هنالك صورتان مختلطتان لمنصب ''مدير مؤقت''، حيث ينظر إليه البعض على أساس أنه تنفيذي فائض عن الحاجة، وفي طريقه للتقاعد المبكر، بينما ينظر إليه آخرون على أساس أنه مدير محترف قادر على الحل السريع للمشكلات. وأما المديرون المؤقتون أنفسهم، فيدعون أنهم سادة إتقان حل المشكلات، حيث يحطون بمظلاتهم على النقاط التجارية الساخنة لتطبيق السياسات الداخلية، وإعادة هيكلة شركة معتلة، أو البدء في مغامرة عمل جديدة. ولدى انتهائهم من عملهم، فإنهم ينتقلون إلى عميل آخر.
تحولت الإدارة المؤقتة في المملكة المتحدة من صناعة صغيرة منذ 20 عاماً إلى قطاع يولد أتعاباً سنوية تصل إلى مليار جنيه استرليني (1.5 مليار دولار أمريكي، أو 1.2 مليار يورو). وأما الأسواق الأخرى التي كان الطلب على المديرين المؤقتين يتزايد فيها، فتضم ألمانيا، والدول الإسكندنافية، بينما كان استخدام المديرين المؤقتين في الولايات المتحدة (رغم أن هذا المصطلح لا يستخدم في الغالب) منذ فترة طويلة دعامة لمعرفة كيفية العمل في الشركات.
هنالك نظرية وراء هذه الزيادة في الطلب تفيد بأن الموجات المتكررة من الاستغناء عن الموظفين الزائدين عملت على تفريغ المنظمات، وفرّخت نهجاً يقوم على الإنجاز في الوقت المناسب لتكليف جهات خارجية بإنجاز أعمال وخدمات كان يتم إنجازها داخلياً.
يقول نيك روبسون، الرئيس التنفيذي لشركة آليوم بارتنرز لتوظيف المديرين المؤقتين: ''أخفقت المنظمات في تدريب، وتطوير موظفيها''، وأضاف أن المنظمات اضطرت إلى إعادة الهيكلة لكي تتمكن من أن تصبح ''أخف حركة''. وينتقد إيان دايسون، مدير تقنية المعلومات في مجموعة كو- أوبراتيف جروب، هذا التوجه السائد بين أصحاب العمل الذين ''يجلبون المهارات، ثم يشحنونها إلى الخارج''. ومع ذلك، فإنه يعتقد أنه حين يتم استخدام هذا الأسلوب بصورة صحيحة، فإن بإمكان المديرين المؤقتين أداء مهام مفيدة. وإذا أعطي المدير المؤقت مهمة تدريب موظف موجود في الشركة، فإن وجود مثل هؤلاء المديرين يمكنه بالفعل أن يضيف إلى حجم المعرفة في الشركة.
قام دايسون في العام الماضي بتوظيف مدير مؤقت هو كريس بروكر، وذلك عن طريق شركة آليوم بارتنرز، لإدخال تقنيات جديدة في الشركة الخاصة بالرعاية الصحية لدى مجموعة كو- أوبراتيف جروب. وكان يمكن للعثور على مرشح دائم لديه معرفة بشؤون الدواء، وتقنية المعلومات، أن يستغرق عدة أشهر. ولكن توظيف مدير مؤقت جعله يحصل على مدير مؤهل ''خلال أسابيع''.
يقول روبسون إن هنالك زيادة في ''استخدام أصحاب العمل للمديرين المؤقتين استراتيجياً من أجل دخول أسواق جديدة، وإطلاق منتجات، وإحكام السيطرة على الاندماجات، والاستحواذات''.
هل من الأفضل التوظيف من خلال شركات التوظيف أو القيام بذلك بنفسك؟ يفضل مارك بيرتراند، مدير الموارد البشرية في شركة تراماك بيلدينج برودكتس، اللجوء إلى الوكالات المختصة، لزيادة وجوده وفعاليته في الأسواق المفتوحة. ويقول إن بإمكانه رفع سماعة الهاتف وطلب بديل للمدير المؤقت إذا لم يكن قادراً على إحداث الأثر المطلوب. ويضيف ''اللجوء إلى الوكالات المختصة يقلل المخاطر''. ومع ذلك، فإنه نهجه ليس نمطاً منتشراً، إذ إن معظم الشركات يوظف من خلال التوصيات الشخصية، أو على الإنترنت عبر الشبكات المحترفة.
يقول ريتشارد إيستموند، مدير الموارد البشرية الذي استخدام مديرين مؤقتين حين كان يعمل في السابق لدى شركة سي بي إس آوتدور إنترناشونال: ''الوكالات تقدم مقياساً لضمان الجودة. ولكن إذا كانت لديك شبكة جديدة، فمن المفترض أن تكون قادراً على العثور على شخص بقدرات مناسبة، دون أن تتحمل التكاليف المرتفعة الناجمة عن اللجوء إلى الوكالات''. مع ذلك، فإن توظيف شخص ذي كفاءات إنجازية يمثل نصف المعركة. ولكي يتمكن المديرون المؤقتون من الدخول إلى المنظمة، والإحاطة بالوضع القائم فيها، وتغيير الأمور نحو الأفضل، فإن عليهم أن يكونوا قادرين على تفصيل مهاراتهم على متطلبات بيئة عملهم الجديد، على أن يتم ذلك سريعاً.
