المؤسس الفعلي للتنمية البشرية إذا كان تعريف التنمية البشرية أنها زيادة خبرات وطاقات البشر، وتحفيزهم لاستخدام هذه المهارات في رفد مجتمع الأسرة والعمل، فإن سيدنا وحبيبنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، يعد المؤسس الفعلي للتنمية البشرية... لأن هذا النبي العربي الأمي قد استطاع بوحي من الله العظيم، أن يحرر طاقات العرب بل العالم من براثن الكسل والخمول واللهو واللغو والسهو، فخلال حوالي عقدين فقط من الزمن انهارت على يديه الكريمتين أعتى إمبراطوريات الظلم والظلام والاستبداد (الفرس والروم)

وهكذا فيجب أن يطلق المصطلح الشهير (محرر العبيد) على سيد البشر صلى الله عليه وسلم الذي حرر الناس من عبادة بعضهم، إلى ساحات عبادة ربهم الذي خلقهم ليرحمهم، ثم حررهم من الدنايا والسفاسف إلى المعالي والسؤدد والفخار..

لقد استطاع النبي الكريم أن ينمي البشر من رعاة الغنم ليصبحوا بعد هديه قادة الأمم، عبر نبعين فوارين غزيرين هما كتاب الله الكريم، وسنته، حيث غدت بفضله مكارم الأفعال والأخلاق والنوايا عقيدة مجزية تمنح صاحبها سعادة الدنيا وجنة الآخرة... وما كل هذه الأفكار والكتب والإصدارات التي تتحدث عن علم التنمية البشرية، إلا هوامش على دفتر السنة الشريفة.

حيث نستطيع بكل سهولة ويسر، رد كل مواعظ مدربي التنمية البشرية العرب والغربيين إلى أي كريمة أو حديث شريف، مع فارق ضخم جدا، وهو أن وحي السماء مختصر مفيد محكم متناسق لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، أما أفكار التنمويين فهي مقلدة ينقصها نور الوحي المبهر الذي يهدف إلى: إعادة أبناء آدم إلى الجنة، وقبل إن ندلل على كلامنا، لا يسعنا إلا أن نصلي ونسلم على النبي الأعظم محمد حبيب الحق وسيد الخلق، وأن ندعو منظري التنمية البشرية إلى الذهاب إلى النبع مباشرة.

مع أن محاولاتهم التنموية تستحق منا كل احترام وحب وإعجاب وتقدير، إلا أن كنز القرآن فيه الكثير من قواعد السلوك الاجتماعي والإداري والوظيفي، ويكفي هنا مثال سورة لقمان ومواعظ هذا البيان الرباني الكريم التي سبقت ستيفن ومارك وأنطونيو وماري والفقي، في رسم معالم الإنسان الفالح المتميز المحبوب (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك..) لقمان18 و19.

ويكفي أن نتذكر كلام نبينا المعصوم عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار)، (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، (أطعموا الطعام وافشوا السلام وألينوا الكلام تدخلوا الجنة بسلام)، (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويعطف على صغيرنا)، (إن أعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته)، (إخوانكم خولكم)، (من صنع لكم معروفا فكافئوه)، (استوصوا بالنساء خيرا)، (بشروا ولا تنفروا)، (يسروا ولا تعسروا) فبسبب من انطباق أفعال النبي الكريمة مع أقواله الحكيمة، استطاع أن يؤثر في الآخرين ناقلا إياهم إلى الصدق والأمانة والعدل والإحسان والكرم والشجاعة والتواضع، ثم إلى الإحسان والإتقان والإنجاز والإبداع والاكتشاف.

أحمد طقش