مستقبل العمل وتوطين الوظائف
في المملكة العربية السعودية
الدكتور / عبد الواحد الحميد
17/10/1422هـ الموافق 1/1/2002م
تقديم :
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
معالي الأخ الدكتور علي النملة وزير العمل والشؤون الاجتماعية ،
الإخوة والأخوات حضور هذه الندوة .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
يسرنا بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة أن نرحب بكم في هذه اللقاءات الشهرية التي دأبت المكتبة على تنظيمها ضمن النشاط الثقافي في كل عام . لقد بدأنا هذه التجربة في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ووجدنا ولله الحمد التشجيع من الأخوة والأخوات على حضور هذه الندوات والمشاركة والتفاعل مع نشاطات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وكذلك ما يهم المجتمع وما يهم الوطن ومناقشة بعض الأمور التي تؤثر في حياتنا الثقافية وحيانا الاجتماعية وغيرها من المجالات التي نجد أن هناك أشخاصًا ولله الحمد ومسؤولين في هذه الدولة بخبراتهم وبما يحملون من علم وخبرة لديهم القدرة على التحدث والمناقشة والحوار في جو هادئ ونافع إن شاء الله .
هذه المكتبة التي تحظى برعاية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز استطاعت أن تمتد خدماتها للرجال والنساء والأطفال . وهذا اللقاء يجمع الأخوة الحضور وكذلك ينقل مباشرة إلى الزميلات في المكتبة النسائية.
وباسمكم جميعًا نرحب بالصديق والأخ الدكتور عبدالواحد الحميد أمين عام مجلس القوى العاملة . أترك الحديث للزميل الدكتور بدر العتيبي لتقديم الدكتور عبدالواحد وإدارة هذا الحوار .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ..
نشكر لسعادة أمين عام مجلس القوى العاملة قبوله الدعوة ونشكر لسعادته الحضور هذا المساء المبارك . الدكتور الحميد أستاذ جامعي كان عضوًا في مجلس الشورى ، يكتب في جريدة الرياض وله كتابات مميزة وهو الآن تبوأ مقعدًا نتوقع إن شاء الله أن يترجم ما يكتبه في الرياض اليومية إلى واقع عملي ملموس وهو أمين عام مجلس القوى العاملة .
سوف نترك لسعادة الدكتور عبدالواحد الخالد الحميد الفرصة وسيتحدث إلينا عن هموم القوى العاملة في المملكة العربية السعودية .
الدكتور عبدالواحد الحميد :
شكرًا جزيلاً للأخوين الكريمين ، معالي الدكتور علي النملة ، سعادة الأستاذ فيصل المعمر ، أصحاب السعادة .. أشكركم على حضوركم وأشكر مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على إتاحة هذه الفرصة للقاء بكم والنقاش معكم حول بعض القضايا التي تتعلق بتوطين الوظائف أو ما يطلق عليها اسم (السعودة) .
عندما نتحدث عن مستقبل العمل وتوطين الوظائف في المملكة العربية السعودية لذلك سوف أركز على بعض ما يمثل تحديات لتوطين الوظائف في المملكة ثم نترك بعض الأمور للمداخلات .
قطعًا قضية توطين الوظائف تقابل الكثير من التحديات والتوظيف عمومًا في أي مكان في العالم هو قضية تلقى الكثير من الجدل وتلقى الكثير من الاهتمام الأكاديمي والاهتمام من قبل صانعي القرار لأنه لا يوجد أي بلد في العالم لا يعاني من البطالة لدرجة أنه أصبح الآن في أدبيات اقتصاديات العمل يعرف التوظيف الكامل أن التشغيل الكامل بأنه تلك الحالة في الاقتصاد عندما يكون معدل البطالة في حدود (5ـ 6%) فهذا يعتبر معدل مقبول ويسمى معدل بطالة طبيعي .
ولكن في المملكة العربية السعودية في الواقع عندما نتحدث عن البطالة ونتحدث عن توطين الوظائف فنحن نتحدث عن حالة لها خصوصية شديدة . عندما نتحدث عن التوطين والسعودة لا ننطلق من منطلق تعصبي أو أننا نتحيز لأنفسنا ونريد الوظائف أن تكون مشغولة بالسعوديين لسبب شكلي فقط ، ولكن لأننا نعاني من مشكلة لها خصوصيتها وهي أننا في بلد يوجد بها عدد هائل من العمالة الوافدة يربو على الخمسة ملايين نسمة ، خمسة ملايين عامل وافد ، مع عائلاتهم يصبح الرقم أكبر يتجاوز سبعة ملايين ، ومع ذلك نجد بعض شرائح المجتمع لا تجد فرصة العمل ، البعض يقفز إلى أن هذه بطالة بالمعنى الكلاسيكي إلى كلمة بطالة وهذا غير صحيح في الواقع .
