كيف تواجه مشكلات

الاكتئاب النفسي

فى الحياة العملية ...




إعداد
أحمد الكردى .








المقدمه .

يُعَدُّ الاكتئاب النفسي من أكثرِ الأمراضِ النفسيَّة شيوعاً، وقد يتراوح في شدته بين الإحساس بالحزن والضيق والغم، وبين الشعور باليأس من الحياة ومحاولة الانتحار.

وهو يُصيب النساء أكثر مرتين من الرجال، ويَكثر في الشباب أكثر منه في صغار السن والمسنِّين، مع العلم أنَّ إصابة صغار السن بالاكتئاب أشدُّ خطورة من إصابة الشباب به..

ما هو الاكتئاب:

يُعرِّفه البعض باسم "نزلات البرد للصحة العقلية"، وتشترك تعريفات الاكتئاب جميعها في وصفه بأنه عبارة عن مصطلح يُستخدم لوصف خليط من الحالات المرضية أو غير المرضية في الإنسان، والتي يتغلب عليها طابع الحزن، ويوصف بأنه تَغَيُّرُ النَّفس وانكسارها؛ بسبب شعور الإنسان بالحزن والكدر واليأس وفقدان الاهتمام وعدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء سارٍّ أو ممتعٍ.

فالاكتئاب من وجهة نظر وولب يرجع إلى عدة عوامل ، أهمها عامل القلق ، وحيث يرى فى هذا الصدد أن الفرد إذا عانى من حالة قلق لمدة طويلة ، فإنه يمكن أن يصاب بحالة اكتئاب . ولهذه الصلة بين القلق وبين الاكتئاب ، قرر الباحث أن يدرس الاكتئاب كأحد المتغيرات النفسية للعاملين المعرضين للضوضاء فى البحث .

أما بالنسبة لـ سيلجمان فإنه يرى الاكتئاب بوصفه عجزاً قد تعلمه الإنسان learned helplessness . وتذهب نظريته إلى أن الاكتئاب يظهر كنتيجة لتعلم الشخص ، أو لاعتقاده بأنه لا يستطيع أن يضبط أو يتحكم فى عناصر حياته التى تشكل أهمية بالغة بالنسبة لإشباعاته وراحته النفسية .فمن وجهة نظر سيلجمان أن أنعدام قدرة الفرد على الضبط والتحكم فى ظروف حياته ، أو عجزه عن ذلك ، تعتبر عوامل أساسية من عوامل ظهور الاكتئاب .

أعراضه:

الاكتئاب يُؤَثِّر في أُناس مختلفين بطرق مختلفة، وقد يتسبَّب في طيفٍ واسعٍ مِنَ الأعراض التي قد تكون عاطفية أو جسدية، وبعض هذه الأعراض قد تمرُّ على الإنسان العادي في كثير من الأحيان، وهذا لا يعني أنه مصاب بالاكتئاب؛ لأنَّ مجرد ظهور تلك الأعراض لا يكفي، بل يجب أن تكون مستمرَّة ولفترة طويلة، حتى يكون التشخيص صحيحاً:

1 - الأعراض النَّفسيَّة العاطفيَّة:

- الشعور بهبوط الروح المعنوية معظم الوقت.

- الشعور أنه ليس هناك شيء يفيد.

- الشعور بعدم الرضا عن النفس وفقدان الثقة بها.

- الانشغال بالأفكار السلبية.

- الشعور بالعجز والخَواء واليأس.

- النظرة اليائسة والمتشائمة في المستقبل.

- الشعور بالخوف والقلق.

- كثرة الأفكار عن الموت، وعدم قيمة الحياة، وعبثية الوجود، وتمني الموت..

- صعوبة التركيز ونقص القدرة على التفكير المنظَّم؛ مما يتسبب في كثرة السرحان، ورسوب بعض الطلاب أو فشل بعض الموظفين في أداء أعمالهم.

