أبعاد قيادة التغيير :
يمكن إبراز أبعاد قيادة التغيير في المؤسسة في ضوء نتائج البحوث والدراسات الميدانية التي أجريت حول طبيعة التغيير في البيئات التربوية، وذلك حسبما هو موضح في الشكل علي النحو الأتي :
أ- تطوير رؤية عامة مشتركة للمؤسسة : ( Developing a widely shared vision)
يتضمن هذا البعد السلوكيات القيادية الهادفة إلي البحث عن رؤية وأفاق مستقبلية للمؤسسة ، وان يعمل القائد علي بث هذه الرؤية ونشرها بين العاملين معه ]
ويقصد بهذا البعد ، إلي أي درجة يستطيع القائد خلق الحماس لدي العاملين معه للتغيير ، وجعلهم يدركون الغايات الرئيسية التي تسعي المؤسسة إلي تحقيقها ، ومساعدتهم في فهم الدور الاجتماعي الأشمل للمؤسسة التعليمية والذي تشق منه الرؤية المشتركة بخصوصها ، وان ينشر في كافة أنحاء التنظيم المدرسي إحساسا بضرورة المهمة وحيويتها ، ويحث العاملين معه علي الإخلاص وتكريس جهودهم للتغيير ،ويغرس لديهم شعوراً بالفخر والاعتزاز بالمؤسسة واحترام القواعد السائدة فيها.
وينجح قائد التغيير في مهمته إذا استطاع أن يكسب ثقة العاملين معه ويعزز إيمانهم بالرؤية التي يحملها وبالقيم التي يتبناها ، مما قد يدفعهم ليطوروا شعورا قويا تجاهه وينظروا إليه كنموذج وقدوة ،فيسعون لكي يماثلوه في الرؤية ويتطابقوا معه ، ويتوقع من قائد التغيير أن يستشعر وجهات نظر المؤسسات المجتمعية المختلفة وقادة المجتمع وأولياء الأمور حول توجهات المؤسسة ورؤيتها وبرامجها التطويرية ،وان يأخذ باعتباره ماضي المؤسسة وحاضرها أثناء بنائه لخططها المستقبلية .
ب- بناء اتفاق جماعي بخصوص أهداف المؤسسة وأولوياتها : ( Building consensus about the goals and priorities )
يتضمن هذا البعد السلوكيات والممارسات القيادية الهادفة إلي تشجيع التعاون بين العاملين في المؤسسة وجعلهم يعملون معا لصياغة أهداف مشتركة تتصف بكونها : واضحة ،وقابلة للتحقيق، وتشكل تحديا حقيقيا لهم لكي يسعوا لإنجازها ، والحرص علي الوصول إلي اتفاق جماعي بخصوص أولوية تحقيق هذه الأهداف .
ويشمل هذا البعد تطوير وسائل وآليات مناسبة لتحديد مهمات العاملين في المدرسة وواجباتها ، ولتساعدهم في تحديد أهدافهم ،ومراجعتها .
وتعد الممارسات المرتبطة بصياغة الأهداف المشتركة ضرورية لتأسيس البنية التنظيمية للمؤسسة وتحديثها ، كما يؤكد هذا البعد علي أهمية مساعدة العاملين علي الربط بين الرؤية الخاصة بمؤسستهم وبين الهداف الجماعية والفردية ، وعادة ما يرجع قائد التغيير إلي أهداف المدرسة والأولويات المتفق عليها عند اتخاذ قرارات تتعلق بإحداث تغييرات تنظيمية في المدرسة وبرامجها ومشاريعها .
ج- بناء ثقافة مشتركة داخل المؤسسة (Building collaborative culture )
تتضمن الثقافة المؤسسية المشتركة ، مجموعة القواعد السلوكية والقيم والمعتقدات والمسلمات التي يشترك بها أعضاء المؤسسة كافة ، وعادة ما تسهم الثقافة المؤسسية المتينة والمشتركة في دعم المبادرات والتوجهات التطويرية وتعزيز المشاريع والتجديدات التربوية .