الوضع في المملكة العربية السعودية يختلف عن هذا جذريًا نحن لا نعاني من كساد الموجود لدينا وهو ببساطة شديدة أن التنمية الاقتصادية التي حدثت في هذا البلد على مدى العقود المنصرمة وتحديدًا منذ عام (1930/1931) عندما بدأ التخطيط للتنمية الاقتصادية بشكل منهجي . الذي حدث أن الاقتصاد مر بتغير هيكلي جذري ، والمقصود به هو أن بعض القطاعات الاقتصادية تنكمش لأنه لم يعد طلب على منتجاتها بفعل التغير وفي المقابل هناك قطاعات تبدأ في التوسع والتمدد لأن إنتاجها أصبح مطلوبًا من الناس .
والملم بالاقتصاد السعودي يعرف أننا منذ (30 ـ 40) سنة كان اقتصادنا يقوم على الزراعة والرعي إلى ما هنالك ، الآن الاقتصاد السعودي يعد من الاقتصادات الحديثة ويختلف اختلافًا كليًا عن الاقتصاد القديم حيث أصبحت البلاد من الدول الصناعية لكثير من المواد الاستهلاكية فضلاً عن تصدير البترول الذي عمل على تغيير اقتصادنا الوطني منذ اكتشافه في بلادنا .
من التغيرات الهيكلية على صعيد الوظائف أن القطاع الحكومي لم يعد بحاجة إلى تلك الأعداد الكبيرة من الموظفين التي كان يحتاج إليها في السابق بعد أن تشبعت الأجهزة الحكومية بالموظفين وأصبح القطاع الخاص هو القطاع الذي ينبغي أن يستقطب المزيد من العمالة . وبلغة الأرقام نجد أن القطاع الحكومي يستوعب (13%) من القوى العاملة بينما البقية هم في القطاع الخاص وهذا يبين أن القطاع الخاص هو الذي يقود التنمية بشكل كبير.
أقول إن هذا الواقع أوجد ما يعرف بالبطالة الهيكلية وهي حالة تعني وجود وظائف لا يقابلها مهارات لكي تشغلها وفي الوقت نفسه يوجد طالبون للعمل ولكنهم يفتقرون للوظائف إلى المهارات التي تمكنهم من العمل في وظائف معينة .
ففي المملكة العربية السعودية لو أن جميع أفراد العمل السعودية شغلوا كل الوظائف المتاحة لبقي عجزًا في سوق العمل لأن سوق العمل يستوعب أكثر من قوة العمل السعودية، قوة العمل السعودية تزيد عن ثلاثة ملايين بقليل بينما لدينا من العمالة الوافدة أكثر من خمسة ملايين ، ونحن نعتبر أن كل وظيفة يشغلها عامل وافد غير سعودي هي وظيفة شاغرة لأنه ينبغي أن يكون هناك إحلال للسعوديين عندما يكون السعودي مهيأ لشغل تلك الوظيفة .
هذا الواقع الفريد يتطلب سياسات تختلف عن السياسات الموجودة في الكتب للتعامل مع البطالة ، إذًا نحن أمام تحديات تختلف عن تلك التحديات التي موجودة في بعض الأمكنة الأخرى ، وأحد هذه التحديات كما قلت هو التغير الهيكلي الذي مر به الاقتصاد السعودي ، أيضًا يضاف إلى هذا الأمر أن المملكة العربية السعودية في بداية ما يسمى بالطفرة الاقتصادية وجدت أن من الضروري استقدام عمالة بأعداد كبيرة للوفاء باحتياجات السوق السعودي لأن البلد كانت منهمكة في إقامة البنى التحتية وإقامة مشروعات كبيرة التي لم يكن بوسع القوى العاملة السعودية في ذلك الوقت أن تقوم بها فبدأ الاستقدام على أنه حالة مؤقتة لكن الذي حدث أنه استمر الاستقدام مما زاد عن حاجة الاقتصاد .
وهذا انعكس بطبيعة الحال على سوق العمل فأصبح سوق العمل السعودي يكاد أن يكون فريدًا من نوعه فمن جهة نجد أن الطلب على العمالة هو طلب يعكس الحاجة المحلية للسلع والخدمات أو ما يسمى بلغة الاقتصاد (منحنى الطلب) بينما (منحنى العرض) هو مشتق من أسواق العمل الموجودة في كل أنحاء العالم .
