فلسفةالاخلاق
تتلخص الأصول العامة للفلسفة الأخلاقية الإسلامية من مسلَمتين أساسيتينهما: لا إنسان بغير أخلاق ولا أخلاق بغير دين, ويتبنى عليهما نتيجة حاسمةوهي: لا إنسان بغير دين،وهذا يعني ان الاخلاق ليست مسألة تحسينية بالمعني السطحي وانما فريضة واجبة وقائمةفمن ظن ان الاخلاق هيا سلوكيات تمارس حين نستطيع او نرغب او بحسب الاهواء الشخصية او مقتضى الحال ورد الفعل او المقايضة فهذه ليست اخلاق البته. فإنما تكتشف الاخلاق حينما تضع تصرفاتك على المحككما يبرز قيمة الخلق وحقيقته في الاحوال والظروفالتي يظن انه يصعب فعلها.
وتقوم الفلسفة الاسلامية في الاخلاق على ان افعال الانسان دائماً تٌقيم وفق نموذج: القيم (ما الخلق) والقيَمية (ما القيم الباعثة له) والقيَمية ( ما القيمة المترتبة عليه) وتكمن الفائدة من التقييم هو الترجيح والوضوح الذي يبنى عليه اساس الحكم الاخلاقي على الفعل هل هو خيراً ام شر، نافع ام ضار، مفيد ام لغو، وبالتالي هل هو فعل اخلاقي او غير اخلاقي.
وتقوم النظرية الأخلاقية الإسلامية على ثلاثة اركان بمسميات رمزية:
#أ- ركن الميثاق
الذي يتعلق بالجمع بين العقل والشرع , ويتفرع عليه أن الأخلاق الإسلامية أخلاق كونية لأنها أخلاق مؤسسة لا مجتثه, ومتعدية لا قاصرة, وشاملة لا محدودة.
- كونية لا محلية: فالتخلق واجب في أي مكان او زمان او ظرف ومع جميع الموجودات،
- متعدية لا قاصرة: بمعنى انه يجب ان تتعداك الى الغير وان يتأثر بها ويلمسها كل من تتعامل معه واذا لم تتعداك الى غيرك فهي غير مثمرة، فمثلاً: ما فائدة ان تكون محترم ولا يلمس هذا الاحترام كل من تتعامل معه، وما فائدة ان تبتسم ولا يَستنكه من تقابله هذه الابتسامة من مُحياك، ولأجل هذا اصبح سلوك الانسان لا يُقرأ لأنه يُفعل بدون استحضار وانما كعادة وبشكل اتوماتيكي.
- شاملة لا محدودة:فهي واسعة ولكل خلق مراتب وتفرعات وانما تضاءلت مسألة الاخلاق حين لم يتم التنبه الى سعة نطاقاتها فالاحترام والامانة مثلاً يشملان افاقاً واتجاهات عدة، وقد قيل ان الوفاء خمسة مراتب اقلها الذبُ عن الغائب.
#ب- ركن شق الصدر
وهو يتعلق بالجمع بين العقل والقلب، ويتفرع عليه أن الأخلاق الإسلامية أخلاق عميقة لا سطحية لأنها أخلاق تطهير لاتجميل، وتجديد لا تقليد، وبهذا تكون أوفى أخلاق بحاجة الحياة.
- عميقة لا سطحية:فهي متأصلة في النفس ونابعة من القلب، والسطحية تفسر حالة عدم تفهم الانسان لماذا قام بهذا الفعلوهي التخلقدون استحضار او تجويد، فهي عميقة اذ يجب ان تنعكس اثارها عليك، فتضفي عليك الشعور بالامتنان حين تتخلق بها.
- تطهير لا تجميل: الاخلاق تطهير وتجميل ولكنها ليست تجميل وحسب فهي ليست اتكيت ولا مكيجة، انما تزكي النفس وتسمو بها فالتزامك بخلق تأهيلاً لك فيان تبقى على نفس المسار الاخلاقي، ولحظات التخلق هي لحظات تجلي من الادنى الى الاعلى فإن لم تشعر بحالة السمو وتستحضر الحالة السامية عن تخلقك فاعلم ان هذا الخلق ظاهري ، فحاشا لله ان يتخلق انسان ولا يجد لهذا الخلق انشراحاً.
- تجديد لا تقليد: فهي تتجدد وتتسع في افاقها ومراتبها لتغطي كل جوانب الحياة وتتفاعل معها.
#ج- ركن تحويل القبلة
الذي يتعلق بالجمع بين العقل والحس, ويتفرع عليه أن الأخلاق الإسلامية أخلاق حركية, لأنها أخلاق اشارة لا عبارة وانفتاح لا انغلاق واجتماع لا انقطاع , فتكون أقدر أخلاق على هداية الإنسان, وبهذا فان الأخلاق الإسلامية أخلاق كونية لا محلية وعميقة لا سطحية وحركية لا جمودية, وكل أخلاق للإنسان تكون هذه هي سماته لا يمكن إلا أن تكون هي الأخلاق الحسنى
- حركية لا عبارية: فالخلق يجب ان يتحول الى ايقاع واسلوب حياة، يقلدك فيه الناس وتجفف به فقر المشاعر عند من حولك.
- انفتاح لا انغلاق: أي سلوك يأزم علاقتك بالناس ليس خلق حميد، فالأخلاق في طبيعتها السريان والتلقائية وليس التكلف والغلو ولا الحرج.
- اجتماع لا انقطاع: فالأصل في الاخلاق انها تديم موارد التواصل بين الناس وتقربهم وتلين طباعهم.

مصطفى الشرجبي