ويشمل بناء الثقافة المؤسسية من قبل قائد التغيير سلوكيات وممارسات تهدف إلي تطوير قواعد السلوك العام والنظام المؤسسي والقيم والمعتقدات والمسلمات التي تركز علي الطالب باعتباره محور العملية التعليمية – التعلمية ، والذي ينبغي أن توجه جملة البرامج والمشاريع التربوية إلي إعداد وتنميته نموا سليما متكاملا ، وتهيئته للتعايش الفاعل في عصر ثورة المعلومات والمعلوماتية ، إضافة إلي الاهتمام بتعزيز النمو المهني المستمر للمعلمين وتجديد كفاياتهم المهنية وتجويدها بما يؤهلهم لأداء أدوارهم المتجددة بكفاءة واقتدار في مجتمع التعلم الدائم والتربية المستدامة وتكنولوجيا الاتصالات المتطورة . وعادة ما يستثمر قائد التغيير كل الفرص المتاحة لتوضيح ثقافة المؤسسة ونشرها ، ويتصرف بطريقة تنسجم مع القناعات والقيم المشتركة التي تسود المناخ التنظيمي للمؤسسة ويشجع العاملين علي العمل بموجبها .
ويشمل هذا البعد السلوكيات والممارسات القيادية الهادفة إلي تشجيع حل المشكلات ومواجهة الصراع بأسلوب تشاركي تعاوني كلما كان ذلك ممكنا ن والحد من المعوقات وإزالة الحواجز ( التي قد تكون موجودة) بين الفئات المختلفة العاملة في المدرسة : الإدارية والفنية والتعليمية ، وحفز هذه الفئات للتغيير والتطوير وبناء علاقات عمل متينة وتعاونية فيما بينها لتحقيق المنفعة المتبادلة والفائدة التربوية .
د- نمذجة السلوك / تقديم نموذج سلوكي يحتذي : ( Modelling behavior )
يشمل هذا البعد من أبعاد قيادة التغيير سلوك القائد الذي يتمثل في كونه يضرب مثالا حيا للعاملين معه كي يحذوا حذوه ويتبعوه ، بحيث يعكس هذا المثال القيم التي يتبناها القائد ويناصرها . ويعزز هذا السلوك إيمان المديرين و المعلمين بطاقاتهم وإحساسهم بقدرتهم علي إحداث التأثير والتغيير .
ويمارس قائد التغيير عادة أنماط من السلوك تعزز القيم الأساسية مثل : احترام الآخرين والثقة بآرائهم ، والاستقامة ، إضافة إلي القيم الأدائية ، مثل: الدقة والوضوح … وغيرها .
وغالبا ما يشارك قائد التغيير في مختلف النشاطات والفعاليات للمؤسسة ، ويسهم بالتعاون مع العاملين في المؤسسة في التخطيط للمناسبات والأحداث المختلفة ، كما يبدئ حماسا ونشاطا ملحوظا أثناء قيامه بأداء مهماته ، ويسعى للحصول علي التغذية الراجعة من العاملين معه بخصوص ممارساته القيادية ، ويبدي استعدادا حقيقيا لتغييرها في ضوء الدور المطلوب منه ، ويستخدم قائد التغيير آليات وأساليب مناسبة لحل المشكلات ، ويشجع الآخرين علي استخدامها وتطويرها بما يلائم طبيعة عملهم .
ه- مراعاة الحاجات والفروق الفردية لدي العاملين في المؤسسة : ( Individual Consideraation )
يتضمن هذا البعد درجة اهتمام قائد التغيير بالحاجات الفردية للعاملين في المؤسسة ، والاستجابة للفروق الفردية فيما بينهم وبخاصة ما يتعلق بالحاجة للنمو والتطوير المهني ، والسعي للارتقاء بمستوي قدراتهم وتجديد كفاياتهم المهنية من خلال توفير البرامج والفرص التأهيلية والتدريبية والتوجيه الملائم لهم ن وتفويضهم الصلاحيات المناسبة لتحمل مسؤولية تنفيذ برامج ومشاريع ومهمات تربوية جديدة ، وتشجيعهم لتجريب أساليب وممارسات حديثة تتفق واهتماماتهم بصورة بناءة لمبادراتهم التطويرية والتجديدية .
ويشمل هذا البعد السلوك القيادي الذي يشير إلي مدي احترام قائد التغيير للعاملين معه ، والاهتمام بمشاعرهم وحاجاتهم الخاصة ، إضافة إلي مراعاة وتفهم المشكلات التي قد تواجههم أثناء تغييرهم لممارساتهم التعليمية وتطويرها ، وبذل الجهود لمساعدتهم في مواجهتها ، وعادة ما ينطلق قائد التغيير من ميول المعلمين واهتماماتهم وحاجاتهم الفردية كنقطة بداية لعملية التغيير والتطوير المدرسي .
