلية، وأصبحت تتنافس في تقديم برامج تعليمية وتدريبية تتراوح بين تعليم الطباعة واللغة الإنجليزية، وتمتد لتشمل علوم الحاسب الآلي والبرمجة والإنترنت.. ويرى كثيرون أن هذه الظاهرة إيجابية ومفيدة لكونها تساهم في تأهيل الشباب لوظائف ومهن تخصصية، وتتيح فرصاً جديدة لمن تعثرت مسيرتهم التعليمية لسبب أو لآخر، كما أنها توفر لسوق العمل كفاءات هو في أشد الحاجة إليها وتزيد الوعي الاجتماعي المهني. لكن هناك من يرى سلبيات لهذا الانتشار الواسع النطاق لهذه المراكز والمعاهد، ويثير تساؤلات حول برامجها ومناهجها التعليمية والتدريبية وأدائها وقدرتها على تأهيل كوادر بشرية قادرة على أداء مهام الوظيفة في المستقبل. نسلط الضوء في هذا التحقيق على دور هذه المعاهد والمراكز، وتستعرض كل الآراء الإيجابية والسلبية تجاهها والانتقادات التي تتعرض لها، كما تسأل عن المعايير والضوابط التي تحكم تنظيم البرامج والدورات في هذه المعاهد وإمكانية تطويرها. سوق التدريب واعد البداية كانت مع عبدالرحمن الخراشي -مدير عام معهد الشرق الأوسط للتنمية البشرية- حيث يقول: يعتبر سوق التدريب في السعوديةمن أكبر أسواق التدريب في العالم العربي، وهو سوق مستهدف من قبل عدد كبير من شركات التدريب سواء العربية أو الأجنبية، وأعتبره شخصياً سوقاً واعداً وحجم التحدي فيه يعتبر كبيراً جداً. وفي ظل تنامي هذا السوق وانفتاحه على آفاق جديدة لتنميته وزيادة حجمه واتساعه واستيعابه للمستثمرين فيه، وفي اعتقادي أن سوق التدريب في السعوديةلا يزال في مراحله الأولية ويحتاج إلى عمل وجهد لكي نرتقي به ونصل إلى المستوى المأمول، وأن نساهم بما يسعنا في هذا السوق لجعله سوقاً يعود بالنفع على شبابنا. الانتقال من الكم إلى الكيف ويستكمل زامل محمد الزامل -صاحب معهد الرازي لتنمية القوى البشرية- هذه النقطة عن سوق التدريب في السعوديةقائلاً: سوق التدريب لدى السعوديةسوق خصب جداً في ظل الطفرة التي تعيشها السعوديةونمائها في ظل الاهتمام المتزايد بالأيدي العاملة خصوصاً من فئة الشباب السعودي ومحاولة التحول إلى الكيف بعد أن كان التركيز في السابق بالكم، وأرى أن السوق السعودية التدريبية تعتبر في مقدمة الأسواق التدريبية لما تحمل من خصائص تميزها عن غيرها. والدليل على أن السوق التدريبية في السعوديةفي ازدهار وازدياد هو أننا كنا نعاني منذ فترة قلة المتدربين في المعاهد رغم التجهيزات والإمكانات المقدمة، بل والتخفيضات التي نقدمها من أجل جذب المتدربين، ومع ذلك كان الإقبال قليلاً.. ولكنه أصبح يتنامى مع الأيام ويزداد تدريجياً إلى أن أصبح الإقبال متزايداً، وأصبحت المعاهد تمتلئ بالمتدربين والباحثين عن الدورات. بل والجميل في الموضوع أننا اضطررنا إلى توسيع المعهد وإضافة بعض الغرف وزيادة أجهزة الكمبيوتر وعدد المدرسين من أجل استيعاب الأعداد الهائلة من طالبي التدريب لدينا، هذا أكبر دليل على أن السوق التدريبية في السعوديةفي نمو وازدهار. إعادة ترتيب الأوراق وبدوره يبدي محمد المبدل -مدير معهد «ابن الهيثم» للعلوم التجارية والحاسب- رأيه حول سوق التدريب في السعودية، فيقول إن وجود هذا الزخم الهائل من المستثمرين في