- الشعور بالذنب والإثم وعدم قيمة الذات, رغم عدم اقتراف المريض لأي أعمال تدعو لمشاعر الذنب هذه، ولكنَّه يرى أنه المسئول عن كلِّ ما يحدث حوله من مصائب وآثام.

2- أعراض سلوكية:

- ارتكاب أفعال تؤذي النفس، أو الانتحار.

- صعوبة التركيز واتخاذ القرارات.

- سرعة الانفعال وتحميل الأمور أكثر مما يجب، أي: الحساسية المفرطة تجاه المشكلات البسيطة.

- اضطرابات في النوم، الاستيقاظ المبكر، الأرق أو كثرة النوم.

- فقدان الشهية وما يصحب ذلك من فقدان الوزن، أو الإفراط في تناول الطعام، وتَبَعَاً لذلك زيادة الوزن دون الشعور بلذة الطعام أو طعمه.

- فقدان الإحساس بالمتعة في الأنشطة المُبْهِجَةِ.

- نقص الرغبة الجنسية.

- ضعفٌ في النشاط والطاقة.

- الابتعاد عن الآخرين بدلاً من طلب المساعدة والدعم منهم.

- عدم التركيز في التفكير والاسترخاء.

3- أعراض جسدية من مثل:

- الصداع.

- الآم العضلات.

- التَعَرُّق.

- الدُوار.

- الإرهاق والضعف العام.

أنواعه:

هناك أنواع متعدِّدة من الاكتئاب قُسِّمت حسب طول فترة الحزن وشدَّته، وعمَّا إذا كان الحزن قد أثَّر على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد، وعمَّا إذا كان الحزن مصحوباً بنوباتٍ من الابتهاج، إضافة إلى نوباتِ الكآبة، وقد يحدث الاكتئاب كذلك على شكل حالاتٍ موسميةٍ في نفس الفصل من السنة في كل عام، ويُصَنِّفُ الدكتور أكرم عثمان أنواع الاكتئاب إلى:

1. الاكتئاب العصابي:

ويكون استجابة لحادثة محزنة يمكن تحديدها والتعرف عليها بالفعل، وفي هذا النوع من الاكتئاب يتحدث المصاب عن نوعٍ من اليأس والقنوط، يتناسب طَرْدِيَّاً مع الحادثة أو الواقعة التي خَيَّبَتْ رجاءه أو فجعته، ويستمرُّ هذا اليأس والحزن والانقباض فترةً أطول من الفترة المعتادة، أي أنَّ الإنسان السوي لو تعرَّض لمثل هذه الحادثة أو الواقعة؛ لاستجاب لها بدرجة أقلَّ من الانفعال والحزن، أو كان ارتكاسه لفترة زمنيَّة أقصر.

إنَّ المريض الذي يعاني من الاكتئاب الاستجابي يستجيب للتشجيع والطمأنينة، ويمكن التسرية عنه حزنه، أو شغل ذهنه عنه، كما أنه يظلُّ قادراً على أن يُفيد من تغيُّر البيئة، أضف إلى ذلك (أنَّه لا نجد) من تاريخه السابق فترات اكتئاب متكرِّرة، حيث أنَّ الاكتئاب العصابي يكون استجابة لحادثة محزنةٍ يُمكن تحديدها والتعرُّف عليها بالفعل .

2. الاكتئاب الذهاني:

أنَّه شكلٌ متطرف من أشكال الاكتئاب لا يعود إلى حادثة معينة مباشرة أو لمثير معروف، وإنَّما يرتبط بحالة نفسية داخليَّة لا شعورية، والمصاب هنا لا يُدرك السبب الحقيقي لحزنه ولمشاعر التعاسة التي تغمره؛ الأمر الذي يُضعف قدرة المقاومة والتحليل المنطقي لديه، ويُسَهِّل استسلامه للأوهام والهذاءات التي يتركز معظمها على تهويل مشاعر الخيبة، وتَوَهُّمِ المرض واتهامِ الذات بالآثام والخطايا، والدعوة إلى القصاص الذاتي.

