لا يتق دم المدير ما لم يتقدم به مرؤوسوه. فهؤلاء المرؤوسون، الذين يرأسهم المدير، مثلهم مثل المركبات لا تسير إلا بوقود كاف يحركها نحو الوجهة المطلوبة. ومع حلول عام وظيفي جديد، فإن المديرين مدعوون إلى فتح صفحة جديدة في علاقتهم مع مرؤوسيهم، بتبنيهم أفضل الطرق لتحفيز المرؤوسين لتقديم أفضل ما لديهم، ويكون ذلك من خلال إشباع حاجاتهم الخمس الرئيسية.
هذه الحاجات يتم إشباعها بالتحفيز وهو نوعان لا ثالث لهما: الأول تحفيز مكلف ماديا ويسمى 'التحفيز المادي' وهو ما يحتاج إلى موافقات أو استثناءات إدارية أو الالتزام بما جاء باللوائح المنظمة. أما النوع الثاني فهو التحفيز غير المكلف ماديا، أي 'التحفيز المعنوي'، وهو الذي يأتي طواعية من المدير نفسه ككلمات الثناء والشكر والإطراء وما شابهها رغبة في بث روح الحماسة في الموظفين.
ومعلوم في علم الإدارة أن إثارة حماسة العاملين هو من صلب اختصاصات المدير الذي يستخدم كل الحوافز الممكنة كوسيلة لتوجيه مرؤوسيه في أعمالهم لتحقيق أفضل أداء.
ومهما تحلى المدير بصفات جيدة وشخصية 'كاريزماتية' أو مؤثرة فانه يصعب عليه تحفيز المرؤوسين من دون التدرج في إشباع الحاجات الأساسية الخمس التي يحتاج إليها معظم الموظفين وهي: الحاجة الفسيولوجية والحاجة إلى الأمان والحاجة الاجتماعية والحاجة إلى التقدير العام والحاجة إلى تقدير الذات. فليس المال هو دائما الحل الأمثل أو الحل 'السحري' إن جاز التعبير.

الحاجة الفسيولوجية
'الحاجة الفسيولوجية' هي حاجات المأكل والملبس والمسكن والراحة. ويكون إشباع هذه الحاجة الأساسية عبر تفعيل أنظمة الحوافز وأجر الوظيفة، فالنواحي المالية هي التي توفر إمكانية الإشباع. والموظف الذي يعاني نقصا في هذه الحاجات الأساسية، التي يفترض توافرها لدى جميع الموظفين، لا تتحقق لديه الحاجتان العلويتان وهما تحقيق الذات أو الإحساس بالتقدير. ولذا فإن على المدير التحقق من مدى إشباع الموظفين لهذه الحاجات قبل الانتقال إلى الحاجة التالية.

الشعور بالأمان
'الشعور بالأمان' حاجة الفرد بألا يشعر بالخطر أو التهديد في عمله. ذلك أن الموظف إذا ما كانت وظيفته تهدد حياته الوظيفية باستمرار فإنه وأسرته سيشعرون بالقلق. ويمكن إشباع هذه الحاجة من خلال تطبيق نظم السلامة الجيدة، خاصة في الوظائف التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بمخاطر. كما يمكن التقليل من شعور الموظف بعدم الأمان من خلال الالتزام بنظام التأمينات الاجتماعية أو تقديم برنامج تقاعدي آخر شبيه يشعر الموظف بأنه يعمل في مكان آمن، يستحق أن ينهي في حياته الوظيفية.
ومعلوم أنه لا يمكن أن يشعر الموظف بتحقيق حاجتي 'التقدير' أو 'تحقيق الذات' ما لم يتمتع 'بحاجة الأمان الوظيفي'. والمقصود هنا الإشارة إلى أنه كيف نتوقع أن يشعر الموظف بالأمان ويبدع في عمله وهو في الوقت نفسه يعاني من غياب الأمان الوظيفي. هذا الشعور - وللأسف الشديد - يعاني منه الموظفون في مؤسسات عربية عديدة، وهو ما نسمعه باستمرار من شكاوى الناس وهمومهم.

الحاجة الاجتماعية
'الحاجة الاجتماعية' فهي ببساطة حاجة الفرد لأن يشعر بالانتماء إلى مجموعة عمل توليه الراعية اللازمة وتقدم له الدفء الاجتماعي الكافي. وتستطيع الإدارة إشباع هذه الحاجة لدى الموظف من خلال تفعيل دوره وإبرازه لدى جماعة العمل التي ينتمي إليها الفرد، وذلك من خلال الاحتفالات الخاصة أو الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية وغيرها.