مجال التدريب في السعودية يدل دلالة واضحة على أن السوق مازال يخطو خطواته الأولية إلى المستقبل، وأرى أنه مازال في بداياته ويحتاج إلى فترة لكي ينطلق إلى أفق التدريب الحقيقي والذي من خلاله نرى شبابنا أصحاب مهن عملية ملبية حاجة سوق العمل من الأيدي المدربة التي باستطاعتها إدارة المصانع والآلات والأجهزة، وأعتقد أن سوق التدريب لدينا جديد ويحتاج إلى إعادة ترتيب الأوراق وإلى مدة زمنية لكي نطلق عليه سوقاً تدريبية فعالة. البحث عن شهادة.. للتوظيف لكن من هم المنتسبون إلى معاهد ومراكز التدريب الأهلية، وما هي أكثر الفئات إقبالاً على هذا التدريب.. عن هذه النقطة يقول زامل الزامل بالنسبة للفئات المشاركة في المعهد هي من كافة المستويات ودرجات التعليم المختلفة، ولكن الأغلبية يبحثون عن شهادة معتمدة للتوظيف. ويؤكد عبدالرحمن الخراشي أن نوعية المتدربين في هذه المعاهد مختلفة ومن جميع أنواع شرائح المجتمع سواء في البرامج التخصصية المتطورة والتي يقدم فيها دورات قصيرة لمدة لا تزيد على عشرة أيام عمل وتفرغ كامل أو الدورات التأهيلية والتي يقدم فيها دورات طويلة ودبلومات. ويضيف محمد المبدل قائلاً: أعتقد أن هناك عدة فئات تبحث عن هذه الدورات والالتحاق بهذه المعاهد. وأستطيع أن أقسم هذه الفئات على النحو التالي: فئة تبحث عن الدورات لأنها قد تساعد في الترقيات أو تحسين الأداء الوظيفي، وهذه الفئة تشكل ربع المتدربين. وهناك فئة المتخرجين من الثانويات أو المعاهد الذين يبحثون عن عمل عن طريق هذه الدورات أو الدبلوم وهي الفئة الكبرى والنسبة الغالبة التي تشكل الأكثرية من بين الدارسين. وفئة نسبتها قليلة جداً وهي التي تشترك في الدورات لزيادة المعرفة وتوسيع آفاقهم في الكمبيوتر وغيره. نغمة الربح ويبقى المحور المهم في هذا الموضوع وهو أن البعض يرى أن الهدف التجاري والسعي إلى تعظيم الأرباح، يطغى على أعمال المعاهد ويؤثر في مخرجاتها. وبهذا الخصوص يقول عبدالرحمن الخراشي: نعم نشارككم الرأي أن الهدف التجاري والسعي إلى الربح يطغى على أعمال المعاهد. وهذا هدف لا غبار عليه؛ لأن أي معهد يهدف إلى الربح يجب أن تكون الجودة لديه مرتفعة. والجودة تحتاج إلى مصاريف عالية، ولذلك نجد أن جميع المعاهد المتميزة في عملية التدريب وذات المستوى العالي هي المعاهد ذات الهموم العالية. وبذلك نستطيع القول أن الربحية والجودة في التدريب يسيران في خط متواز. وبمعنى آخر كلما زادت الجودة زادت الربحية، ولذلك فكل معهد يعطي أسعاراً على قدر الخدمات المقدمة من الأجهزة والمدرسين والأثاث. المتدرب يحكم وعن هذا الموضوع يقول زامل الزامل: من المعلوم أن أي معهد أهلي تجاري لم يتم افتتاحه إلا بحثاً عن الأرباح والكسب المادي، ولكن ليس من حق صاحب المعهد أن يغلب جانب الربح على جانب الاهتمام بنوعية التدريب ونوعية العمل الذي يقدم، وإن صح القول أن أي معهد يبحث عن التميز فإنه لابد من أن يغامر ويستقطب كوادر تدريسية مؤهلة، والمتدرب سيرى بعينيه المعهد وما يدور فيه، وسيأخذ فكرة عن ما يقدم فيه فإن كان ما يقدمه مميزاً فإن المتدربين سيتناقلون هذه الصورة والعكس صحيح. ويرى محمد المبدل أن هناك