أنَّ الاكتئاب الذهاني نوع من الاكتئاب يميل المريض إلى الشعور بالرغبة في الموت، كما يعاني من الأرق، ومن لوم الذات، ويعجز عن تكوين الارتباطات، ولا يميل للضحك، ويضخِّم المشكلات التي تجابهه، ويحط دائماً من قَدْرِ نفسه، ويميل إلى البطْءِ والتراخي في نشاطه، ويُعاني من الأوهام المختلفة.

ويسيء المريض تفسير الواقع الخارجي، ويصاحبه أوهام وهذيانات الخطيئة وهوسها؛ بسبب عمق جذورها وامتدادها إلى داخل الشخصية التي تَتَّسِمُ ببطءِ وهبوطِ نشاطها النفسي والحركي والعقلي، وفي الاكتئاب الذهاني يغلب على صاحبه الجمود الانفعالي، واتصاله بالواقع هش جداً أو معدوم، وتقييمه لذاته يتميَّز بتحقيرها وإدانتها باستمرار، وعلى أمور لم تصدر عنها، ويجرُّ ذلك على المريض الاعتقاد بعدم استحقاقه للحياة، وعدم صلاحيته، وعدم نفعه لمجتمعه؛ فتبدأ فكرة الانتحار بمراودته، وتبدأ مشاعر الموت تنتصر على مشاعر الحياة.

3. الهوس الاكتئابي:

إن المريض يواجه حدوثه أول مرة، حيث يكون في العشرينات أو السنوات المبكرة من الثلاثينيات من عمره، وتتكوَّن الأعراض الاكتئابية من شعورٍ منتشرٍ بالكسل أو الجمود والقصور الذاتي، وأفكار توهُّمية خادعة عن الذنب والإثم، بالإضافة إلى إدانة الذات، وبُطءٍ عام في التفكير والحركة.

حيث يتعرض المريض لنوبات تتردد بين نوبات الاكتئاب ونوبات الهَوَسِ، وهي الحالة النفسية المعاكسة للاكتئاب، حيث تظهر لدى المصاب مظاهرُ الفرح المفرط والغبطة الشديدة، والفعالية الزائدة؛ وكأنه يكاد يطير من الفرح.

4. اكتئاب سن اليأس أو السواد الارتدادي:

أنه يعتبر اكتئاباً شديداً في عمرٍ متأخرٍ، ويُؤِمن الكثير أنَّ هذا المرض شبيه بالاكتئاب الذهاني، ولكنه يظهر في سنٍ متأخرةٍ، ويكثر في السيدات عن الرجال، وأنه لا داعي لتفرقته عن الاضطرابات الاكتئابية، ويظهر هذا المرض في النساء بين سن (45-55)، وفي الرجال من سن (55-65)، وهو العمر الذي تبدأ فيه التغيرات العقلية والجسمية المصاحبة لسن اليأس وضمور الغدد التناسلية، والذي يكون أكثر وضوحاً في النساء لانقطاع الطمث، ولكن يجب تفرقته عن أعراض توقف الطمث الشهري من عرق غزير وسخونة في الوجه وسرعة التأثر، وسهولة كبيرة بعد الترقية، أي: يظهر الاكتئاب بعد ترقية الفرد لوظيفة أكبر، أو الخسارة المادية، أو الإحالة للمعاش، أو خيبة أمل، أو عدم تحقيق الآمال؛ وكثيراً ما يبدأ اكتئاب سن اليأس بأعراض عصابية، مثل: الخوف المرضي من الموت، أو من الأمراض، أو من الخروج من المنزل، أو من الأماكن العالية، أو بأعراض قهرية حركية أو فكرية، أو طقوس خاصة، أو سلوك هستيري، ويكون ذلك فجأة دون أن تكون الشخصية السابقة للمرض هستيرية أو قهرية أو عصابية.