اكتشفت آدم كنج، وشريكها في الشركة، جاك آلين، أهمية ''الملاءمة الثقافية''، وذلك بطريقة شاقة حين وظّفا مديراً مؤقتاً لجلب وتطبيق أنظمة إدارة جديدة لشركتهما المشهورة في عالم الخياطة، ''كنج آند آلين''.
يقول كنج في هذا الصدد: ''اعتقدنا أننا وظّفنا شخصاً يمكننا أن نتعلم منه. ولكنه لم يكن قادراً على تكييف خبرته التي اكتسبها في شركات كبرى، مع متطلباتنا''. ومن أمثلة ذلك إصرار هذا المدير المؤقت على إيجاد ساعات عمل ثابتة وملتزم بها للموظفين، وهو أمر يختلف تماماً عما اعتادته الشركة من العمل بصورة مرنة بما يتناسب مع برامج عمل زبائنها.
يعمل مثل هذه القصص على تدمير سمعة قطاع متحمس لترسيخ وضعه المهني المحترف. ووفقاً لما يقوله روبسون، فإن ''أكبر تحدٍ'' يواجهه القطاع هو جعل الناس يقدرون أن الإدارة المؤقتة خيار مسيرة عمل مقصود، وأن لها قائمتها الفريدة من المهارات، وليست كما ينظر إليها البعض عملية إشغال لتنفيذيين يجدون نفسهم بين الوظائف. وإن عدم اليقين بخصوص المكانة التي يحتلها المديرون المؤقتون في النظام التسلسلي للمهن يؤثر على ما يمكن أن يتقاضاه نجوم هذه الصناعة من أتعاب مقابل خدماتهم. وبينما يتلقى المستشارون الإداريون أكثر من ستة آلاف جنيه استرليني في اليوم مقابل التحليل، والاستشارات، فإن المديرين المؤقتين الذين يعيدون عملاءهم إلى الوضع السليم نادراً ما يتلقون أكثر من 2.500 جنيه استرليني في اليوم. وإذا نزلنا على سلم السلسلة الغذائية، فإننا نجد أن مديراً مؤقتاً متمرساً ومسؤولاً عن مشروع تقنية معلومات كبير، أو تحويل اتجاه نشاط شركة، يمكن أن يأمل في الحصول على ما يراوح بين 400 – 800 جنيه استرليني يومياً.
إحدى وسائل وظيفة ما في الارتقاء بصورتها هي أن تطلق على نفسها وصف المهنة، وأن تطلب من ممارسيها اتباع مواثيق الممارسة، وإجراء الاختبارات. وقد كوّن هذا القطاع في العام الماضي هيئة عضوية هي معهد اتحاد الإدارة المؤقتة، وذلك لدعم معايير هذه الصناعة، وتطوير نظام اعتماد مهني. ولكن هل يؤدي ادعاء المهنية إلى الحصول على مكاسب تجارية؟
يعتقد كريس ماكينا، من مركز نوفاك دروس لشركات الخدمات المحترفة في كلية سايد لإدارة الأعمال في جامعة أكسفورد، أن بإمكان مزودي المديرين المؤقتين الارتقاء بسمعة هذه الصناعة من خلال انتقاء، واختيار من يعينونهم في سجلاتهم. غير أنه يتساءل ما إذا كان الاعتماد المهني يحدث مثل هذا الأثر والانطباع على الزبائن. وكما يشير إليه، فإن المحركين والمنشطين في قطاع الأعمال ينالون الإعجاب مقابل الإدارة الخلاّقة، وليس مقابل إشارتهم على مربعات الكفاءة والقدرة. ''فنحن لا نقول لبيل جيتس: إنك لا تستطيع إدارة شركة مايكروسوفت لأنك لم تكمل سنواتك الجامعية''.
أدى الانكماش إلى جعل معالجة أزمة هوية الإدارة المؤقتة أشد إلحاحاً. وبينما قلصت الشركات وظائف الإدارة المؤقتة، فإن مؤيدي هذه الإدارة يتوقعون أن هذه النكسة التي جاءت بعد عقدين من النمو، ستكون مؤقتة. وهم يجادلون بأن الاتجاه طويل الأجل هو أن تستمر تجارب الشركات، وتتعمق في أسواق جديدة، وتتبنى هياكل إدارية أكثر مرونة وكفاءة، الأمر الذي يصب في صالح مزيد من إسناد مهام الإدارة المؤقتة.
هل تستطيع الإدارة المؤقتة اجتذاب، والاحتفاظ بالأفراد ذوي الجودة العالية الذين تحتاجهم لتنفيذ خططها الطموحة؟ يعتقد إيستموند أن الطريق سوف يكون وعراً. ويقول إنه في ظل عدم اليقين في الأسواق في أيامنا هذه ''فإن معظم المديرين المؤقتين منفتحون تماماً على الوظائف الدائمة''، حتى لو لم يقولوا ذلك علناً.
خبرة مجموعة كو- أوبراتيف جروب تؤيد وجهة نظر إيستموند بأن الانكماش قلل من الإقبال على مسيرات عمل ذوي المناصب المؤقتة. وتخلت هذه الشركة في أوائل هذا العام عن المدير المؤقت، بروكر، ورحبت به في اليوم التالي كعضو في فريق إدارتها الدائم. ويقول دايسون ''كانت حالة تجربة قبل الشراء''.
يبدو أن إقناع المديرين المحلقين عالياً باتخاذ مسيرات عمل إداري مؤقت، من جانب، وإقناع أصحاب العمل من جانب آخر، بأن الإدارة المؤقتة هي الوسيلة المقبلة، ستشغل هذه الصناعة لسنوات مقبلة.

بقلم: أليسيا كليج