تناسباً طردياً بين ما يقدمه كل معهد وما بين الأسعار، فلكي تتضاعف الأرباح فإنه لابد من تقديم تدريب متميز، ولا يمكن زيادة الأرباح إلا بتقديم التدريب الجيد والبحث عن كل ما هو جديد ومميز. الرسوم تخضع لدراسة متأنية رداً على ما يتردد بشأن ارتفاع رسوم هذه المعاهد والمراكز يقول زامل الزامل: من ناحية أسعار هذه الدورات فهي تخضع لدراسة متأنية، ويدخل فيها عدد من العوامل منها: - موقع المعهد و«قيمة الإيجار». - نوعية الأجهزة. - كفاءة المدرسين. - نظافة وفخامة المكان. - قدم المعهد في مجال التدريب وتعدد برامجه. وأعتقد أن هذه الأشياء لها أثر في ارتفاع الأسعار وإن كنت أرى أنها مناسبة جداً وما يقدم في هذه المعاهد. ويضيف عبدالرحمن الخراشي قائلاً: لا أرى أن الرسوم مرتفعة مقارنة بما يقدم في المعهد، وكل شيء محسوب وله وضع خاص. بل إننا في بعض الأحيان نحاول تخفيض الرسوم لدفع المتدربين، كما أن من لهم أوضاع خاصة نراعيهم في الرسوم. ويؤيد فهد المبدل هذه الآراء عن رسوم الدورات قائلاً: الرسوم مناسبة مقارنة بالخدمات المقدمة للمتدربين، واستقطاب كوادر متميزة مؤهلة تأهيلاً كاملاً، وتجديد الأجهزة، وكذلك الإيجار تجعلنا ننظر إلى الرسوم بعين الاعتبار بحيث نحاول أن نغطي كل المصاريف مع النظر إلى وجود نسبة قليلة من الأرباح، ولكن قد يسأل السائل لماذا تختلف الأسعار بين معهد وآخر فأنا أعتقد في نظري أن ذلك يرجع إلى أمور كثيرة فكل معهد يختلف عن الآخر في مستوى المدرسين العاملين فيه، كما أن الموقع له دور في اختلاف الأسعار، فمعهد يقع في أحد الأحياء الراقية أو على شارع رئيس لا يقارن بمعهد يقع على شارع فرعي أو في أحد الأحياء القديمة، مع هذا كله مازلت أؤكد أن الرسوم مناسبة جداً بالنسبة للخدمات المقدمة. معايير وضوابط لكن ماذا عن مستوى المدرسين في المعاهد الأهلية والاتهام بأن مستوى بعضهم أقل من المطلوب وينقصهم الخبرة والتخصص في مجال التدريب؟.. عن هذا الموضوع يقول عبدالرحمن الخراشي: لا أعتقد أن أي معهد أو مركز يسعى إلى الجودة سيستعين بمدربين ليسوا ذوي كفاءة عالية. وعلى العموم هناك معايير تطبقها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في اختيار المدربين ولا توافق المؤسسة على مدربين ذوي كفاءة منخفضة. ويوضح فهد المبدل وجهة نظره بشأن هذه النقطة بقوله: سمعت بهذا الكلام. وهذا اتهام خطير إن كان صحيحاً، وهذا يرجع إلى المعهد نفسه فإن كان يبحث عن السمعة الجيدة فمن المؤكد أنه سيقدم مدرسين مؤهلين وخبراتهم عالية ومتخصصين في هذا النوع من التدريب، وهناك جزء من المسؤولية تتحمله المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، حيث إنها الأكثر معرفة بالشهادات الممنوحة لهؤلاء المدرسين ومدى مصداقيتها والاعتراف بها على مستوى العالم. وعلى كل فإني أرى أن المعهد الذي يستقدم مدرساً غير مؤهل أو تنقصه الخبره هو المتضرر الأول في جميع النواحي، ومتى ما أراد أي معهد أن يكون في الصفوف الأولى فأعتقد أنه سيسعى بكل ما عنده من استقطاب مدرسين متميزين ويحملون مؤهلات عالية. ويفيد زامل الزامل أن توافر عدد من المدربين الأكفاء أحد ميزات أي معهد يصبو