حاجة التقدير
ليس هناك عاقل يرى نفسه في غنى عن 'حاجة التقدير' فهي حاجة مهمة للفرد لأنه من خلالها يشعر بتقدير واحترام الآخرين في العمل. ويندر أن تجد أحدا لا يسعى إلى تحقيق حاجة التقدير من قبل العاملين معه أو رؤسائه. أما عن طريقة تقدير الإدارة للموظفين فيمكن أن تتم من خلال كلمات الشكر والثناء وخطابات التقدير والحوافز وما شابهها. ولا ننسى أن هذه الحاجة تفقد فعاليتها إذا لم تكن طريقة إشباعها 'علانية' كأن يكرم الموظف في احتفال خاص أو أن ترسل نسخا من رسائل الشكر والثناء إلى جميع الموظفين عبر البريد الإلكتروني أو لائحة الإعلانات الحائطية.

تحقيق الذات
'تحقيق الذات' هي الحاجة التي نسعى جميعا إلى تحقيقها في رحلة الحياة. فنحن نريد من تحقيق هذه الحاجة أن يطلق لقدراتنا العنان لإنجاز العمل بطريقة مبتكرة وكاملة بعيدا عن القيود. ويساعد المديرون المرؤوسين في إشباع هذه الحاجة المهمة من خلال إعطائهم مزيدا من السلطة والحرية وتشجيع محاولات الابتكار والإبداع، كي تكون أعمالهم ذات طابع خاص يميزهم عن الآخرين.

عدوى انعدام العدالة
شعور الفرد بانعدام العدالة امر لا يجب ان تتساهل فيه المنظمات. فانعدام العدالة في تقديم الحوافز المادية شعور ينتشر كالعدوى في العمل، ويعطي انطباعا سلبيا بان المديرين يظلمون مرؤوسيهم. وسيبقى الموظف 'غير مرتاح' لطريقة تعامل الادارة معه ويتحين الفرصة المناسبة للانتقال الى وظيفة اخرى. ولذا تلجأ بعض الشركات الخاصة - الحريصة على ارضاء موظفيها - الى البيوت الاستشارية المرموقة عالميا لتقييم وضع الشركة من حيث الرواتب والامتيازات المادية المختلفة ومقارنتها بالمنافسين، ومن ثم مصارحة الموظفين بحالتهم و'تعديل اوضاعهم المادية' اذا لزم الامر ذلك، وهذا هو افضل حل لان في هذا التصرف 'دعاية ايجابية' لسمعة المنظمة في السوق، اي انها تعطي امتيازات جيدة مقارنة بالمنافسين، وذلك بشهادة طرف متخصص ومحايد. ولا ننسى انه مهما اغدقت الادارة على الموظف بالنعم فلن يحس بالرضا ما دام شعور بانعدام العدالة يساوره. وهنا دور الادارة العليا في تقديم علاج فوري وفعال لاي شكاوى يعرضها الموظف، فربما هناك من يشاركه هذا الشعور الصادق بانعدام العدالة في توزيع الحوافز.

جناحا المدير إلى عالم السعادة الوظيفية
لا يمكن ان يحلق المدير بمرؤوسيه نحو عالم الرضا الوظيفي ما لم يعط اعتبارا للحوافز المادية والمعنوية على حد سواء. وما اكثر المديرين الذين لا ينوعون ولا يغيرون من اساليب الحوافز التي يقدمونها لمرؤوسيهم. ومن مساوئ عدم تنويع الحوافز انه يشعر الموظف بالرتابة والملل، بطبيعة الحال، والجدول الآتي يشير الى بعض انواع الحوافز المادية والمعنوية:

أنواع الحوافز الفعالة
الحوافز المادية
المكافآت، العلاوات الجوائز القيمة، المنح، الدورات التدريبية، مكان لانتظار السيارة، توفير سكرتير، تذاكر سفر، تأمين صحي، تعليم الابناء، مسكن، حفلات التكريم، اشتراك في ناد صحي، قسائم شراء مخفضة او مجانية، بدل وقود، باقة زهور، اقامة مجانية بفندق، اشتراك في صحف او مجلات متخصصة، غداء جماعي مع المدير العام او الوزير او الوكيل، تمويل شخصي من غير فوائد.. الخ.


الحوافز المعنوية
عبارات التشجيع، عبارات الشكر، خطابات التقدير والشكر الرسمية، التبسم الصادق، التربيت على الكتف، منح اجازة مجانية بعد انجاز متميز، التصريح الصحفي باسم المنظمة، السماح بمغادرة الدوام قبل نهايته مكافأة لتحقيق انجاز جيد في الوقت المطلوب، اشراكه في الاجتماعات المهمة لسماع آرائه، تبني الآراء الجيدة.. الخ.