فشل الحكومة الإلكترونية .. من المسئول؟

يعد الحديث عن الحكومة الإلكترونية الذي بات يكتسب زخما هذه الأيام في عدد من الدول أحدث صيحات الموضة الإدارية، وعلى الرغم من ذلك أشار خبراء تكنولوجيون وإداريون شاركوا في المنتدى إلى مجموعة من العوائق والتحديات التي تعيق تحقيق تقدم كبير في تبني مفاهيم الحكومات الإلكترونية في المنطقة العربية، وذلك خلال الجلسة التي عقدت تحت عنوان "هل فشلت الحكومة الإلكترونية؟"، وفي الجلسة التي أدارها ريموند خوري لخص المشاركون أهم العوائق في:

غياب الإجراءات اللازمة لتقييم مشاريع الحكومة الإلكترونية في المنطقة.
الوقت الطويل المستغرق في تبني هذه المفاهيم.
عدم تحديد الأدوار والأهداف بشكل واضح لهذه المشاريع.
بالإضافة إلى غياب الدعم السياسي في بعض البلدان لمشاريع الحكومة الإلكترونية.
أما التحديات التي تحدث عنها هؤلاء الخبراء فتتمثل في انخفاض مستوى المهارات والقدرات اللازمة لإنجاح المشاريع الإلكترونية، ونقص المديرين الناجحين القادرين على إدارة هذه المشاريع، والافتقار إلى البيئة التحتية التقنية، بالإضافة إلى نقص الوعي الثقافي والاجتماعي وخاصة لدى موظفي القطاع الحكومي في البلدان العربية.
هل فشلت الحكومات الإلكترونية العربية؟
وتحدث وزير الدولة للتنمية الإدارية في مصر أحمد درويش عن أعراض فشل الحكومات الإلكترونية وطرق قياسه، معتبرًا أنه لا يمكن قصر القياس على معدلات الاستخدام من قبل الجمهور والتي قد تؤدي إلى الحكم المطلق بعدم نجاح هذه التجارب، وقال إن ما ينبغي قياسه للتعرف على نجاح أو فشل الحكومة الإلكترونية هو الأثر بمفهومه الواسع.
وقال وليام داتن مدير معهد أكسفورد للإنترنت بجامعة أكسفورد البريطانية: إن هناك نقطتين رئيسيتين عند التحدث عن قضية فشل الحكومة الإلكترونية: أولاهما النجاح الدولي لشبكة الإنترنت وانتشارها الكبير وإمكانية حصول الجمهور على الكثير من الخدمات، مشيرًا إلى أن الكثير من الدول العربية كانت بطيئة في التحول إلى الإنترنت، ولكن الأمر تغير وأصبحت هذه الدول من أسرع الدول دخولاً في هذا المجال.
أما النقطة الثانية كما يقول داتن فهي أن إخفاقات الحكومة الإلكترونية تجاوزت التوقعات ولكن ذلك ليس مقصورًا على الدول العربية فقط؛ فهناك إخفاقات مماثلة في أوروبا وأمريكا الشمالية ومناطق أخرى من العالم. وأعرب عن رفضه لفكرة أن يكون القطاع العام أقل نجاحا من القطاع الخاص حسبما قال بعض الخبراء في الجلسة، معتبرًا أن الفشل متفش في القطاعين، إلا أن القطاع العام يواجه صعوبات متمثلة في الشفافية فيما توجد إخفاقات في القطاع الخاص لا يعلن عنها، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن بعض الدول ليس من أولوياتها تقديم خدماتها عبر الإنترنت في ظل وجود قضايا أكثر إلحاحا.
حكومة فعالة وليس حكومة إلكترونية
أما جوناثان موراي المدير العالمي للتكنولوجيا والقطاع العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة مايكروسوفت فقال: إن الفشل الأول في هذا السياق هو إطلاق اسم الحكومة الإلكترونية على هذه المشاريع، ولكن كان من الأفضل تسميته باسم الحكومة الفعالة؛ نظرًا إلى الأثر الذي تتركه هذه الحكومة.
وأشار إلى فشل 70% من البرامج المعلوماتية التي تبناها البنك الدولي بسبب هذا المفهوم، مؤكدًا أنه ينبغي فهم الفرق بين كيفية استخدام وتطبيق التكنولوجيا في القطاع الخاص والقطاع العام، مشيرًا إلى أن الأول يهدف لتحقيق الربح والمنفعة، أما الأخير فله أهداف أخرى حيث عادة ما يجد القطاع الحكومي صعوبات أكبر في تحديد الأهداف؛ وهو ما أدى إلى نشوء ما سماه "مبادئ الفجوة".
وقال إنه على مستوى القطاع العام فإن عدد المديرين التنفيذيين الذين يتسمون بالكفاءة قليل بما يجعل تبني البرامج التكنولوجية محدودًا، وهو عكس ما يحدث في القطاع الخاص بالإضافة إلى التطور والتغير السريع في التكنولوجيا، موضحا أن المؤسسات الحكومية التي كانت تعتمد برامج تكنولوجية منذ 5 سنوات أصبحت متأخرة في تكنولوجيا اليوم.
وتطرق كريستيان فيرجيز رئيس قسم الأمانة والابتكار في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مداخلته إلى عدد من التجارب التي باءت بالفشل حتى في القطاع الخاص كما هو الحال في القطاع العام، ولكن هذا لا يمنع من وجود تجارب ناجحة في القطاعين اعتمادًا على العلاقة بين الشعب والحكومة، وهي من الأمور التي تؤخذ في الاعتبار.
وأشار إلى أن هناك 70 مشروعا إلكترونيا في أيرلندا لم ينجح منها سوى 29 مشروعا بعد سنوات عدة. وأشار كذلك إلى أن أبرز أسباب فشل الحكومات الإلكترونية غياب وسائل التقييم والوقت والكلفة وتعقد أو تطور التكنولوجيا السريع وعدم تحديد الأدوار وغياب الدعم على المستوى السياسي.