الولد الذي سخَّر الريح

اسمه "ويليام كامكوامبا" عمره الآن عشرون عامًا، ولم يكن سوى فتى مراهق في الرابعة عشرة من عمره عندما بدأت قصته. "ويليام" فتى إفريقي من "ملاوي"، وهي واحدة من أفقر دول إفريقيا - مما يعني بداهة أنها من أفقر دول العالم.

في 29 سبتمبر الماضي، صدر لـ"ويليام" كتاب بعنوان "الولد الذي سخَّر الريح"؛ وقبل أن نوغل في التفاصيل، لا بد أن نشكر "ويليام" والإنترنت التي جعلت قصته تصل إلينا، كما نشكر "كريس أندرسون" - رئيس منظمة "تد" العالمية التي رعت "ويليام" وقدمته للعالم.

في مؤتمر "تد" الأخير، تحدث "وليام" لأول مرة باللغة الإنجليزية وسرد قصته. ترك "وليام" المدرسة بعد المرحلة الإعدادية لأن أبويه لم يستطيعا دفع مصروفات المدرسة الثانوية، ولكنه لم يستسلم وذهب إلى مكتبة عامة على بعد 4 ساعات من قريته ليقرأ كتبًا في العلوم. عثر "وليام" على كتاب في الفيزياء، وبدأ يقرأ في فصل توليد الطاقة، وعندما شاهد صور طواحين الهواء التي تولد الكهرباء، قرر بناء واحدة لإنارة بيته.

في عام 2001، كانت المجاعات قد ضربت إفريقيا، وكان المزارعون في "ملاوي" يموتون جوعًا، بينما كان "ويليام" يبني طاحونته، فاتهمه كل من حوله بالجنون لأنه لم يكن يملك المال أو الأدوات. كان الفتى مهندسًا بالفطرة، فاستطاع أن يفهم اللغة الإنجليزية من الصور والتصاميم وليس العكس.

وبعدما أضاءت طاحونته الأولى التي بناها من قطع الأخشاب وخردة الأنابيب المعدنية ومن إطار دراجة مهملة، جاء أهل قريته لتحيته ولشحن هواتفهم النقالة، وطلبوا منه بناء طاحونة أخرى لتوليد الطاقة وتشغيل مضخات المياه وري الأرض.

عندما وقف الفتى على مسرح "تد" الصيف الماضي في "أروشا" في "تنزانيا" قال: "لم أتحدث الإنجليزية في حياتي، ولم أكن قد ركبت الطائرة من قبل، ولم أنزل في فندق أبدًا، فلا بد أن تجف الكلمات في حلقي عندما تطلبون مني أن أتحدث وأخاطبكم." وبكل شجاعة استطرد قائلاً: "ما بنيته في قريتي الفقيرة ليس مجرد طاحونة تحركها الرياح لتوليد الكهرباء، بل هي محرك للحرية، لأننا بهذه الطاحونة نستطيع أن نُخرج أنفسنا من عصور الظلام والجوع."

لقد تطوع أحد الصحافيين وساعد "ويليام" في تأليف الكتاب الذي يروي قصته ويوثق إنجازه، واختار للكتاب عنوانًا فرعيًّا رائعًا هو "توليد تيارات الأمل والكهرباء". وعلى الرغم من أن معظم القصص التي تصلنا من إفريقيا مأساوية، فهذه قصة أمل وإبداع يمتزج فيها الخيال بالعبقرية.

وهذا كتاب يجب أن يقرأه كل من يُشكك في قدرات الإنسان، فإذا ما استطاع فتى يافع أن يحقق هذا الإنجاز، فما الذي يمكن أن نتوقعه من المؤسسات والمنظمات الدولية ومن كل القارات؟!


نسيم الصمادي

[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]