و- التحفيز الذهني أو الاستثارة الفكرية : ( Intellectual stimulation )
يتضمن هذا البعد السلوك القيادي الذي يتحدى العاملين في المدرسة لإعادة النظر في عملهم ومراجعته وتقويمه ، والتفكير الجاد العملي في كيفية أدائه بشكل أفضل ، وتنمية روح التنافس الايجابي والاختلاف البناء فيما بينهم مما يسهم في ابتكار بدائل وأساليب جديدة ومتطورة لأداء العمل . ويشمل هذا البعد العاملين بالتغذية الراجعة حول أدائهم لإقناعهم بمراجعة ممارساتهم ،وإثارة اهتمامهم للمقارنة بين أدائهم الحالي والممارسات المنشودة والمرتبطة بطبيعة التحدي الذي تتضمنه برامج التطوير والإصلاح التربوي ، والأدوار المتغيرة والمتجددة للعاملين في الميدان التربوي في عصر ثورة المعلومات والعولمة وعالمية المعرفة .
ويشير هذا البعد إلي درجة يقدم قائد التغيير للعاملين توجيها يؤكد علي تنمية أسلوب التفكير العلمي ومنهجية حل المشكلات لديهم ، وحفزهم للتفكير في أساليب واستراتيجيات جديدة للتعلم والتعليم ، وتشجيعهم علي التساؤل ومراجعة الفرضيات والقيم والمعتقدات الخاصة بهم وبالآخرين وبعملهم ومناقشتها ، وحفزهم لدعم آرائهم ومقترحاتهم بمبررات وجيهة ومنطقية ، والعمل علي تطوير قدراتهم وكفاياتهم الخاصة والسعي لتوفير الدعم لمبادراتهم الإبداعية والتجديدية الهادفة لتطوير المؤسسة بفعالياتها المختلفة.
وعادة ما يحرص قائد التغيير علي زيادة المدارس الرائدة والمميزة ، وحضور المؤتمرات والندوات والاجتماعات التربوية ، للإفادة من الأفكار التجديدية لينقلها بدوره إلي زملائه العاملين معه مما يسهم في تطوير ممارساتهم التربوية وتجديدها وتجويدها.
ز- توقع مستويات أداء عليا من العاملين : ( Holding higt performance expectations )
يظهر هذا البعد من أبعاد قيادة التغيير السلوك القيادي المرتبط بتوقعات القائد لدرجة التميز والأداء النوعي العالي الجودة من قبل العاملين في المدرسة ، وتتضمن هذه التوقعات عناصر التحيز والتحدي للعاملين لانحاز الأهداف المتفق عليها، كما توضح هذه التوقعات الفرق بين ما تصبو المدرسة إلي تحقيقه وبين ما أنجز فعلا ,
ويشير هذا البعد إلي درجة يقوم قائد التغيير بإيضاح الأمور فيما يتعلق بما يجب أن ينجز ه العاملون من اجل أن تتم مكافأتهم ، وان يوفر لهم التغذية الراجعة الضرورية فيما يتصل بأدائهم ، ويقدم لهم الحوافز والمكافآت المناسبة في حال قيامهم بأداء أعمالهم بتميز وفقا لما اتفق عليه ، أو بذلو الجهد المطلوب تحقيقا لمؤشرات الأداء والإنجاز الموضوعة .
ح- هيكلة التغيير : ( Structuring )
يتضمن هذا البعد السلوكيات والممارسات القيادية الهادفة إلي تهيئة البنية التحتية المناسبة لدعم المبادرات التجديدية و التطويرية ، وتحسين بيئة العمل وظروفه بما يتيح فرصا حقيقية لأعضاء المدرسة للمساهمة في التخطيط وصنع القرارات المتعلقة بقضايا تهتم وتؤثر عليهم ، إضافة إلي حل المشكلات بصورة جماعية ن ومن السلوكيات المرتبطة بهذا البعد قيام قائد التغيير بإيجاد الفرص المناسبة وإتاحة الحرية للعاملين معه للإفادة من خبراتهم ومعارفهم وتجاربهم واستثمارها إلي أقصي حد ممكن ، إذ أن تشجيعهم من خلال استخدام هذه الأساليب يسهم في دفعهم نحو التغيير والتجديد والتطوير ، وحفزهم لبذل أقصي طاقاتهم لتطبيق أساليب وممارسات جديدة في مجال عملهم .
ويشمل هذا البعد السلوك القيادي الهادف إلي توفير فرص مناسبة لتحقيق النمو المهني للعاملين في المدرسة، ووضع برامج تنفيذية وتطوير آليات مقترحة لتفعيل التعاون والشراكة الحقيقية بين العاملين في المؤسسة ومجموعة المؤسسات المجاورة ومختلف المؤسسات المجتمع المحلي لغايات إحداث التطوير التربوي والمجتمعي المنشود (جرادات و آخرون ، 2000 )