فمن ضمن التحديات والمعوقات التي تواجه توطين العمالة والسعودة هو ما يتعلق بإنتاجية العامل السعودي وسلوكيات العمل من انضباط وغيره فكثير من رجال الأعمال السعوديين يشتكون من العامل السعودي بأنه قليل الإنتاج وكذلك قليل الانضباط بالنسبة للعامل الوافد غير السعودي وبالمقابل فإن أجر العامل السعودي أكبر من العامل غير السعودي . فالقطاع الخاص لكي يستمر في عمله ويدير عجلة الإنتاج لابد له أن يربح ولكي يربح لابد أن يكون العائد من إنتاجية العامل أكبر من أجره ، وما يحدث أن إنتاجية العامل السعودي بكل أسف ليست بالمستوى المطلوب .
ولكن بشكل عام نستطيع أن نقول إن هذه النظرة التعميمية لا تنطوي على قدر كبير من الدقة ، نعم هناك إشكال في سلوكيات العامل السعودي من الانضباط وقلة الإنتاجية لكن الدراسات الحديثة تثبت بأنه إذا ما توفر بيئة العمل الجيدة والمناسبة كما هو موجود في المنشآت الكبيرة مثل شركة آرامكو وشركة سابك وغيرها من الشركات العملاقة نجد أن العامل السعودي تكون إنتاجيته لا تقل عن إنتاجية العامل غير السعودي إذ لم تكن تضاهيه. طبعًا هناك سياسات يجب أن تتبع للتعامل مع ظروف الإنتاجية وهذه السياسات تتعلق بتدريب وتأهيل العامل السعودي بما يسمى التدريب على رأس العمل لتكون عنده جاهزية من الناحية البدنية والنفسية للاستمرار في العمل وزيادة في الإنتاج .
ومن التحديات التي تواجه توطين الوظائف قضية الأجور في حين يشتكي العامل السعودي من انخفاض الأجر المعروض له ، في سوق العمل نجد أن أرباب العمل ورجال الأعمال يعتقدون أن أجر العامل السعودي مرتفع بالقياس إلى العمالة غير السعودية وهناك جدل كبير في هذه المسألة ومطالبة الكثير من الناس بوضع حد أدنى للأجور كما هو موجود في بعض البلدان الأخرى ، طبعًا الحد الأدنى للأجور له إيجابيات بالتأكيد ولكن له سلبيات من ضمنها أنه لو وضعنا حد أدنى للأجور مثلاً بـ (2000) ريال فهناك بعض التخصصات تستحق أكثر من هذا المبلغ مثال يجب أن يكون أجر المهندس أكثر من عامل النظافة .
ومن ضمن التحديات التي تواجه توطين الوظائف السعودية هو عدم ملائمة مخرجات التعليم والتدريب لاحتياجات سوق العمل السعودية ، وهناك جدل فلسفي هل ينبغي أن يكون التعليم أو يصاغ التعليم من قبل وزارة المعارف أو وزارة التعليم العالي ليخرج لنا أناس يقبلهم سوق العمل السعودي أم أن التعليم حقل للإنسان ليتعلم منه ما يشاء بغض النظر عن متطلبات سوق العمل ، شخصيًا أنا ممن يعتقدون أن التعليم ينبغي أن يصاغ في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية بشكل يجعل مخرجات التعليم قادرة على أن تجد عملاً عندما تتجه لسوق العمل طالما أن المؤسسة التعليمية أو الجامعة تصرف مكافأة للطالب وطالما أن المتخرج من الجامعة أو المؤسسة التعليمية يتوقع من المجتمع أن يجد له وظيفة متى اتجه لسوق العمل .
في جامعاتنا حاليًا ما يقارب من (80%) من الطلبة يدرسون في تخصصات نظرية وعلوم إنسانية والعلوم الأدبية مما يصعب على سوق العمل السعودي أن يجد وظائف مناسبة لهذه الأعداد الكبيرة من هذه التخصصات وهذا ينعكس على معدلات البطالة بكل تأكيد .
