يعتبر الإبداع من الأمور الهامة بالنسبة لجميع المنظمات التي تواجه بيئة تنافسية متغيرة، وقد أصبح تشجيع الإبداع والحث عليه في مقدمة الأهداف التي تسعى العديد من المنظمات إلى تحقيقها. وقد ازدادت أهمية الإبداع في ظل ازدياد المنافسة بين المنظمات وخاصة المنافسة الدولية والتي زادت من حاجة المنظمة إلى الإبداع تجنبا لخطر التقهقر والزوال.
ويُعرف الإبداع على انه نوع من التصرف أو السلوك المغاير غير المتوقع النافع والملائم لمقتضى الحال، كما نظر البعض إلى الإبداع على انه عملية تتمثل في ظهور نتاج جديد ينشأ بما لدى الفرد من خصائص فريدة أو استثنائه من جهة ومن الحوادث والأشخاص والأشياء المادية والظروف المحيطة التي نشأ فيه الفرد من جهة أخرى، وعبر عنه البعض الأخر أنه عملية عقلية خلاقة تؤدي إلى إنتاج أفكار مفيدة جديدة وغير مألوفة من قبل الفرد أو مجموعة صغيرة من الأفــراد الذين يعملون معا.
أما الإبداع الإداري فقد عُرف على انه خلق الأفكار الجديدة واستثمارها، وأُشار إليه بأنه تبني عملية التغيير في المنظمة والبيئة المحيطة بها. ويمكن القول أن الابتكار الإداري هو تطوير وتطبيق الأفكار الجديدة المبدعة من قبل الأفراد الذين يتعاملون مع بعضهم ضمن تنظيم مرتب. وبهذا المعنى فان الأفكار المبدعة يمكن أن تشمل الأفكار المتعلقة بكل ما هو جديد من منتجات أو عمليات أو خدمات تدخل ضمن نطاق عمل المنظمة، كما تمتد لتشمل الإجراءات والسياسات والطرق الخاصة بالعمل.
وكذلك فقد قام بعض المؤلفين بتعريف الإبداع في المنظمات على انه الاستخدام الأول أو المبكر لإحدى الأفكار من قبل واحدة من المنظمات التي تنتمي لمجموعة المنظمات ذات الأهداف المتشابهة. ويعرفه آخرون بأنه الاستخدام الناجح لعمليات أو برامج أو منتجات جديدة تظهر كنتيجة لقرارات داخل المنظمة. وتجدر الإشارة إلى أن الإبداع الإداري لا بد أن يبنى على تميز الفرد في رؤيته للمشكلات وحلها، وعلى قدرته العقلية وطلاقته الفكرية ومعارفه التي يمكن تنميتها وتطويرها بوجود المناخ المناسب والقيادة على القدرة وعلاقات العمل المتفاعلة التي تنمي القدرة في الوصول إلى الأفكار والحلول الجديدة بطريقة مبتكرة.
وتظهر الحاجة إلى الإبداع عندما يدرك متخذو القرار في المنظمة أن هناك تفاوتا بين أداء المنظمة الفعلي والأداء المرغوب. وهذا التفاوت يحث إدارة المنظمة على دراسة تبني أسلوب جديد. وعادة فان الظروف التي تخلق الحاجة إلى الإبداع تفرضها التغيرات التكنولوجية وتغيير أذواق المستهلكين أو توفر معلومات حول ظهور أسلوب أفضل للعمل. فإذا شعرت المنظمات أن هناك فجوة بين السلوك الحالي والسلوك المرغوب فإنها ستحاول سد أو تقليص الفجوة، ويكون ذلك من خلال الإبداع. ولكن المنظمات العقلانية لا تتصرف فقط كاستجابة للتفاوت بين الانجاز والطموح، فهي قد تكتشف وتتبنى طرقا وأساليب جديدة من خلال عمليات البحث، ولكي تحسن أداؤها، يجب على المنظمات العقلانية أن تراقب بيئتها من اجل التنبؤ بالمطالب الجديدة والاحتياط لمواجهتها، وهذا ما يعرف بالإبداع المنظم الذي يتضمن عمليات بحث ونقص مقصودة ومنظمة عن التغييرات والتحليل المنطقي لفرص الإبداع التي يمكن أن تفرزها تلك التغييرات.