كما يتميز بالهم والقلق والاهتياج والأرق الشديد، كذلك فإن مشاعر الذنب والانشغالات الجسدية تكون موجودة في الغالب، وإدانة الذات والاتجاهات الهدْميَّة العَدَميَّة

5. اغتمام (اكتئاب) النجاح والرفعة (promotion Depression) :

وهذا ضرب من الاغتمام يبدو عجيباً في ظاهره.. اغتمام يسود الفرد رداً لفعل حدث مُسْعِدٍ ومُمْتِعٌ، حدث لم يكن في الحسبان، كان من المفروض طبيعياً أن يُسعده ويشرح صدره.. اغتمام عجيب يشتدُّ قوة ما اشتد الحدث المُسْعِدُ المفرح!! نجاح باهر غير مترقب.. أمنية غالية تحقَّقت بعد أن طال انتظارها.. مفاجأة سارَّة كاد يَقطع الأمل في تحقيقها، تَنْقُلُ الفرد من فقير مُعْدَمٍ إلى ثريٍّ توفرت له أسباب العيش الكريم، ومن شخص خاملِ الذكر إلى شخص قَفَزَ طفرةً إلى مركز الشهرة.. إلى غير ذلك من الأمور المُسْعدة التي كان يجب أن يكون مَرَدُ فعلها هو الغبطة والانشراح، وليس الاغتمام )

6. الاكتئاب عقب الولادة :

إنَّ معظم النساء يُصَبْنَ بحالات خفيفة من الحزن وانشغال البال عقب الولادة، وهذه يسمِّيها البعض (حزن الوالدات)، وهي تبدأ في الأيام الأولى عقب الولادة، والأم ما تزال في المستشفى التوليد، أو ما تزال في سرير الولادة إن تمت الولادة في المنزل، وهذه الحالة لا تدوم عادة لأكثر من عدة أيام، تصاب الأمُّ في هذه الفترة بالبكاء والحزن أو القلق الخفيف، ولكن سرعان ما تَسْتعيد الأم حالتها النفسية الطبيعية، ملتفتة إلى طفلها الجديد وحياتها الجديدة.

وهناك عدد أقلُّ من النساء ممن يُصَبْنَ بأكثر من هذه الحالات الخفيفة، حيث يكون الاكتئاب أشدُّ من (حزن الوالدات)، وهذه الحالات تتأخر عادة بالظهور، فقد تظهر بعد أسابيع أو أشهر من الولادة، تكون الأم قد أُخْرِجَتْ من مستشفى التوليد وانتقلت إلى منزلها.

وبالإضافة إلى الأعراض السابقةِ الذكر المشاهدة في حزن الوالدات، تُصاب الأم هنا بالتعب والإعياء، وضعف القدرة على خدمة ورعاية الولد الجديد، ويكثر لديها البكاء الشديد، وتصاب بالنظرة السوداوية المتشائمة للحياة والمستقبل.

ولا يخفى أنَّ هذه الإصابات تُشكل حالاتٍ خطرة على حياة الأم وحياة الرضيع الصغير؛ ولذلك يجب الانتباه لمثل هذه الحالات من قبل الممرِّضات والزائرات الصحِّيَّات، وأطباء النساء والرضاعة، وكذلك أقرباء الأم الحديثة الولادة.

وهذه الحالات إنْ لم تعالج؛ فقد تطول لأشهر كثيرة، ونجد أنَّ بعض هؤلاء المصابات قد أُصِبْنَ من قَبْلُ بحالات اكتئاب سابقة غير متعلِّقة بالولادة.

خطورته:

أظهرت دراسة دانماركية أنَّ الأشخاص المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة للإصابات الدماغية، وقالت ‏الدراسة: إنَّ التعرض للإصابة بالاكتئاب والحزن الشديد «يُتلف خلايا المخ ببطء ولكن بشدَّة».

