يجيب عليها المستشار والخبير الإداري عبدالله بن عبداللطيف العقيل
* إلى أي مدى يمكنك اعتبار الامتيازات العينية (مثل المواصلات المجانية والتأمين الصحي الشامل) تعويضاً ملائماً عن أجر متدن ؟
هذا سؤال لا يمكننا أبداً الإجابة عنه نيابه عنك. أنت وحدك الذي يستطيع أن يقرر إلى أي مدى أنت في الوقت الراهن بحاجة ماسة إلى المال. ولكن هناك قاعدة ذهبية عليك أن تضعها في ذهنك: إن الوظائف الأفضل والأكثر جاذبية، وخاصة بالنسبة للموظفين الخبراء، هي الأكثر تركيزاً على الجوانب العينية منها على الراتب، وذلك لأن مستويات الأجور المقررة لمثل تلك الوظائف تكون مرتفعة أصلاً وبالتالي فإن أي زيادة إضافية في الأجر لن تكون مغرية بقدر ما ستكون الامتيازات العينية مغرية. وعلاوة على ذلك، فإن الزيادات في الأجر تخضع دائماً للضرائب ذات المعدلات المتصاعدة، على عكس المزايا العينية.
* أثناء مفاوضات التوظيف والمقابلات الشخصية، هل صحيح أن محاوري الشركة يتقدمون دائماً بعرض رواتب متدنية في حين يتقدم الباحثون عن عمل دائماً بطلبات أعلى؟
ليس دائماً! فهناك العديد من الشركات التي تنتهج سياسة دفع رواتب أعلى من المتوسط السائد في السوق (وذلك لجذب أفضل الكفاءات البشرية المتاحة والاحتفاظ بهم وتحفيزهم)، وهناك في الوقت نفسه العديد من الباحثين عن وظائف الذين لا يتمتعون بثقة كبيرة في أنفسهم وقدراتهم أو الذين لا يرغبون في خسارة الوظائف التي يتقدمون لشغلها لأي سبب كان (وهم في الغالب من يعانون ظروفاً مادية صعبة عند تاريخ المقابلة).
* ما هي الخطوات التي يجب عليك القيام بها قبل الرد على أي سؤال متعلق بالأجر أو الراتب الذي تتوقع أو تطلب الحصول عليه؟
عليك أن تكون مستعداً بشكل جيد وألا تتفاجئ عند سماع السؤال المتعلق بالراتب المتوقع. وتحديداً، فإنه يجب عليك قبل أي شيء أن:
- تتعرف على متوسط الأجور التي تدفعها الشركات الأخرى (المشابهة والمحيطة) للموظفين الذين يؤدون نفس المهام التي ستؤديها أنت إن نلت الوظيفة.
- تتعرف على متوسط الأجور الذي تدفعه الشركة التي أنت بصدد التوظف لديها وعلى سياسة الأجور الإجمالية التي تطبقها الشركة وسواء أكانت أعلى من متوسط السوق أو أدنى منه أو في مستواه بالضبط.
- تتعرف على البدائل الأخرى المحتملة أو المفتوحة أمامك في حالة عدم فوزك بتلك الوظيفة.
- تتعرف على حزمة التعويضات المتكاملة التي قد تحصل عليها من الشركة، فأمور مثل الإجازات المدفوعة الأجر والرحلات المجانية والتأمين الصحي الشامل والمواصلات المجانية ودوريات العمل المرنة وما إلى ذلك هي كلها من عناصر التعويض التي لا تقل أهمية عن الراتب النقدي الذي قد تحصل عليه في النهاية.
- تتعرف بالتفصيل على طبيعة العمل الذي ستؤديه إن فزت بالوظيفة ومدى صعوبته وخطورته.
- تصر على أن يستخدم محاورك أو مقيمك معايير التقييم الموضوعية الملموسة والبعيدة عن الشخصانية والأحكام المتحيزة.
- تتسم بدرجة عالية من المرونة والتفهم. فأصحاب العمل مستعدون في أغلب الأحيان لتعويض الموظفين في المستقبل عن أي ظلم ربما يكونون قد أوقعوه عليهم في الماضي. وتذكر أن المثل الفرنسي يقول: "صاحب العمل لا ينسى أي شيء أبداً".
*هل تنصحني بالمبالغة في قيمة الأجر الذي أحصل عليه في وظيفتي الحالية أو الذي كنت أحصل عليه في وظيفتي السابقة؟
* لا أنصحك بذلك أبداً!! تأكد أن محاورك لديه العديد من الأساليب التي يستطيع التأكد بها إن آجلاً أو عاجلاً من عدم صحة كلامك، وحينئذ قد تفقد كل شيء.
لقد أردنا، عزيزي القارئ، لفت نظرك إلى أن عملية التفاوض على تحديد الأجر المناسب لك هي عملية ليست بالسهولة ولا بالصعوبة التي يتصورها معظم الناس، وإنما هي ببساطة عملية بوسعك تحقيق نجاح كبير فيها إن كنت مستعداً لخوضها استعداداً جيداً. ويبقى أن نؤكد في النهاية أن العبرة في نجاحك أو فشلك في نيل الوظيفة التي تحلم بها تتعلق أولاً وأخيراً بمهاراتك ومؤهلاتك وقدراتك وخبراتك، فإن كنت واثقاً من تحليك بمستويات عالية ومتميزة في كل تلك المجالات، فيمكننا إذن أن نجزم بأن نجاحك في اجتياز اختبار التفاوض على الراتب سيكون أمراً مفروغاً منه، فالسلعة الجيدة هي خير دعاية عن نفسها.