إلى أن يكون معهداً جديراً بالاحترام، ومتى ما قام المعهد بجلب مدرسين لا يحملون مؤهلات أو خبرات فإني أرى أن المعهد سيصرف رواتب على مدرسين لا يستحقونها. ويضيف الزامل: من أراد أن يكسب مادياً فإنه من المؤكد سيحاول جلب مدرسين ذوي كفاءة عالية لأن المردود الإيجابي سيكون على المعهد أولاً والطالب أو المتدرب ثانياً ثم المدرس في المرتبة الثالثة، واستقطاب مدرسين ذوي خبرات عالية يسير في خط متواز مع تقدم المعهد. البرامج تتماشى مع احتياج السوق أما المحور الأخير الذي تطرق إليه ضيوفنا فقد كان المعايير التي ينطلق منها أي معهد في تنظيم البرامج والدورات.. بمعنى هل مبنية على احتياجات السوق.. وماذا عن تطوير هذه البرامج. بدأ الحديث عن هذا الموضوع عبدالرحمن الخراشي بقوله: أي معهد ناجح يجب أن يضع في حساباته أن أغلب الملتحقين لديه وخصوصاً في البرامج التأهيلية يسعون إلى الحصول على عمل، وبالتالي يجب أن تكون البرامج التي يقدمها متمشية مع احتياجات سوق العمل وليس مع رغبات المتدربين، وذلك لقلة الخبرة لدى المتدربين وبالتالي يجب أن يتابع كل معهد أو مركز التغيرات في سوق العمل حتى يستطيع تطوير برامجه، وأعتقد أن من الخطوات التطويرية والمهمة التي قامت بها بعض المعاهد هي التعاقد مع جامعات عريقة مثل جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود وذلك بهدف تطوير برامجهم. ويضيف فهد المبدل قائلاً: نضع في الاعتبار هل الدورة التي سنقوم بإعطائها للمتدربين تناسب احتياج السوق لدينا أم لا، وهل الدورات التي نقدمها معترف بها عند الجهات المسؤولة عن التوظيف. وفي المعهد نقوم في نهاية كل سنة بعملية إحصائية لعدد المتدربين في كل دورة، كما أننا نطلع سنوياً على احتياج السوق من الدورات التي يرغب فيها المتدربون. وإليك هذا المثال البسيط الذي يدل على أن بعض المعاهد لا تواكب احتياج السوق من الدورات، فبعضهم مازال يعتمد على دورات الكمبيوتر واستعمالاته، أو دورات الأعمال المكتبية، أو دورات اللغة الإنجليزية التي لم تتطور أبداً، مع العلم أنه توجد دورات جديدة ويحتاج إليها السوق بل ويبحث عنها المتدربون مثل دبلوم أو دورات الفندقة وهو مجال خصب وجديد والإقبال عليه ملحوظ بشكل كبير، ولكن لا يقدم هذه الدورة أو الدبلوم إلا عدد قليل من المعاهد الأهلية مع أن السوق يحتاج إليها، وأعتقد أن من أكبر الفوارق بين معهد وآخر هذا الموضوع. فمعهد يتابع احتياج السوق ويقوم بتجديد دوراته لا يقارن بمعهد يقدم الدورات نفسها منذ إنشائه. نبض السوق ويتحدث زامل الزامل عن المعايير التي ينطلقون منها في تنظيم البرامج والدورات حيث يقول: من المؤكد أن البرامج والدورات المقدمة ننظر لها بعين الاعتبار بحيث نحاول ملامسة نبض السوق ومدى احتياجه إلى الكوادر العاملة، كما نحاول تلبية رغبة السوق في هذا الموضوع. آراء الطلاب والمتدربين: لم يكن ممكناً أن نختتم هذا التحقيق دون أن نسجل آراء وانطباعات المتدربين في هذه المراكز والمعاهد الأهلية، وتقويماً لأدائها. في البداية تحدث إلينا أحد المتدربين: سيف المرزوق قائلاً: الحقيقة أن هذه المعاهد تقدم خدمات جليلة وكبيرة حيث يجد فيها الشباب