وأَوْصَتِ الدراسة بضرورة معالجة حالات الاكتئاب قبل أنْ تؤثِّر سلباً على خلايا المخ ‏التي لا تُعوَّض إذا ماتت.

وكذلك يُمَثِّلُ الاكتئابُ خطراً أكبر على الصحة من بعض الأمراض المزمِنة، مثل: الذبحة الصدرية، والتهاب المفاصل، والربو، وداء البول السكري.
والأشخاص المصابون بأمراضٍ أخرى يُفاقم الاكتئاب من سوء حالتهم الصحية.

بالإضافة إلى ذلك فإنَّ بعض حالات الاكتئاب التي تجعل المريض يُفَكِّرُ في الانتحار قد تجعله بالفعل يُقدم على مثل هذا السلوك؛ ولذلك فإنَّ موضوع الانتحار يجبُ أن يُؤخذ مأخذ الجدِّ عند وجود أي دلالاتِ أو أعراضِ اكتئاب؛ لأن الثابت أن (15%) من مرضى الاكتئاب ينتحرون، وأنَّ مريض الاكتئاب إذا صَرَّح أو ألمح بالرغبة في الموت؛ فإنه يُنَفِّذُهَا وينتحر بالفعل.

أسباب الاكتئاب:

مع أنَّ بعض حالات الاكتئاب ‏تُصيبُ الناس من دون أيِّ أسباب معروفة، إلَّا أنَّ معظم مسبِّبات الاكتئاب تكون كردود فعل ‏لمتغيرات الحياة، عادة ليست كل التغييرات في الحياة تُؤدي إلى الاكتئاب، ومن هذه الأسباب:

- أثناء الفترات الانتقالية الكبرى في الحياة، مثل: الطلاق، أو الانتقال من فترة المراهقة إلى سِنِّ الرشد.

- ضغوط عصبية شديدة.

- العيش مع أفراد آخرين من الأسرة مصابين بالاكتئاب.

- يعاني غالباً الأشخاص المصابون بالقلق والوسواس القهري والاضطرابات النفسية الأخرى من الاكتئاب.

- فقدان أو وفاة أحد الأحبَّاء أو المقربين منَّا.

- مشاكل في العلاقات مع الآخرين.

- ضعف الصحة.

- الاعتناء بصحة شخص لفترات طويلة.

- متاعب ومشاكل مادية.

- مشاكل لها علاقة بالعمل.

- نزاعات ما زالت عالقة.

- تراكم المشاكل لدرجة لا يستطيع معها الشخص أن يتحمَّلها.

- عوامل فيسيولوجية؛ كتدني مستويات هرمون الدَرَقِيَّة (قصور الغدة الدَرَقِيَّة).

- مشاكل هرمونية يمكن أن تحدث بعد الولادة، أو في فترة انقطاع الطمث.

- عوامل متعلِّقة بنمط الحياة؛ كالإسراف في تناول الكحول، أو تعاطي المخدِّرات.

- يمكن أن يَظهر الاكتئاب فجأة، دون أن تتوفر أيَّة عوامل واضحة، وهذا يُعرف بـ(الاكتئاب الداخلي المنشأ).

- هناك دليل على أنَّ لبعض الأشخاص ميلاً جينيَّاً للاكتئاب تثيره حادثة أو مجموعة من الأحداث.

العلاج:

إنَّ أول مرحلة من مراحل العلاج تَكْمُنُ في اكتشاف الاكتئاب، واقتناع المريض بإصابته بهذا المرض، وقد تَوَصَّلَ الطبُّ الحديث -بفضل الله- إلى علاجِ أكثرَ من (80%) من حالات الاكتئاب، وهناك أكثر من طريقة لعلاج الاكتئاب، ويرى الأطباء النفسيون أنَّ علاج الاكتئاب يمكن أن يكون من خلال:

الاستشارة النفسية:

الاستشارة النفسية تتضمَّن الحوار مع شخص ما مُدَرَّبٍ على فَنِّ الاستماع.

