إنّ عملية التغيير عمليّة معقدة تسْعى إلى تحْسين بيئة العمل داخل المنظمة، ولا بد أنْ تخضع لمراحل معينة من أجل إنجاحها وسنتعرض خلال هذه السلسلة إلى أربعة نماذج تقدم صورًا مختلفة لمراحل التغيير وهي:
1. نموذج عالم النفس الاجتماعي كيرت لوين Kurt Lewin الذي عرف باهتمامه الكبير في حل المشاكل الاجتماعية.
2. النـــموذج الثاني الذي قدمـــه كــل من دين أندرسون Dean Anderson ولينـدا أكرمان أندرسون Linda S.Ackerman Anderson.
3. النموذج الثالث وقدمه ايفانسوفيتش Ivancevich
4. النموذج الرابع للأمريكي جون كوتر John p. Kotter
وسوف نعرض في هذا المقال نموذجين وهما نموذج كيرت لوين ونموذج دين وليندا أندرسون.
نموذج كيرت لوين: Kurt & Lewin
قسم كيرت لوين عملية التغيير الى ثلاث مراحل:
أ#. مرحلة التهيئة وإذابة الجليدUnfreezing Stage : يرى كيرت لوين من خلال الدراسات الميدانية أن المنظمات التي استطاعت أن تصمد وتتفوق وتحقق التغيير المطلوب قد أخذت الوقت الكافي من أجل إحداث التغيير الفاعل ولم تتبع سياسة حرق المراحل؛ للأن ذلك يؤدي إلى نتائج غير محمودة ولذلك فلا بد من مراعاة بعض المعاييير عند القيام بهذه العملية.
فتعود العاملين على نمط معين من العمل لن يجعل تقبل فكرة التغيير بالنسبة لهم سهلة فهم يخشون المفآجات وحالات الفشل ولذلك كانت فكرة خلق الجو الملائم للتغيير تساهم في تخفيف موجة المقاومة وهو المقصود بإذابة الجليد, وتتضمن هذه المرحلة زعزعة واستبعاد وإلغاء الاتجاهات والقيم والعادات والممارسات والسلوكات الحالية للفرد بما يسمح بإيجاد شعور بالحاجة لشئ جديد، فقبل تعلم أفكار واتجاهات وممارسات جديدة ينبغي أن تختفي الأفكار والاتجاهات والممارسات الحالية، ومما يسهل ويساعد على إذابة الجليد ـ اختفاء السلوك الحالي ـ الضغوط البيئية الخارجية مثل تدني الأداء والإنتاجية وانخفاض الأرباح، والاعتراف بوجود مشكلة ما، والإدراك بأن شخصا آخر اكتشف أفكارا جديدة، إنّ إثارة هذه المقاربات ستعــطي صورة سلبيّة على الأوضاع الداخلية للـمؤسسة في أذهان والمُوظفين الذين سيقتنعون حتما بضرورة التغيير وعندما يصبح التغيير هو الهاجس الأكبر بعد أن بيّنت التقارير تخلف مؤسّستهم عن منافسيهم وفقدانها للنموّ والتطور وسيصبح السؤال المؤرّق هو كيف يمكن اللحاق بركب الآخرين؟ وما هي المقترحات البناءة الكفيلة بسدّ الثغرات التّي بدأت في نخْر المؤسّسة؟
كل هذا الشعور سيجعل العاملين يفكرون بجدية أكبر في إنقاذ مؤسستهم وذلك بتبنّي منْهج جديد ووضع خططٍ مناسبة من أجل تحسين الأداء.
ب#. مرحلة التغييرChanging Process
بعد عملية التشخيص تسعى المنظمة في هذه المرحلة إلى دعم فريق متجانس الأفكار والأهداف من أجل تطبيق منهَجهِ الإصلاحي، وهو إجراء تغيــيرات على مستوى الهيكل التنظيمي، كإلغاء بعض الوحدات التنظــيمية، أو دمجها وقد تمسّ التغييرات صلاحيات الموظفين ومسؤولياتهم، أو تهــدف إلى بثّ قيم جديدة أو تبنيّ تكنولوجيا حديثة تساهم في استخدام طرق جديدة في العمل وذلك من أجل ضمان استمرارية أداء مهام المؤسسة بنجاح.
ت#. مرحلة التثبيت والتدعيم Refreezing
تسعى المنظمة إلى الحفاظ على المكتسبات ومستوى الأداء الذي نشأ عن المراحل السابقة وذلك عن طريق حمايتها من أي عارض جديد عن طريق إنشاء لجنة رصد ومتابعة تقيم نتائج عملية التغيير.
ولن يقف التغيير عند هذا الحد بل عليه أن يصبح ممارسة اعتيادية وثقافة وإبداعا داخل المؤسسة ولذا أصبح من الضروري تشجيع الأنشطة والاقتراحات المتصلة بالتغيير، وتعزيز دور المساهمين فيه، وذلك بتدريبهم ومنحهم العلاوات، ولن تكون الأمور على المستوى التطبيقي بسهولة بمكان حيث ستـجابه الكثـير من الحيثيات بأمور غير متوقعة عند القيام بعملية التغيير، ولذا وجب التعامل معها بعقلانية وتريث.
نمُوذج دين أندرسون وليندا أندرسون:
يرى كلّ من دين اندرسون وليندا أكرمان أنّ عملية التحوّل تتأسس على فهْم عميق للتغيير مع تبني مجموعة جديدة من المهارات والاستراتيجيات من طرف القيادة التيّ يتعين عليها توسيع فهمها وبصيرتها حول ماهية متطلبات صِياغة التغيير.
دعْنا ننتقل من نهجهم القديم ونقوم بتوجيه عملية التغيير بشكل مختلف, في الواقع يجب عليهم أنْ يغيّروا اعتقاداتهم حول الأفراد والمنظمات وأنْ يغيروا أنفسهم أيضًا، يجب عليهم أنْ يلحظوا التحوّلات من خلال عدسات عقولهم من أجل أن ْيروا الدّيناميات الفعلية للتحول وأنْ يغيروا أسلوب وسلوك القيادة لتلبية حاجات التغيير وهذا يعني أنّ القياديــين أنفسهم يــجب عليهم أنْ يتــغيروا من أجل أن يقودوا الــتحولات بنجاح داخــل منظماتهم.
وهي تشتمل على مراحل تسعة للتغيير كما يلي:
أ#. الاستعداد لقيادة التغيير.
ب#. وضع رؤية والتزام وقدرة المنظمة.
ت#. تقيم الوضع لتحديد متطلبات التصميم.
ث#. تصميم الحالة المنشودة
ج#. تحليل التأثير.
ح#. التخطيط والاستعداد لتنفيذ التغيير
خ#. تنفيذ التغيير.
د#. إجراء عملية الدمج والتكامل.
ذ#. العمل بجد والتوجه إلى المسار الصحيح.
هذا النموذج عبارة عن خريطة طريق تُبين من أين يجب أن ننطلق والى أين يجب أنْ نصل، فالمراحل التسعة تمثل حركة عملية التغيير في المكان والزمان المطلوب داخل المنظمة من أجْل إنجاحها، ويرى الكاتبان وهما يتمتعان بخبرة عشرين سنة في هذا المــجال أن هذا النمــوذج مصمم لــكلّ أنواع التغيير ومهْما كـــان حــجم التغـــيير وقوّتــه.