من التحديات التي تواجه صانعوا القرار عندما يضع في حسبانه مسألة توطين الوظائف قضية أولويات السعودة ، يعني هل نسعود القطاع الصناعي أولاً أو نبدأ بقطاع الخدمات ، أو ما هي الأنشطة التي نبدأ بسعودتها ؟ هناك وجهة نظر تقول إن نبدأ بسعودة القطاع الصناعي لأنه مهم في الاقتصاد الوطني ويجعله منافسًا للاقتصادات الأخرى فإذا ما سعودناه حقق هدفًا وطنيًا كبيرًا . لكن بعض من ينتسبون للقطاع الصناعي يقولون إنكم عندما تسعودون هذا القطاع وتفرضون عمالة سعودية قد لا تكون إنتاجيتها مرتفعة مع ارتفاع أجرها معنى ذلك أنكم تجعلون منا كصناعيين غير قادرين على منافسة السلع الصناعية المستوردة وغير قادرين على منافسة الأسواق الخارجية بينما قطاع الخدمات هو قطاع يتنافس مع بعضه البعض داخل الاقتصاد نفسه ، فإن سعودة قطاع الخدمات لن يسبب مشكلة لأرباب العمل في قطاع الخدمات . وبطبيعة الحال فالقطاع الصناعي لا يشكل سوى (28%) من نسبة الاقتصاد السعودي أي أن عمالته سواء القوى السعودية أو غير السعودية لا تشكل إلا نسبة صغيرة من الاقتصاد السعودي وبالتالي هم يقولون إنك مهما سعودت فأنت بالتالي لن تقضي على المشكلة لأن الغالبية العظمى من العمالة غير السعودية موجودة في المؤسسات الصغيرة أي قطاع الخدمات .
ومن التحديات التي تواجهنا قضية عمل المرأة . في الوقت الحاضر إسهام المرأة السعودية يبلغ نسبة (9%) من قوة العمل وذلك في عام (1422هـ) بل أننا إذا أخذنا نسبة السعوديات العاملات نأخذ هذه النسبة إلى إجمالي عدد السعوديات في سن العمل نجد أن هذه النسبة لا تتجاوز الـ (5%) وهذا لا شك رقم منخفض للغاية . أما نسبة السعوديات ممن يعملن في المنشآت التي يزيد عدد عمالها على (10) عمال فأكثر فالنسبة هي لا تتجاوز (5،2%) من مجموع العمالة السعودية .
من ضمن التحديات التي نواجهها هي المتغيرات العالمية من حولنا والتطور العلمي أو كما يطلق عليها تحديات العولمة . هذه العولمة تفرض علينا عبئًا كبيرًا في مسألة المنافسة خارج أسواقنا بل وبداخلها يعني على المنتج السعودي لكي ينافس في هذه البيئة العالمية الجديدة أن يكون على قدر كبير من الكفاءة وإلا لن يكون بمقدوره المنافسة وهذا يتطلب أن تكون تكاليف الإنتاج منخفضة !! وهل السعودة تزيد من تكاليف الإنتاج؟!!!
أيضًا الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وما يفرضه من التزامات التي تنعكس على عملية السعودة وتوطين الوظائف .
أيها الأخوة إن السياسات والقرارات كثيرة في هذا المجال ولو تأملنا فقط إلى استراتيجية تنمية القوى البشرية التي أصدرها مجلس القوى العاملة في عام (1417هـ) وهي تحتوي على الكثير من الأمور والأهداف التي تساعد على توطين الوظائف والعمل وهي تمتد من عام (1420هـ) إلى عام (1445هـ) وهي تتضمن أهدافًا قصيرة المدى وأهدافًا طويلة المدى وكل هدف من هذه الأهداف يتضمن آليات تحقق هذه الأهداف . وأعتقد أنه إذا أتيح لهذه الاستراتيجية أن توضع موضع التطبيق والتنفيذ فسوف تحل كثيرًا من المشكلات خلال فترة الاستراتيجية بمعنى إذا ما نفذت هذه الاستراتيجية فإن كثيرًا من المشاكل سوف تقل عما نحن عليه الآن .
وأود أن أؤكد على مسألة وهي أن المملكة العربية السعودية فيما يؤكده قادة هذه البلاد وصانعوا القرارات فيها بأن الأوضاع سوف تكون أحسن مما هي عليه الآن بفضل القرارات الحكيمة وأيضًا الفعاليات الثقافية والفكرية .
نحن نقدر الجهد الكبير التي قامت وتقوم به العمالة الوافدة وعندما نتحدث عن السعودة وتوطين الوظائف هذا لا يعني أننا نتحيز ضد العمالة الوافدة ولكن المملكة العربية السعودية بلغت فيها نسبة العمالة الوافدة غير السعودية بحدود (56%) تقريبًا أي بلد في العالم لا أعتقد أنه يقبل بهذه النسبة ولابد أن يسعى إلى إشراك المواطن السعودي في ثمار التنمية وأن يوسع مجالات العمل أمام المواطن السعودي ، يعني إذا ما تحدثنا عن توطين الوظائف فهذا ليس من باب نكران الجميل لإخواننا العرب والمسلمين وتجاه الأصدقاء من غير العرب والمسلمين الذي ساهموا معنا في تنمية هذا البلد ، لكن شبابنا فيهم الخير والبركة وهم قادرون على العمل والإنتاج ودفع عجلة التنمية وتطوير مهاراتهم الفكرية والبدنية لتواكب هذا التطور العالمي .