هذا يسمح للمريض بالتعبير عن مشاعره ؛ للبدء في إيجاد حلول خاصة بمشاكله، الحديث والاستماع من قِبَلِ شخص ما يُظهر التَّفَهُّم والقبول قد يعينه على اكتشاف الأمور التي تزعجه.

علاج السلوك العقلي:

علاج السلوك العقلي هو علاجٌ عن طريق الحوار، يساعد المريض على إدراك المشاكل، والتغلب على الصعوبات العاطفية، المُعالِج يُمَكِّن المريض من إيجاد صِلاتٍ بين أفكاره، وكيف تُؤثِّر أفكاره فيه وفي سلوكه.

علاج السلوك العقلي يُساعد على تطوير مهارات عملِّية تُمَكِّنُ من استِكْشَاف ماذا يَكْمُنُ في جذر الشعور والسلوك.

علاج السلوك العقلي يمارسه عادةً أطبَّاء نفسانيون.

مجموعات مساعدة النفسكيف تواجه مشكلات الاكتئاب النفسي فى الحياة العمليةself-help groups)
مجموعات مساعدة النفس تعمل على مبدأ أنه قد يكون من المُفيد أنْ يلتقي المريض مع آخرين ممن يعانون من الاكتئاب، قد يُساعد هذا على إزالة مشاعر الانعزال، وفي نفس الوقت يريه كيف تَمَكَّنَ الآخرون مِنَ التغلُّبِ على مصاعبهم.

هذه المجموعات عادةً ما يقودُها أناس قد تغلَّبوا على الاكتئاب هم أنفسهم.

العقاقير:

مضادات الاكتئاب هي أكثر طرق العلاج الطبي انتشاراً، وهي تؤثر في مواد كيميائية في الدماغ؛ بحيث يَتحسن مزاج المريض، ولكنها لا تعالج الاكتئاب، وإن كانت تُخفِّفُ من الأعراض؛ ليتمكَّن المريض من القيام بشيء ما للتعامل مع الاكتئاب بنفسه.

مضادات الاكتئاب لا تَنْجَحُ مع كُلِّ شخص، وقد تُسبِّبُ أعراضاً جانبيَّةً غير مرغوبة.

عادة ما يستغرق الأمر بين أسبوعين إلى أربعة قبل أن يأخذ الدواء مفعوله. بعض مضادات الاكتئاب قد تكون خطيرة عند استعمالها مع عقاقير أخرى، وقد يعاني المريض من آثار انسحاب العقار عندما يتوقف عن تعاطيها.

"عناية المجتمع" (Community Care) :

إذا كان لدى المريض اكتئاب حادٌّ دائمٌ، ويحتاج إلى دعم ليعيش بشكل مستقلٍّ في المجتمع؛ فإنَّ هناك عدداً من الخدمات قد يكون متاحاً له. "برنامج تقديم العناية (The Care Program approach) " يهدف إلى ضمان الحصول على المساعدة والخدمات المناسبة التي تُقَدِّمها الخدمات الاجتماعية والسلطات الصحية.

العلاج بالصدمة الكهربائية:

هذا العلاج يعطى عادة فقط للمصابين باكتئاب حادٍّ ولم يستجيبوا للعلاج بالعقاقير، يعطى للمريض مخدِّرٌ عام، ثم يُمَرَّرُ تيار كهربائي عبر دماغه محدثاً صدمة تشابه الصرع , إنه علاج مثير للجدل، وقد يكون له آثار جانبية حادَّة، مثل: فقدان الذاكرة.