ضالتهم في الدورات التدريبية والبرامج المتنوعة. وصدقني أن الرسوم لا تهم إذا كان المعهد يقدم خدمات توازي ما يقدم من الرسوم، ولكن المشكلة في المعاهد التي تطلب رسوماً عالية مع أنها لا تقدم خدمات جيدة. وعن مستوى المدرسين يقول سيف المرزوق: الحق يقال أن هناك مدرسين لا يحملون مؤهلات تؤهلهم لكي يستلموا زمام التدريب، ويوجد أحد المدرسين هنا لا يحمل إلا دبلوم حاسب آلي، وسمعت أنه أساساً مدرس رياضيات، وهذا لا يتناسب مع تدريس الحاسب الذي يحتاج إلى خبرة واسعة وكبيرة. من جهة أخرى يقول إبراهيم النفيعي وهو أحد المتدربين في أحد المعاهد: لي تجربة في أكثر من معهد وهو ما جعلني أمتلك خبرة في أنواع المعاهد وأفضلها، والحق أنه يوجد معاهد لا ينبغي أن نطلق عليها اسم «معهد» فهي لا تملك مقومات المعهد أبداً، ولا يوجد اهتمام بالمتدرب بل المهم لديهم جمع الرسوم وبأي طريقة، وألاحظ أن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني -رغم صرامتها في التعامل - يوجد بها تهاون في بعض الأحيان في بعض الأمور. فمثلاً وجود بعض المدربين الذين لا يجيدون أو يمتلكون أدنى مقومات التدريب، وبعض المعاهد تجده في مبنى لا يتناسب مع الرسوم المقدمة، وبعض المعاهد لا يهتم بالأجهزة التي يتم التدريب عليها. وأبدى الطالب حمد سعد المزيني -وهو أحد خريجي الثانويات التجارية الأهلية- امتعاضه من طول المناهج من دون الحاجة لذلك، ولكنه استدرك قائلاً إنها أيضاً شاملة. وأضاف أن الرسوم الدراسية المستوفاة عالية جداً ويمكن تقليلها إذا كثرت الثانويات التجارية مما ينشئ جواً للمنافسة إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من الطلاب. وذكر أن التدريب العملي يعتبر أهم مرحلة دراسية حيث يتم التدريب عملياً على الأعمال التي سبق أخذها نظرياً، وكذلك الاحتكاك بموظفين ذوي خبرة من الذين يعملون بالشركات الكبرى، ولكن مدة التدريب قصيرة وكذلك ساعات العمل في التدريب قليلة. تحديث ومتابعة وفي ختام هذه الجولة بين أروقة معاهد ومراكز التدريب الأهلية توجهنا إلى إبراهيم الشثري -مدير عام المعاهد والمراكز الأهلية بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وهي الجهة المشرفة على هذه المعاهد والمراكز- وسألناه في البداية عن اللوائح والقوانين التي تحكم تنظيم المعاهد الخاصة فأجاب قائلاً: إن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ممثلة في الإدارة العامة للمعاهد والمراكز الأهلية بصفتها الجهة المشرفة على المعاهد والمراكز الأهلية السعودية، قد وضعت لوائح وقوانين لتنظيم تلك المعاهد والمراكز وتحكم سير العمل بها، وذلك بدءاً من مرحلة الترخيص لها ومن ثم متابعتها بعد حصولها على الترخيص وتفقد سير العمل بها وتوجيهها لتحقيق أعلى مستويات التدريب. والمؤسسة تسعى دوماً إلى التحديث والتجديد في تلك اللوائح والأنظمة وإشراك القطاع الأهلي والجهات المختصة في ذلك لضمان مواكبتها لاحتياجات التنمية الوطنية. وعن نوعية وحجم المتابعة التي تقوم بها المؤسسة لبرامج هذه المعاهد والتأكد من جديتها يقول الشثري: إن المؤسسة تولي جل اهتمامها للرقي بمستوى المعاهد والمراكز الأهلية