أصبحت أجهزة الحاسب الآلي ونظم المعلومات وسيلة أساسية من وسائل العمل والإدارة خاصة في مجال إدارة المعلومات الصحية وتخزينها ومعالجتها واستعادتها. وكما أن العمل في مجال البنوك أو الطيران أو الصناعة أصبح معتمدا بشكل رئيسي على استخدام تقنيات المعلومات , فقد بدأ الأطباء والمتخصصون في الرعاية الصحية بدورهم في محاولة الاستفادة من هذه التقنيات بشكل حقيقي من خلال تطوير فكرة إدارة المعلومات و دور الكمبيوتر في الطب والرعاية الصحية التي تعد من أهم المجالات العلمية وأكثرها تأثيرا على المجتمع.

وكان من أهم نتائج الأبحاث والتطوير على مدى أكثر من اربعين عاما ظهور علم المعلوماتية الصحية وإدارة المعلومات الطبية , كأحد العلوم الجديدة ذات التطبيقات الفريدة التي تجمع بين علوم الحاسب الآلي من جهة وعلوم الطب و الرعاية الصحية من جهة أخرى نتيجة للتقارب والتفاعل المستمر بين هذين المجالين المتطورين. ويضم علم المعلوماتية الصحية في الواقع العديد من المجالات الفرعية , ربما كان أبرزها وأشهرها علم السجلات الصحية الإلكترونية ونظم معلومات المستشفيات المتكاملة , التي تمثل قوة محورية تصب فيها وتنشق عنها قنوات عديدة من المعلومات المرتبطة بتقديم الرعاية الصحية للمريض , محور كل أنشطة الطب والرعاية الصحية.

وتتعدد أسباب تطوير نظم المعلومات الصحية ولكن أهمها يكمن في قدرة الكمبيوتر وبرمجياته على تخزين ومعالجة واستعادة مختلف أنواع المعلومات الطبية التي تمثل أهم ركائز الرعاية الصحية , حيث ترتبط كل أنشطة الرعاية الصحية الفنية بمدى توفر المعلومات الدقيقة عن المريض , سواء كانت معلومات شخصية , أو معلومات حول تشخيص مرضه , أو معلومات حول نتائج التحاليل والفحوصات الطبية , أو معلومات حول العلاج وبرنامجه المقرر ومدى استجابة المريض لهذا العلاج و من ثم دعم الأبحاث الطبية. كما ترتبط أنشطة الرعاية الصحية الإدارية أيضا بمدى توفر معلومات دقيقة حول الإحصائيات الطبية المختلفة كأعداد المرضى الذين تم علاجهم , ونسب نجاح العلاج , واستجابة المرضى لنظم علاج جديدة أو برامج رعاية متطورة , أو حساب تكاليف تشغيل الخدمات وربحيتها وقدرتها على الاستمرار والتطور ومن ثم توجيه الاستثمارات المادية في اتجاهها الصحيح الذي يحقق أفضل استفادة للمؤسسات الطبية وللمجتمع من حولها. ومن خلال هذه الأنشطة والمعلومات يصبح في الإمكان معرفة نقاط القوة و الضعف في نظم الرعاية الصحية , ومن ثم يتمكن المسؤولون عنها من تطويرها بشكل مستمر , سواء على مستوى المؤسسة أو على مستوى الدولة.

يضم علم المعلوماتية الصحية , العديد من المجالات الأخرى التي تخدم عمليات الرعاية الصحية بشكل مباشر وغير مباشر ايضا , فيشتمل على علوم دعم اتخاذ القرار الطبي , ونظم تخزين واستعادة المعلومات الصحية من أبحاث ومنشورات ومراجع على الشبكات الإلكترونية , ونظم الترميز الدولية الخاصة بالتشخيصات والأمراض والإجراءات الطبية والعمليات والأدوية والمستهلكات , ونظم مراقبة المريض داخل الرعاية المركزة والنظم المميكنة , ونظم التصوير الطبية من أشعات ومناظير تشخيصية , ونظم الطب والرعاية الصحية عن بعد , بالإضافة الى دور الحاسبات الآلية في التعليم الطبي وفي الحسابات والإحصائيات الصحية.


إنشاء وتطوير نظم معلومات المستشفيات

تعتبر نظم معلومات المستشفيات أحد أهم البرمجيات المتطورة التي تخدم بشكل مباشر كل أنشطة الرعاية الصحية الفنية منها والإدارية , بما يضمن للمؤسسة الطبية السيطرة الكاملة على كل أنشطتها ومواردها , ولا يعتمد نجاح هذه الأنظمة المتطورة على الاختيار الدقيق للمعدات والبرمجيات الخاصة بتخزين ومعالجة واستعادة المعلومات فحسب , وانما يعتمد نجاحها بشكل أكبر على مدى ملائمتها لمختلف المستخدمين – من مقدمي الرعاية الصحية من أطباء وتمريض وفنيين وحتى الإداريين – حيث تختلف رؤية وأولويات كل فئة من هذه الفئات وتختلف احتياجاتهم للمعلومات وكيفية استفادة كل منهم من هذه الأنظمة. لهذه الأسباب المنطقية , أصبح من الضروري بل ومن المحتم على شركات وموزودي نظم معلومات المستشفيات دراسة احتياجات وأولويات فئات المستخدمين المتنوعة , ومن ثم خلق نوع من أنواع التوافق والتوازن بين وظائف نظم المعلومات المقدمة وبين احتياجات المستخدمين حتى تخرج الينا هذه النظم بصورة فعالة قادرة على تلبية الاحتياجات وملائمة كل المسؤليات والمهام المتعددة.