كيف يُساعِد المريض نفسه:

هنالك العديد من التدابير والأمور التي يُمكن للمريض أن يقوم بها خلال ممارسته لنشاطاته اليومية، والتي من شأنها أنْ تُقلِّل من حالة الاكتئاب لديه، ومن أهمِّ هذه التدابير ما يلي:

1. معالجة المشاكل والضغوطات اليومية التي يعاني منها المريض أولاً بأول، وعدم تركها تتراكم، بحيث يصعب حلُّها في نهاية الأمر.

2. الاسترخاء والابتعاد عن المشاعر السلبية التي من شأنها أن تُضِرَّ بحالة المريض، مثل: مشاعر الغضب، والغيرة، والتوتر.
3. تَعَلُّمُ لغة الحوار والتحدث مع الأصدقاء وطلب دعمهم.

4. ممارسة أسلوب الحياة الصحي الذي يتضمن تناول طعام صحي متوازن، وممارسة الرياضة، وتجنُّبُ التدخين.

5. القيام بالنشاطات الترفيهية المفيدة التي من شأنها أنْ ترفع الروح المعنوية لدى المريض، مثل: القراءة، والقيام بالرحلات والسفر، والابتعاد عن الضوضاء، وممارسة الرياضة.

6. مواجهة أمور الحياة بجدِّية وعقلانية ومنطقية، فيجب أن يعلم الإنسان ما يستطيع القيام به، وما لا يستطيع القيام به، فيجعل أهدافه منطقيَّة؛ حتى لا يُصاب بالإحباط في حال عدم تمكُّنه من تحقيقها.
علاج الاكتئاب بالقرآن والسنة:

إنَّ للعقيدة الإسلامية -سواء في قديم الزمان أو في الوقت الحاضر- أثراً كبيراً في علاج الاكتئاب والوقاية منه، وتَتَمَثَّلُ في:

1. الإيمان بالقضاء والقدر: فعقيدتنا -نحن المسلمين- تَمْنَعُنَا من الحزن والاكتئاب، والضيق والأوهام والوساوس، وتُوجِبُ علينا الرضى بالقضاء والقدر، وبما أنزل الله علينا من بلاء وشقاء، ولا بُدَّ أن نعلم "أنَّ ما أخطأك لم يكن لِيُصيبك، وما أصابك لم يكن لِيُخطئك".

2. الإيمان باليوم الآخر: إنَّ الذي يُؤمن بالآخرة يعلم أنَّ هذه الدنيا لا تُساوي شيئاً، فهي قصيرة جداً، وفانية ونهايتها محسومة، وهي دار الآخرة، وإذا فقد شيئاً في هذه الدنيا؛ فإنَّه لا يحزن الحزن الشديد عليه، ويتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة؛ ما سقى كافراً منها شربة ماء".

3. الإيمان بأسماء الله وصفاته: وبلا شك إنَّ لهذه الأسماء والصفات مدلول وأثر في حياة المسلم المؤمن بالله حق إيمانه، فهو الحكيم القادر مالك الملك، ولا بدَّ أن نعلم أمراً هاماً: أنَّ الله تعالى عندما يبتلي عبده بالمصائب؛ قد تكون هذه علامة على محبة الله للعبد، إنَّ الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، ونُؤمن أيضاً بأنه بمجرد حصول المصيبة؛ فإنَّ العبد سيؤجر عليها، إنَّما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

4. وأيضاً من الأمور التي تساعد على الشفاء من الاكتئاب: تقوى الله تعالى والعمل الصالح هما وقايةٌ وعلاجٌ للإنسان من الاكتئاب والحزن والضيق والهم وسائر الأمراض، يقول الله تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [النحل:97].

5. الدعاء من أقوى أسلحة المؤمن للتغلُّب على جميع الأمراض؛ سواء النفسية، أو العضوية، كثرة الدعاء والتسبيح والصلاة، واللجوء إلى الله تعالى؛ ليكشف هذا الضر، وهناك دعاء مأثور عن النبي صلى اله عليه وسلم، وهو دعاء علاجي: "اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك ...".