لتحقيق أعلى مستويات التدريب وفق الخطط الموضوعة لذلك، حيث لا يتم الترخيص للمعاهد إلا بعد التأكد من توفير تلك المعاهد والمراكز لكافة المتطلبات اللازمة من مبان مناسبة وتجهيزات حديثة ومدربين مؤهلين، ومن ثم يتم متابعة تلك المعاهد والمراكز بعد حصولها على الترخيص وتفقد سير العمل بها، والتأكد من استمرار توفر الشروط التي منح الترخيص على أساسها وتطبيقاتها للوائح والتعليمات الصادرة عن المؤسسة، وإعداد تقارير دورية عنها وذلك من خلال الزيارات الدورية لها. وتقوم المؤسسة بإنذار وإيقاف المعاهد أو المراكز الأهلية المخالفة لتصحيح أوضاعها والالتزام بالتعليمات والأنظمة المتبعة، كما أن المؤسسة تقوم حالياً بالتعاون مع القطاع الأهلي بإجراء دراسة لتصنيف المعاهد والمراكز الأهلية ووضع آلية للتقويم السنوي. ويضيف أن المؤسسة في هذا معنية بالإشراف على التدريب وتوجيه المعاهد والمراكز الأهلية للارتقاء بمستوى خدماتها تلبية لاحتياج سوق العمل، كما أنها تولي جل اهتمامها لنوعية البرامج والدورات التدريبية المقدمة ومتابعتها، والتأكد من مصداقيتها من جميع النواحي وهي في هذا تنطلق من قاعدة ثابتة ومبدأ عام يؤكد أهمية التدريب لاكتساب مهارات فنية وتقنية، وتطوير المتدرب لنفسه ليجد فرصاً أوسع مستقبلاً، والمجال التدريبي يكون في الغالب موجهاً لإعداد المتدرب ليخوض حياة عملية أقرب ما يكون لها العمل في القطاع الخاص، وتحرص المؤسسة على توجيه المعاهد والمراكز الأهلية ومتابعتها فيما يخص توظيف خريجيها وتقويم البرامج التدريبية وفقاً لمتطلبات سوق العمل. ويختتم إبراهيم الشثري حديثه قائلاً: أود الإشارة إلى أن المستقبل للتدريب، فالتدريب كان ولايزال وسيظل حجر الزاوية في قياس تقدم الأمم، ومع التطور التكنولوجي والتقني الذي يشهده عالمنا المعاصر فإن الحاجة إلى التدريب قد تنامت وأصبحت لها أهميتها الخاصة، والمعاهد والمراكز الأهلية كونها مؤسسات تدريب تهتم وترعى هذا النشاط فهي بلا شك قد تميزت عن غيرها ووجهت استثماراتها لدعم أحد أهم ركائز البناء الحديث، وليس أدل على هذا النجاح والمستقبل الزاهر الذي تنتظره هذه المعاهد والمراكز الأهلية والاهتمام الكبير الذي توليه حكومتنا الرشيدة لهذا القطاع والتأكيد المستمر من قبل رائد التعليم الأول في بلادنا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وحرصه في كل مناسبة على دعم وتشجيع هذا المجال.. وجهود الدولة بالطبع ملموسة في هذا المضمار، فقد أفردت لذلك إدارة عامة مختصة وشجعت هذا القطاع معنوياً وفنياً ومادياً من خلال الإعانات المالية السنوية التي تقدمها للمعاهد والمراكز الأهلية تنفيذاً للأمر السامي الكريم القاضي بإعانة المعاهد والمراكز الأهلية التابعة للمؤسسة، كما أن وضع المعاهد والمراكز الأهلية حالياً يبشر بالخير. فالتوسع ملحوظ في أعدادها وانتشارها في مختلف مناطق المملكة، كما أن هذا التوسع يتبعه توسع في التخصصات والمجالات التدريبية التي تقدمها. تجدر الإشارة إلى أن عدد المراكز والمعاهد الأهلية المرخص لها في السعوديةتبلغ 335 مركزاً ومعهداً. نشر في مجلة (التدريب والتقنية) عدد (11) بتاريخ (ذوالقعدة 1420هـ