وشكرًا لكم على حسن استماعكم .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والآن إلى المداخلات وطرح الأسئلة .
المداخلات
مداخلة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الزايدي :
مداخلتي حول ما ذكره الدكتور عبدالواحد من إحصاءات حول وضع المرأة والدعوة في التوسع في عملها كما لوحظ من الخطط والأفكار المطروحة في مجال التوظيف بينما البطالة لدى الرجال أكثر بكثير منها لدى النساء كما بينته جريدة الشرق الأوسط في عددها الصادر في 13/9/1420هـ بتصريح للدكتور حسين الحازمي نائب أمين عام مجلس القوى العالمة أن عدد الرجال العاطلين عن العمل (568) ألف رجل بينما عدد النساء اللواتي لا يعملن (46) ألف امرأة ومن المعلوم أن هناك ارتباطًا كبيرًا بين نسبة الجريمة في المجتمعات ونسبة البطالة ومعلوم أيضًا أن نسبة جريمة المرأة في المجتمعات المحافظة مثل مجتمعنا ولله الحمد أقل بكثير منها في المجتمعات الأخرى والمفترض في نظري في خطط التوظيف الاهتمام بتوظيف الرجال قبل التوسع في عمل المرأة ، وفي نظري أن كل بنت لا ترضى أن يبقى أخوها بدون عمل على أن تحل هي فيه . ونقطة أخيرة تتعلق بالطب وهو مجال عظيم ولا يزال نسبة السعوديين فيه نادرة وقليلة ومع ذلك لا أدري لماذا لا يفكر في افتتاح كليات أهلية للطب ؟!.
إجابة الدكتور عبدالواحد على المداخلة : أود أن أتحدث عن الأرقام التي تساق من حين لآخر عن البطالة ، أحيانًا الصحف تتحدث عن البطالة وفيها كثير من التخمينات والتوقعات لأن النسبة الدقيقة عن البطالة ليست معروفة بشكل دقيق ، والآن نقوم بعمل إحصاءات هي أقرب إلى الدقة عن البطالة في مركز الإحصاءات بالأمانة العامة لمجلس القوى العاملة .
النقطة الثانية وهي أن إيجاد عمل للمرأة ليس بالضرورة يكون على حساب عمل الرجل بل إن هناك أعمالاً كثيرة لا يمكن أن تؤديها إلا النساء ولا زال عليها طلب ، أما قولك هل تقبل الفتاة العمل بينما أخوها أو أبوها في البيت بدون عمل؟ ، يا سيدي الفاضل أحب أن أوضح لك بأن هناك نساء ليس لهن أخ أو أب أو من يعولهن وهن مطلقات أو أرامل ، وليس كل واحدة تجد من يصرف عليها . وأرجو ألا نعتقد بأن الرجل هو أحق من المرأة في الحصول على العمل ، ولذلك أرجو أن نكون كما نحن متحمسون في إيجاد فرص عمل للشباب أن نوجد فرص عمل للنساء ولا يجبر أحد فالسيدة المكتفية بزوجها أو أبوها أو وضعها الجيد فهذا يعود إليها أما من تنشد العمل فهذا من حقها .. وشكرًا .
مداخلة فهد القميز :
ما الخطط المستقبلية لتحقيق السعودة وتوطين الوظائف؟ ولماذا لا يتم تحجيم الاستقدام؟ وأطالب بسعودة الأسواق الكبيرة مثل أسواق البطحاء وأسواق العقارية وغيرها من الأسواق الكبيرة .
مداخلة فايز المرشد:
رجال الأعمال السعوديين والقطاع الخاص لا يقوم بما هو مطلوب منهم والمأمول في دفع عجلة التنمية بل إن هناك بعض رجال الأعمال يوظفون أشخاصًا بالاسم فقط وبالمقابل يدفعون للموظف الوهمي أموالاً مقابل تسجيل اسمه فقط كموظف . وأدعو إلى تفعيل جائزة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز للشركات التي توظف السعوديين ومتابعة تطبيق أنظمتها بكل دقة .
إجابة الدكتور عبدالواحد على سؤالي الأخوين فهد القميز وفايز المرشد: فيما يتعلق بالخطط المستقبلية للسعودة ولماذا لا يتم تحجيم الاستقدام فهذه من ضمن الأشياء أو الأهداف الموجودة في استراتيجية تنمية القوى البشرية بالذات تحجيم الاستقدام وهو الهدف الأول من أهداف الخطة القصيرة المدى وينص على : الحد من العمالة الوافدة وترشيد عملية استقدامها وقصر العمل في بعض المهن والقطاعات على العمالة الوطنية .
