نشرت وزارة العمل الأمريكية مؤخراً تقريراً تنبؤياً ألقى الضوء على توقعات إدارة البحوث التشغيلية واتجاهات التوظيف بالوزارة بخصوص أكثر الوظائف المتوقع نمواً وازدهار الطلب عليها بداية من العام الجاري وحتى نهاية العام 2011م، وذلك في ضوء دراسة شاملة أجرتها الإدارة تضمنت العديد من الأساليب البحثية بما في ذلك التنبؤات الأحصائية وعمليات المحاكاة التنبؤية بواسطة الحاسب الآلي، فضلاً عن آراء وتوقعات عدد من أربز الخبراء في مجالات التوظيف والاستقطاب المختلفة. وقد نشرت الوزارة الملخص التنفيذي للتقرير مؤخراً على موقعها الالكتروني، كما وزعته وكالة أنباء CBS وموقع Employment Spot الالكتروني، وتناول التقرير الوظائف المتوقع لها أن تكون الأكثر نمواً على مدى الأعوام الأربعة القادمة ليس فقط على مستوى الولايات المتحدة وإنما على مستوى العالم ككل، حيث تم إعداد التقرير بالتنسيق مع وزارات العمل بعدد من دول العالم وكذلك مع الإدارات المعنية بالتشغيل والتوظيف في عدد من المنظمات الدولية البارزة المعنية بشؤون العمالة مثل منظمة العمل الدولية. ولكن بطبيعة الحال، فقد ركز التقرير على اتجاهات التوظيف والاستقطاب المتوقعة في الولايات المتحدة بالمقام الأول.
ومن أبرز مجالات التوظيف التي تنبأ لها التقرير أن تكون الأعلى نمواً والأكثر ازدهاراً خلال الفترة الزمنية التي يغطيها هي:

1- مجال الحاسب الآلي وخدمات معالجة البيانات: فكل الوظائف ذات الصلة الباشرة بالحاسب الآلي مرشحة للنمو بشكل لافت خلال الأعوام القليلة المقبلة، أو بالأحرى فإنها مرشحة للاستمرار في النمو بمعدلات مرتفعة على أساس أن معدلات الطلب عليها تحقق الآن ومنذ فترة طويلة نسبياً نمواً ملحوظاً ومطرداً. وسواء أكنا نتحدث عن الوظائف المتعلقة بالبرمجة أو بتصميم وتحليل النظم أو بإدارة قواعد البيانات أو بتصميم وحماية الشبكات أو حتى تلك المتعلقة بإدخال ومراجعة البيانات الكترونياً، فإننا بصدد معدلات نمو متوقع لها أن تكون مرتفعة بشكل لافت. وإذا شئنا الحديث بمزيد من التحديد، فإننا نشير إلى أن التقرير توقع للوظائف في مجالات الحاسب الآلي ونظم المعلومات المختلفة أن تحقق خلال العام الجاري وحده معدل نمو اجمالياً يتجاوز حاجز ال 117%، وهو بالمناسبة تقريباً نفس معدل النمو الذي توقعته مجل "كمبيوتر وورلد" المرموقة في تقريرها السنوي المتضمن في عددها الصادر في ديسمبر 2007م.
2- مجال الخدمات الصحية: يشير التقرير إلى أن مجال خدمات الرعاية الصحية على مستوى العالم أجمع، ولا يسيما على مستوى الدول المتقدمة، يحقق معدلات نمو توظيفي هائلة سواء فيما يتعلق بالأطباء أو بأعضاء فرق التمريض والرعاية الصحية قبل وبعد إجراء العمليات الجراحية.
3- مجال الرعاية المنزلية للمسنين: وكما يمكن التوقع من الوهلة الأولى، فإن معدل النمو المتوقع للوظائف في هذا المجال سيكون في الدول المتقدمة أعلى منه بوضوح في الدول النامية، حيث أن معدلات الدخل ومستويات المعيشة المرتفعة للغاية في الدول المتقدمة أفرزت فئة كبيرة من المواطنين المسنين في تلك الدول، وهي فئة غالباً ما يتمتع أفرادها بقدرات اقتصادية كبيرة وبقوة شرائية لا يمكن أغفالها وذلك نظراً لاعتماد أعضاء تلك الفئة على مدخراتهم الهائلة السابقة.
4- مجال الاستشارات والمساعدات القانونية: فالطلب الاجمالي على تعيين المحامين والمستشارين القانونيين اليوم هو كبير بالفعل وفي حالة نمو مستمر، وذلك سواء على مستوى المستشارين القانونيين للأشخاص أو للشركات، وعلى ما يبدو، فإن تعقد أوجه حياتنا المعاصرة أفرز حاجة متنامية إلى الاستعانة المتواصلة بسند قانوني يمكن الرجوع إليه في المواقف التي يستشعر المرء فيها أن جوانب ما قد تكون خافية عليه في الوقت الراهن وأن انعكاساتها وآثارها القانونية المستقبلية قد تكون من الخطورة بمكان بحيث يستحيل تجاهلها.
5- مجال التوظيف الخدمية المؤقتة: حيث يشير التقرير إلى نمو ذوي معدلات مرتفعة لمستوى الطلب العالمي على الوظائف المؤقتة أو الوظائف بنظام نصف الوقت ذات الطابع الخدمي، وذلك في مجالات توظيفية متنوعة تشمل المبيعات والرعاية الصحية وادخال البيانات الكترونياً والتحصيل والحراسة والخدمات المعاونة وغيرها من الوظائف الخدمية التي لا تحتاج مهارات عالية.
6- مجال الوظائف المرتبطة بالأوراق المالية: فالتقرير يشير إلى أن معدلات النمو المتوقعة للطلب على سماسرة الأوراق المالية (من سهم وسندات) على مستوى العالم على مدى الأعوام الأربعة المقبلة ستتراوح بين 25% و30% سنوياً، ما يجعل ذلك المجال التوظيفي واحداً من أبرز مجالات التوظيف من حيث فرص التوسع والنمو المستقبلي المحتملة. وفي الوقت نفسه، فإن التقرير يلفت إلى أن الطلب الإجمالي على تعيين المحللين الفنيين للأسواق المالية (البورصات) وللأوراق المالية (الأسهم والسندات) سيحقق على مدى الأعوام القليلة المقبلة معدلات نمو لافتة، الأمر الذي يمكن إرجاعه إلى تنامي معدلات استثمار صغار المستثمرين لأموالهم في البورصات المحلية والعالمية.

