محمد حسنين هيكل أحد أبرز الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين (مواليد 21 سبتمبر 1923) و ربما من الصحفيين العرب القلائل الذين شهدوا و شاركوا في صياغة السياسة العربية خصوصا في دولة تعتبر قلب العالم العربي مثل مصر . حياته الصحفية و السياسية عاصرت عهد الملكية المصرية ثم عهد الثورة بقيادة عبد الناصر حيث أصبح أحد أقرب الصحفيين له ، ثم السادات رغم أنه اختلف معه كثيرا ، و اخيرا أصبح هيكل مراقبا عاما و منظرا أساسيا لنهج الحكومات العربية المتعددة التي ربطته برؤسائها و زعمائها صداقات و علاقات عمل . ويصف بعض المعاديين لهيكل شخصيته بالسادية مع كثرة النسيان وتبديل الاحداث ويرون ان ما يجري في وصف الوقائع التاريخ ناتج عن اصابته بالمرض وليس رغبة بالتزوير.


تاريخه المهنى
التحق بجريدة "الإيجبشيان جازيت" منذ سنة 1942
يقدم حالياعلى قناة الجزيرة برنامج مع هيكل: تجربة حياة الذي يذاع كل خميس في السابعة بتوقيت جرنيتش.


مرحلة "الأهرام"
سنة 1956م/ 1957م عرض عليه مجلس إدارة الأهرام رئاسة مجلسها و رئاسة تحريرها معا، واعتذر في المرة الأولى، وقبل في المرة الثانية، وظل رئيساً لتحرير الأهرام 17 سنة، وفى تلك الفترة وصل الأهرام إلى أن يصبح واحدة من الصحف العشرة الأولى في العالم.
بدأ يكتب مقاله "بصراحة" في الأهرام 1957م، وانتظم ظهور المقال كل أسبوع من 1960 ـ 1974م
رأس محمد حسنين هيكل مجلس إدارة مؤسسةاخبار اليوم(الجريدة و المؤسسةالصحفية) و مجلة روزاليوسف كذلك في مرحلة السيتينات.
كما أنشأ هيكل مجموعة المراكز المتخصصة للأهرام: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ـ مركز الدراسات الصحفية ـ مركز توثيق تاريخ مصر المعاصر
عام 1970م عين وزيراً للإرشاد القومى، ولأن الرئيس جمال عبد الناصر ـ وقد ربطت بينه وبين هيكل صداقة نادرة في التاريخ بين رجل دولة وبين صحفى ـ يعرف تمسكه بمهنة الصحافة، فإن المرسوم الذى عينه وزيراً للإرشاد القومى نص في نفس الوقت على استمراره في عمله الصحفى كرئيساً لتحرير الأهرام.
بعد حرب أكتوبر 1973م اختلف مع الرئيس السادات حول التعامل مع النتائج السياسية لحرب أكتوبر، واتخذ الرئيس قراراً بتعيينه مستشاراً، واعتذر عن قبول المنصب وتفرغ للكتابة، وكان كل ما يكتبه ينشر خارج مصر وهو يعيش داخلها، وكان من نتيجة كتاباته أن اعتقله الرئيس السادات ضمن اعتقالات سبتمبر 1981م.


التنظير السياسى والمؤلفات
عمل هيكل لا يقتصر على العمل الصحفي الاعتيادي المعروف عند الصحافة العربية ، فهو منظر سياسي بارز و مؤرخ للتاريخ العربي الحديث بخاصة تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، فقدرته التحليلية و الاستراتيجية للأحداث مع علاقاته القوية مع الرؤساء و الزعماء السياسيين العرب و الدوليين مكنته من الوصول إلى وثائق و أرشيفات توثيق غاية في الأهمية ، فكان ان بدا بإصدار سلاسل من الكتب السياسية المتميزة باللغة العربية أهمها :