أما سعودة الأسواق ، صدر فيها تعميم من صاحب السمو الملكي رئيس مجلس القوى العاملة ويشمل المحلات التي تقل مساحتها عن (40) متر مربع ولكن جعلت مرنة للمناطق حسب إمكانياتها أي بمعنى أن هناك مناطق بدأت فعلاً في تطبيق التعميم وهناك مناطق وضعت مدة محددة للبدء في تنفيذه . وكما نعلم أنه تم سعودة أسواق الخضار وحققت نجاحًا طيبًا ولله الحمد .
أما ما يقوله الأخ فايز بأن رجال الأعمال مقصرون ويسعودون سعودة شكلية فقط يسجلون أسماء كي تزداد نسبة السعودة للحصول على جائزة السعودة أو لتفادي العقوبات التي فرضها القرار رقم (50) الصادر من مجلس الوزراء الذي يطالب بسعودة (5%) سنويًا لكل منشئة أو مؤسسة يزيد عدد العمال فيها على (20) عامل ، أقول نعم قد يكون هذا موجود ولكن في النهاية رجل الأعمال السعودي مواطن ولا يقل وطنية منا ولكن لكل قاعدة استثناء ، وأحب أن أطمئن الجميع بأن الجهات التنفيذية للقرار رقم (50) مهتمة بهذا الموضوع .. وشكرًا .
مداخلة من الأستاذ الدكتور / عبدالرحمن الهيجان:
صار الكلام كله عن المعوقات والتحديات التي تواجه توطين الوظائف أكثر منه عن الحلول وأتمنى أن تعرض البدائل أي نتجاوز مرحلة المعوقات ونعرض البدائل .
النقطة الثانية وهي تحيز في الطرح عندما نتحدث عن السعودة نتحدث عن المدن والشركات وننسى القرى والمناطق الأخرى في المملكة العربية السعودية التي صارت تشكل عمالة وافدة سعودية في الداخل مما تعمل ضغط على المدن .
أيضًا تتكرر سلوكيات العامل السعودي وقلة إنتاجه وقلة انضباطه وننسى بأن لنا تجربة رائدة في التعليم يعني ما كان يخطر ببالنا يوم من الأيام أن التعليم سيكون سعودي وهذه تجربة ناجحة .
ونقطة أخيرة وهي تعدد الجهات المسؤولة عن العمالة وقدم هذه الأنظمة وعدم بلورتها من جديد .. وشكرا .
مداخلة من الأستاذ / محمد بن عبدالعزيز الخميس
صندوق تنمية القوى البشرية وهذا الصندوق ومن أهدافه هو تشجيع أصحاب الأعمال على السعودة وعندي اقتراح وهو أن أصحاب الأعمال أن يدفعون نسبة (20%) للعامل السعودي كاستقطاع للتأمينات الاجتماعية وذلك للرفع من أجر العامل السعودي .. وشكرًا .
مداخلة من الأستاذ / عبدالعزيز العتيبي من معهد الإدارة العامة
أنا تعمدت إلى تأخير مداخلتي لأنها أقرب إلى النقد منها إلى الإشادة . فيما يتعلق بتوطين الوظائف أن الصورة قاتمة في الوقت الراهن كما كانت عليه قبل عشر سنوات وأعتقد أن المشكلة تتفاقم بشكل أسرع مما يتخذ من إجراءات في سبيل معالجتها . ففي التقرير الإحصائي للتأمينات الاجتماعية حوالي (60%) من العاملين غير السعوديين المسجلين على رأس العمل في التأمينات الاجتماعية بأن مرتباتهم أقل من (1500) ريال، فأنا أعتقد بأن هذا الراتب لا يمكن به لأي شخص سعودي أن يستمر في وظيفة دائمة ، لأن العامل غير السعودي يمكنه أن يسكن مع (10) أفراد في غرفة وليس عليه مسؤليات كثيرة بينما العامل السعودي عليه مسؤوليات والتزامات كبيرة ويعول أشخاصًا . وأعتقد أن أمانة مجلس القوى العاملة هي أقرب إلى مركز أبحاث منها إلى مصدر قرارات معينة . هذا ما وددت ذكر .. وشكرًا .