مسئولي الحاسبات ومهندسي نظم المعلومات هم اكثر المطلوبون للعمل في العام حتى 2011


ومن مجالات التوظيف الأخرى التي توقع لها التقرير نمواً ملحوظاً على مدى الأعوام القليلة المقبلة، ولا سيما على مستوى الولايات المتحدة، مجالات مثل: خبراء المتاحف والمزارات السياحية، والمرشدين السياحيين، خبراء تنسيق الحدائق والمتنزهات، علماء البيئة والنبات والحيوان، وأطباء الأسرة ومستشاري تنظيم النسل.
وعل صعيد متصل، فقد نشرت مجلة "بيزنس ويك" مؤخراً تقريراً تناول الوظائف العشر التي يعاني العالم من أكبر عجز ممكن في أعداد الأشخاص المؤهلين والقادرين على القيام بها. وكان ترتيب تلك الوظائف النادرة أو "الشحيحة" وفقاً لتقييم المجلة كما يلي:
1- وظائف مندوبي وممثلي المبيعات (وخاصة في الدول المتقدمة).
2- وظائف الأعمال الكهربائية وأعمال السباكة والصرف الصحي (وخاصة في الدول المتقدمة، حيث يترفع كثيرون عن العمل بمثل تلك المهن).
3- وظائف الخدمات المعملية (موظفي إجراء التجارب وموظفي صيانة المعدات والأدوات المعملية).
4- الوظائف الهندسية (وخاصة مهندسي الميكانيكا ومهندسي الكهرباء البحتة).
5- وظائف التحليل المالي للأسواق والأوراق المالية.
6- الوظائف المحاسبية ووظائف خبراء الإدارة المالية.
7- وظائف العمالة الصناعية المدربة (مثل موظفي مراقبة وتوكيد الجودة، وموظفي الدعم الفني وعمال الصيانة المهرة).
8- وظائف سائقي سيارات الأجرة والشاحنات والحافلات العامة ووسائل النقل العام ككل (ومرة أخرى نجد العجز في مثل تلك الوظائف أعلى بوضوح في الدول التقدمة منه في الدول النامية).
9- وظائف مديري الإدارة العليا (مثل مديري العموم والرؤساء التنفيذيين).
10- وظائف مشغلي الماكينات والمعدات الصناعية الثقيلة والمتقدمة (كما في مصانع الحديد والصلب).
ومن المفارقات الهامة التي ألقى تقرير مجلة "بيزنس ويك" الضوء عليها أن حالة العجز بالنسبة لعدد كبير من الوظائف المسردوة أعلاه موجود في الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء، بمعنى أن بعض الدول النامية تعاني من نوع عويص من البطالة الهيكلية متمثلاً في ارتفاع معدلات البطالة الإجمالية من ناحية وارتفاع معدلات النقص أو العجز في نوعيات معينة من الموظفين والحرفيين من ناحية أخرى، الأمر الذي يعني أن التدريب الهيكلي أو التحويلي قادر على الإسهام في حل تلك المشكلة وتحقيق نوع من التوازن بين المهارات التي يملكها الراغبون في العمل وبين المهام التي يطلب أصحاب الأعمال من موظيفهم القيام بها.