حرب الثلاثين عاما و يشمل أربعة مؤلفات هامة هي :
ملفات السويس
سنوات الغليان
الانفجار 1967
أكتوبر 1973 السلاح و السياسة
خريف الغضب (فترة حكم أنور السادات) (جزءواحد) .
المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل (3 أجزاء)
الإسطورة والإمبراطورية والدولة اليهودية
عواصف الحرب وعواصف السلام
هذه أمريكا
عام من الأزمات 2000-2001
سقوط نظام ،لماذا كانت ثورة يوليو 1952 لازمة
كلام في السياسة
العربي التائه 2001
العروش والجيوش (جزئين)
كذلك إنفجر الصراع في فلسطين
صدمة الجيوش ،قراءة متصلة في يوميات الحرب فلسطين 1948
الأمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق
اعتزل الكنابه المنتظمه والعمل الصحفي في الثالث والعشرين من سبتمبر / ايلول عام 2003 بعد ان اتم عامه الثمانين. و مع ذلك فإنه لا يزال يساهم في القاء الضوء بالتحليل و الدراسة علي تاريخ العرب المعاصر الوثيق الصلة بالواقع الراهن مستخدما منبرا جديدا غير الصحف و الكتب هو التلفاز حيث يعرض تجربة حياته في برنامج اسبوعي بعنوان (مع هيكل) في قناة الجزيرة الفضائية .

ساند الكاتب الكبير نجيب محفوظ عند مهاجمة روايته : أولاد حارتنا و داوم على نشر أجزائها بالجريدة . ويتهم محمد هيكل ببمارسة بعض التزوير في ذكر بعض الأحداث التاريخية, و الإختلاف بين كتبه المنشورة باللغة الإنجليزية و أصولها العربية ، و من أبرز من سلط الضوء على كتاباته الكاتب: محمد جلال كشك في كتابه :ثورة يوليو الأمريكية ، حيث ناقش هيكل في كثير من تزويراته للتاريخ ، و ألمح إلى عمالة هيكل ل c.a.aو هذا الإتهام يحتاج إلى دليل ، و لكنه ذكر بعض القرائن . ومن النكت الرائجه على هيكل أنه لا يروي القصة إلا بعد موت جميع شهودها ، حتى لا يتسنى لأحد تكذيبه. ويضيف علي موفق الدقامسه نقلا عن موقع اسلام اون لاين :-

مصر في نصف قرن يجسدها هيكل
"شخص واحد تعرف كل شيء عن منطقة الشرق الأوسط لو التقيته"..
لم يكن هنري كسينجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق مبالغا حين قال تلك الكلمات قاصدا محمد حسنين هيكل.
فهيكل -الذي لا يتحدث عنه كثيرون إلا باستخدام اسمه الرباعي "الأستاذ محمد حسنين هيكل"- يحتفظ في رأسه بخريطة كاملة للمنطقة بها كل تفاصيلها، ويحتفظ في أوراقه ودفاتره بما لا يحتفظ به غيره من وثائق، بها أغلب ألغاز المنطقة القديمة والجديدة، ومفاتيح للعديد من خزائن الأسرار.
كيف تحقق له كل ذلك؟
التقليب في الأوراق يكشف كيف حقق هيكل نجاحه الذي جعله صانعا للأحداث وليس مجرد متابع لها أو محلل لأسبابها بعد أن تقع.
لم يكن مولده مختلفا عن مولد الملايين من البشر، فقد كان كل شيء عاديا بل أقل من عادي وقت مجيء هذا الطفل للحياة في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1923 بحي الحسين. صحيح أن الأب تاجر الحبوب قد فرح بعض الشيء، لكن فرحته كانت عادية، تليق بمولود من الزوجة الثانية لرجل تعود أصوله إلى ديروط بمحافظة أسيوط.
أحلام هيكل الطفل كانت ككل أحلام الأطفال في سنه، كان يحلم أن يصبح طبيبا، لكن ظروفه لم تسمح له بغير الدراسة في مدرسة التجارة المتوسطة، وهكذا لم ينل من أصبح ملء السمع والبصر(ولا يزال) تعليما جامعيا، وتلك نقطة في صالحه ولا تنقص من قدره كما تصور خصومه.
لم يستسلم هيكل لمؤهله المتوسط؛ فقد قرر أن يتغلب عليه بدراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأمريكية ، وخلال فترة دراسته تعرف على "سكوت واطسون" الصحفي المعروف وقتئذ بالإيجيبشان جازيت، والذي استطاع عن طريقه أن يلتحق بالجريدة في الثامن من فبراير 1942، صحفيا تحت التمرين بقسم المحليات وكانت مهمته جمع أخبار الحوادث!.
وكان هيكل وقتها في التاسعة عشرة من عمره، ووقتها أيضا كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعلت، وكان من قدر مصر أن تخوض رغما عنها حربا لا ناقة لها فيها ولا جمل.
في ذلك الوقت كانت الإيجيبشان جازيت هي المطبوعة الأجنبية الأولى في مصر، وكان من يكتبون فيها ملء السمع والبصر، منهم مثلا جورج أرويل ولورانس داريل ووايف كوري ابنة مير كوري مكتشفة اليورانيوم، أما رئيس تحريرها فكان كاتبا لا يقل قدرا عن هؤلاء هو هارولد إيرل.
مع بنات الليل بدأت نجوميته


لم يكن الطريق ممهدا للوصول للقمة
مع قضايا بنات الليل بدأ ظهور نجم هيكل، ففيما كان هيكل يطرق أبواب مهنة الصحافة صحفيا صغيرا بـ"إيجيبشان جازيت"، مهمته جمع أخبار الجريمة، أصدر عبد الحميد حقي وزير الشئون الاجتماعية وقتها قرارا يقضي بإلغاء البغاء الرسمي، وسبب هذا القرار كان إصابة عدد من جنود الحلفاء بالأمراض التي انتقلت إليهم من فتيات الليل، فكان أن اتفق الإنجليز وحكومة الوفد على إصدار القرار الذي أثار الجنود كما أثار فتيات الليل، كان الجميع يعرفون رأي الجنود الذين لم تكن تعنيهم الأمراض، وقد جاءوا إلى الحرب أي إلى الموت، لكن أحدا لم يكن يعرف رأي فتيات الليل، وتلك كانت مهمة الصحفي الصغير محمد حسنين هيكل.
كان تكليف الجريدة له هو أن يلتقي بفتيات الليل ويحصل من كل منهن على صورة يضعها على استمارة الاستفتاء التي وضعتها الجريدة وطبعت منها 500 نسخة، كان على هيكل أن يملأ خمسها، وهو ما نجح فيه بجدارة.
وهي القصة التي حكاها هيكل بنفسه في العدد رقم 546 من مجلة آخر ساعة، فكتب ما نصه: "كنت أقضي فترة التمرين في "إيجيبشان جازيت"، وذات يوم جاءني سكرتير تحرير الجريدة وقال لي: إن الحكومة تفكر في إلغاء البغاء الرسمي وإن الجرائد كلها تكتب في هذا الموضوع دون أن تحاول واحدة منها أن تأخذ رأي أصحاب الشأن الأول، وهم البغايا أنفسهن.. وطلب مني يومها أن أقوم بسؤال مائة بغي عن رأيهن في الموضوع، قائلا: إنه سيكون دليلا على مقدرتي الصحفية إذا تمكنت من استفتاء مائة بغي.. وكانت مهمة شاقة.. ولكن المسألة كانت مسألة امتحان.
وذهبت إلى الحي الذي تستطيع أن تشتري فيه كل شيء، ودخلت أول بيت وأنا أفكر في الصيغة التي ألقي بها السؤال، ولكن يبدو أنني لم أوفق في اختيار الصيغة لأنني خرجت من البيت الأول مشيعا بسباب وصل إلى أجدادي حتى عهد الملك مينا، وحاولت..، وحاولت..، ولكن على غير فائدة، وأخيرا أدركت عقم المحاولة، وبدأت أفكر بهدوء، وأحسست أن ثقتي في نفسي بدأت تفارقني، والتفت فإذا مقهى قريب مني فذهبت إليه لأستريح وأفكر، وفي أثناء جلوسي لاحظت وجود سيدة متقدمة في السن كان جميع من في المقهى ينادونها بـ"المعلمة"، باحترام قل أن يكون له مثيل، ووثبت في ذهني فكرة، فتقدمت من السيدة وشرحت لها كل مهمتي، وأثبت لها أن مستقبلي كله يتوقف على معاونتها لي، وفكرت السيدة قليلا ثم قالت لي: اقعد، وقعدت.
بعد لحظات نادت بعض النساء، وعقد الجميع مؤتمرا لبحث المسألة، وجلست أنتظر النتيجة، وفجأة صاحت إحداهن: نادوا عباس، ومرت فترة ثم حضر شاب سمع المسألة ثم تقدم مني قائلا: "معاك كرنيه"، ولم يكن معي "كرنيه" ولا خلافه، ولم يقتنع عباس، ولكن المعلمة اقتنعت قائلة: "ده باين عليه ابن ناس"، وهززت رأسي مؤكدا أنني "ابن ناس" جدا، فبدأت ترسل في طلب النساء من المنازل حتى أتاحت لي الفرصة أن أسأل مائة امرأة وأنا جالس في مكاني أشرب القهوة على حساب المعلمة.
روزاليوسف تدعوه إلى مائدتها
وبعد نجاح هيكل في المهمة الصعبة التي وكِلت إليه، كانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب إلى "العلمين" التي شهدت أشرس معارك الحرب العالمية الثانية، ليصف بقلمه وقائع تلك المعارك.
ومن الحرب في العلمين إلى الحرب في مالطا إلى استقلال باريس تنقل هيكل لتردد الألسنة اسمه، ليفاجأ وهو يتناول غداءه ذات مرة -بمطعم "الباريزيانا"- بالسيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة روزاليوسف تدعوه إلى مائدتها، ثم إلى مجلتها، ليصبح هيكل عام 1944 صحفيا في مجلة روزاليوسف التي كانت بوابة تعارفه على محمد التابعي، ومن ثم الانتقال للعمل معه في مجلة آخر ساعة التي عمل بها في آخر عامين للتابعي بها، قبل أن يشتريها منه مصطفى وعلي أمين، وعلى صفحات آخر ساعة كتب هيكل 13 أغسطس 1947 ما جعله حديث مصر كلها، ونقصد تحقيقه المصور عن "خط الصعيد"، ولم ينته عام 1947 حتى اخترق هيكل وباء الكوليرا ليكتب تحقيقا عن قرية "القرين" التي لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منها، وهكذا كان طبيعيا أن يحصل الصحفي الشاب محمد حسنين هيكل عن جدارة على جائزة فاروق، أرفع الجوائز الصحفية بمصر في ذلك الوقت، وكان انتقاله للعمل بجريدة أخبار اليوم التي شهدت صفحاتها -بدءا من 1947 ولمدة خمس سنوات تالية- انفرادات هيكل، من تغطيته لحرب فلسطين إلى انقلابات سوريا، ومن ثورة محمد مصدق في إيران إلى صراع الويسكي والحبرة في تركيا، ومن اغتيال الملك عبد الله في القدس إلى اغتيال رياض الصلح في عمان واغتيال حسني الزعيم في دمشق.
وفي 18 يونيو 1952 فوجئ قراء مجلة آخر ساعة بعلي أمين -وكان وقتها رئيسا لتحريرها- يخصص مقاله للحديث عن هيكل، وينهيه بأنه قرر أن يقدم استقالته ويقدم للقراء في الوقت نفسه هيكل رئيسا للتحرير، وهكذا أصبح هيكل رئيسا لتحرير آخر ساعة، ولم يكن تجاوز بعد التاسعة والعشرين.

هيكل والسلطة والأهرام
وقامت الثورة ليزداد نجم هيكل لمعانا، فاقترب من جمال عبد الناصر ليصبح بعد فترة المتحدث الرسمي باسم حركة الضباط الأحرار، وليكون أحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة يوليو، وصاحب البصمة الواضحة في تاريخ مصر، وفي تاريخ الصحافة المصرية والعربية، والذي أعطى صحيفة الأهرام شكلها الحالي لتصبح أكبر المؤسسات الصحفية في العالم العربي.

وفي الأهرام كان مجد هيكل وكان مقاله المعنون له بـ "بصراحة" الذي كانت الجماهير العربية تنتظره صباح الجمعة على أحر من الجمر، وفي سبيل البقاء على رأس الأهرام رفض هيكل الوزارة لأكثر من مرة، حتى اضطر لقبول وزارة الإرشاد (الثقافة والإعلام) قبيل وفاة عبد الناصر، وحين اشتُرط ألا يجمع بينها وبين الأهرام تركها غير آسف عليها بمجرد وفاة عبد الناصر، ورفض بعد ذلك أي منصب مهما كان كبيرا طالما سيبعده عن الأهرام.
وبعد وفاة ناصر وانتقال السلطة إلى السادات الذي سانده هيكل للتغلب على من أسماهم بمراكز القوى، رغم أن هيكل في النصف الثاني من السبعينيات كان خارج دوائر النفوذ؛ حيث أبعد بقرار رئاسي من الأهرام، فإنه لم ينته صحفيا كما توقع كثيرون وقتها، بل زادت نجوميته مخترقا الحواجز والقيود التي فرضتها عليه القيادة السياسية، ليصبح واحدا من أهم 11 صحفيا في العالم، تترجم كتبه إلى 31 لغة.
لقد قيل إن هيكل سيعتزل، وقيل إنه يناور، وقيل إنه لم يعد لديه ما يقوله، وأيا ما كان الأمر وأيا ما كانت صورة هيكل في نظر المتشيعين له أو المتربصين به، فإن هيكل كان وسيظل حالة صحفية يصعب تكرارها