مداخلة من الأستاذ / عبدالله الملفي من وزارة الخدمة المدنية
أعتقد من الأمور التي تساعد على توطين العمل تقنين الوظائف بنوع من التوازن بحيث لا يبالغ في متطلباتها وفق ما يتبع النظام الخاص ولا يقلل من بعض الاعتبارات وبالتالي يخسر صاحب العمل . وفي لجنة تحت مظلة وزارة الخدمة المدنية قبل سنة إلا أنها لقيت مقاومة كبيرة جدًا خصوصًا في بعض الأنشطة وخاصة في المدارس الأهلية فقد اتضح أن الأجور تصل إلى (800) ريال للمدرسة السعودية وأنا أعتقد أنه تقليل من شأن المواطنة والمعلمة . نصادف في الخدمة المدنية هناك وظائف معروفة ومحددة ونتفق مع الجهة الحكومية بأن هذه الوظائف لا توجد إلا عندها بهذه المتطلبات ونرسل المواطن بدل الوافد ونفاجئ بأن يقولوا هذا الشخص غير ملائم للوظيفة لأنهم يقارنون بين خبرة عميقة لشخص جلس على الوظيفة عشر سنوات أو خمس عشرة سنة وبين شخص حديث التخرج .. وشكرًا .
مداخلة الأستاذة / فاطمة محمد:
أطالب بالضغط على المؤسسات الصغيرة وإن حزام الأمان عندما طُبق الناس مشوا فيه فتطبيق السعودة على المؤسسات سيتيح الفرصة ، وأيضًا آلام السعودة تدعونا إلى محاسبة الموظف في المؤسسة العامة أو في المؤسسة الصغيرة وتطرح على أهل التربية والتعليم والتدريب في معهد الإدارة العامة أو المؤسسة العامة للتدريب الفني والمهني بإصاغة مخرجات التعليم والتدريب فيه من آلام السعودة للتأهيل وإعادة التأهيل .
مداخلة الأستاذ / فيصل المعمر :
معالي الدكتور / علي النملة أكرمنا بحضوره هذه الليلة ، والدكتور علي صاحب فضل على هذه المكتبة فهو أستاذ المكتبات قبل أن يتولى هذه المسؤولية أعانه الله عليها، لا نود أن نخرج من اجتماعنا في هذه الليلة بدون ما نسمع كلمة من معاليه بما يدور في ذهنه حول ما تم طرحه ومناقشته ، نتمنى من الدكتور / علي أن يسمعنا بما يساهم به في توطين العمالة السعودية وتحقيق آمالنا إن شاء الله .
الدكتور علي النملة :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلات والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه من ولاه .
إخواني أخواتي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحقيقة أنني جئت مستفيدًا ولا أقول هذا تواضعًا أبدًا لأن المجال الذي نتحدث عنه مجال الجميع ولا أحد يساوم على أن أحدًا منا أكثر إخلاصًا من الآخر وبالتالي لم يكن في ذهني أن آتي معلقًا بالعكس أنا جئت لأستفيد لأني أحترم الطرح الذي طرحه الدكتور عبدالواحد الحميد قبل أن يكون أمينًا عامًا لمجلس القوى العاملة. نحن دائمًا مقصرون في مجاملة إخواننا ولا أعتبر هذه مجاملة للدكتور عبدالواحد .
تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الذي صدر هذه الأيام يقول إن لدينا (67) مليون نسمة أميون على مستوى العالم العربي وهذا العدد يشكل ثلث سكان البلاد العربية باعتبار أن سكان البلاد العربية يصل إلى (190) مليون نسمة .
(15.700.000 ) عاطلون عن العمل وهذا يكون حوالي (14.16%) من حجم القوى العاملة في البلاد العربية الذي يصل إلى (104) مليون شخص أي أن لدينا في الدول العربية حوالي (86) مليون شخص لم يدخلوا في نطاق العمل إما أن يكونوا صغارًا في السن أو أن يكونوا كبارًا في السن كذلك .
وأيضًا هناك حوالي (000.800.7) وافدًا وهذا رقم متواضع جدًا على مستوى الدول العربية لا سيما أننا نقول الآن وقالها الدكتور عبدالواحد إن المملكة العربية السعودية لديها أكثر من (7 )ملايين وافد ًا (5) ملايين يعملون وحوالي مليونين من المرافقين .
تصل تحويلاتهم إلى حوالي (22) مليار دولار سنويًا هذا على مستوى الدول العربية، لكن أقول إن المملكة العربية السعودية في إحصاءاتها تقول إن التحويلات تصل إلى (20) مليار دولار سنويًا ، فلا يعقل أن يكون هناك مليارين فقط على مستوى الدول العربية الأخرى مثل دول الخليج والدول النفطية والدول غير النفطية التي تستقطب عمالة وافدة .
وفي مصر التي تحتل الجزء الأعلى من السكان في الدول العربية لديها عمالة وافدة وهذا شيء عجيب .
إن حديث الدكتور عبدالواحد وإخوانه بمداخلاتهم أنا أردها جميعها في هذا المسلسل الذي نحن نتابعه ونعيشه وهو جزء فاعل ومهم من الوصول إلى رؤية واضحة نحو توطين العمل في المملكة العربية السعودية . وأحب أن أذكر الجميع أن لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها . الأمور ليست مطروحة بالصورة التي ينظر إليها من الخارج يعني هناك معوقات أحيانًا تكون في تقدير بعض إخواننا وزملائنا معوقات تصل إلى مستوى التفاهة لكنها تعطل مشروعات قيمة ومفيدة .
أرجو من إخواني الذين حضروا والذين يتابعون هذه اللقاءات المباركة والطيبة ألا يقللوا من الإمكانات الموجودة نحو الوصول إلى رؤية واضحة على المدى القصير وعلى المدى المتوسط وعلى المدى البعيد وأبشركم أن هناك رجالاً ونساء يعملون ويعملن في هذا المجال بشكل متوازن ومدروس وبعيد عن الإسراع والتخبط والعجلة والوصول إلى أهداف بعيدة المدى قبل الوصول إلى الأهداف قريبة المدى .
طرقت بعض الأمور فيما يتعلق بالإنتاجية وفيما يتعلق بالأجور ومسألة تعميم الحد الأدنى للأجور ، ليس من المعقول أن نجعل أجر أستاذ جامعي أو طبيب أو مهندس كأجر عامل صيانة أو عامل نظافة فهذا أمر غير منطقي . ويجب تخصيص الوظائف قبل تحديد الأجور .
المرأة وعمل المرأة ولدينا أخوات وأنا أفضل أن تتحدث المرأة عن نفسها لأنها أدرى بشأنها ، لكن إذا كان ولابد فإني أؤكد وهو أن المرأة لن تعمل إلا في بيئة نسميها بيئة عمل المرأة ، وتأتينا اعتراضات كثيرة إذا لوحظ دخول العنصر الرجالي على المرأة ، حتى عامل الصيانة وهو رجل لا ينبغي له أن يدخل في مؤسسة نسائية في وقت عمل النساء . فالمرأة اليوم ليست زوجة دائمة وليست بنتًا لرجل ميسور والكل يعرف لدينا أمثال كثيرة من المطلقات والأرامل وممن لا عائل لهن هؤلاء لابد أن يجدن عمل .
الغريب في الأمر أن الذي يخيط للنساء ثيابهن من الرجال ، أليس من الغريب أن يأتي الرجل ويقف في سيارته بينما زوجته واقفة تتخاطب مع الخياط الأجنبي من وراء الحاجز وبلغة غير مفهومة بينما نستطيع أن نجعل من المرأة عاملة مهمة في هذا المجال البسيط فقط . ناهيكم عن مجال التعليم والتطبيب والتمريض فمجالات عمل المرأة واسعة جدًا .
كذلك التركيز على التخصصات النظرية ، أنا متخرج من كلية نظرية وبالتالي سأدافع عن التخصصات النظرية ، لن يستغني أي مجتمع من المجتمعات عن التخصصات النظرية في حال من الأحوال وسنظل بحاجة إليها فكل مجتمع بحاجة إلى الأديب والشاعر والخطيب والقاص والمربي الفاضل وكلها تخصصات نظرية .
نظام العمل الآن حُدث وهو الآن يمر بالقنوات التنظيمية التي تعلمونها وبالتالي هو يطبخ على نار هادئة وفي تركيز على بعض الأشياء من ضمنها مسألة فصل الموظف ومسألة الإنتاجية وبعض المسائل الأخرى . أعتقد أني أطلت عليكم كثيرًا وجاملتموني لكنكم أنتم من طلبتم مني ذلك وكما قلت أنا أتيت لأستفيد وأرجو أني استفدت وأفدت .. وشكرًا
وفي الختام نشكر معالي الدكتور علي النملة على تفضله بهذه الكلمة القيمة وأعتقد بان الوقت قد داهمنا ، كذلك نشكر جميع الأخوة والأخوات الحضور ، ونشكر الأستاذ/ فيصل المعمر ، ونخص بالشكر سعادة الأستاذ / عبدالواحد الحميد أمين عام مجلس القوى العاملة لتفضله بالمشاركة في هذه الندوة المباركة ، نرجو من الله العلي القدير أن يوفقنا جميعًا لما هو خير وصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .