عنوان البحث: استخدام بطاقة الأداء المتوازن في صياغة وتنفيذ و تقييم إستراتيجية المؤسسة
(أ.وهيبة مقدم)
1.مقدمة:
في ظل تزايد حدة المنافسة بين مختلف المنظمات في قطاعات الأعمال المختلفة، أصبحت هذه الأخيرة مطالبة بتبني أساليب و أدوات إدارية حديثة و فعالة تمكنها من اكتساب المزايا التنافسية و الاحتفاظ بها لأطول فترة ممكنة، و تساعدها في اختيار و تطبيق و تقييم الاستراتيجيات التي تتبناها
من أهم هذه الأدوات و التي ظهرت مؤخرا بطاقة الأداء المتوازن، شهدت هذه الأداة اهتماما واسعا سواء من قبل الباحثين أو رجال الأعمال، كما حقق تطبيقها في بعض الشركات نجاحا ملفتا، جعلها تنتقل من مجرد أداة من أدوات الإدارة إلى نظام متكامل للإدارة الإستراتيجية.
أسلوب قياس الأداء المتوازن يساعد المنظمة على قياسها الأداء الاستراتيجي، بل و يذهب إلى ابعد من ذلك، فهو يساعد في صياغة استراتيجيات المنظمة و ترجمتها إلى أهداف إستراتيجية و ترجمة هذه الأهداف إلى قياسات إستراتيجية تحقق متابعة و تقييم الإستراتيجية.
و أكثر ما يميز هذه الأداة هو أنها لا تركز على قياس البعد المالي فقط كما كان سائدا من قبل من خلال أنظمة القياس التقليدية، بل هي تحقق التوازن من خلال تركيزها على قياس أربعة أبعاد أساسية في المنظمة، و هي: البعد المالي، بعد الزبائن، بعد الأنظمة الداخلية، بعد التعلم و النمو، و هذا من شانه أن يجنب الشركة الخطأ في تركيزها على الجوانب المالية فقط.
من خلال هذا البحث سنتعرف بشكل مفصل على بطاقة الأداء المتوازن، و نوضح أهم الوظائف التي يمكن أن تؤديها، و نركز على دورها الأهم و هو اعتبارها نظام للإدارة الإستراتيجية.
2.مشكلة البحث:
في البدء ظهرت بطاقة الأداء المتوازن لمواجهة القصور في أنظمة القياسات التقليدية السابقة، غير أن هذه الوظيفة لم تلبث أن تتطور و تصبح جزءا فقط من المهام التي يمكن أن تؤديها بطاقة الأداء المتوازن في إدارة المنظمات، فظهرت مزايا اكبر لهذه الأداة و من أهمها ارتباطها بشكل مباشر بكل مراحل الإدارة الإستراتيجية في المنظمة.
للتعرف على أهمية هذه الأداة سنحاول من خلال هذا البحث الإجابة عن التساؤلات التالية:
 ما هي أهم مراحل الإدارة الإستراتيجية في المنظمة؟
 ما المقصود ببطاقة الأداء المتوازن و ما هي محاورها؟
 كيف تساعد بطاقة الأداء المتوازن على صياغة و تنفيذ و تقييم الاستراتيجيات؟
 ما هي الخطوات اللازمة لتصميم بطاقة الأداء المتوازن في المنظمات؟
3.الهدف من البحث:
تتمثل أهداف هذا البحث فيما يلي:
 التعريف ببطاقة الأداء المتوازن و التي تعتبر من أدوات التسيير الحديثة التي ما تزال تحتاج إلى المزيد من الإيضاح ليسهل تبنيها من قبل المدراء و رجال الأعمال.
 عرض أداة مهمة تساعد المنظمة على الإدارة الإستراتيجية الجيدة و تمكنها من صياغة و متابعة و تقييم استراتيجياتها بشكل أكثر تنظيما.
 مساعدة المنظمة على الاستفادة من مزاياها التنافسية من خلال الإدارة الإستراتيجية الرشيدة.
 يساعد هذا البحث في عرض بطاقة الأداء المتوازن كأداة قياس الأداء الاستراتيجي، و متابعته و تصحيحه، لذلك فهي أيضا تستعمل لهذا الغرض.
 إظهار أهم مزايا استعمال هذه الأداة و التي منها أنها لا تركز على قياس جانب معين من جوانب الأداء على حساب الجوانب الأخرى، فهي تقيس الأداء في أربع مجالات: المالي، الزبائن، الأنظمة، التعلم التنظيمي.
 يقدم البحث خطوات عملية و مختصرة لتبني و استعمال بطاقة الأداء المتوازن.
4.فرضيات البحث:
يعتمد هذا البحث على فرضية رئيسية، و هي أن بطاقة الأداء المتوازن تساهم في صياغة و تنفيذ إستراتيجية المنشأة و تعمل على تقييمها و مراجعتها، فهي إذن نموذج يترجم الرؤية الإستراتيجية إلى أهداف و مقاييس محددة، و تيم ذلك في إطار متوازن بين أربع محاور أساسية في المنظمة و هي : المحور المالي، محور الزبائن، محور الأنظمة الداخلية، محور التعلم التنظيمي.
5.المنهجية العلمية المتبعة في البحث:
اتبعنا في هذه الدراسة للإجابة عن مشكلة البحث المنهج الوصفي الذي يعتمد على جمع البيانات و المعلومات التي تساعد على الوصف الدقيق للمشكلة و تحليلها للوصول إلى نتائج دقيقة، أما فيما يخص أدوات الدراسة فقد اعتمدنا على الكتب و البحوث و الدراسات السابقة و الإنترنت.
6.خطة البحث:
من أجل التعرض لكل جوانب الدراسة، تم تقسيم البحث إلى أربعة مباحث هي:
 المبحث الأول: مفهوم الإدارة الإستراتيجية، و فيه نتطرق لأهم المفاهيم المتعلقة بالإستراتيجية و الإدارة الإستراتيجية، كما نتعرف على مراحل الإدارة الإستراتيجية.
 المبحث الثاني: تعريف بطاقة الأداء المتوازن، و نتعرف من خلال هذا المبحث على مفهوم هذه الأداة و نشأتها و أهميتها، و المحاور الأربعة التي تحتويها.
 المبحث الثالث: بطاقة الأداء المتوازن نظام متكامل لصياغة و تنفيذ و تقييم الإستراتيجية، يركز هذا المبحث على تبيان الأهمية الإستراتيجية لبطاقة الأداء المتوازن.
 المبحث الرابع: الخطوات المنهجية لتصميم بطاقة الأداء المتوازن، و فيه نتعرف على أهم المراحل اللازمة لدمج بطاقة الأداء المتوازن في النظام الإداري للمؤسسة.
المبحث الأول: مفهوم الإدارة الإستراتيجية
تبني الإدارة الإستراتيجية في المؤسسات أصبح ضرورة في سبيل كسب المزايا التنافسية و إدراك كيفية التعامل معها.
1.تعريف الإستراتيجية:
الإستراتجية هي خطط و أنشطة المنظمة التي توضع بطريقة تتضمن خلق درجة من التطابق بين رسالة المنظمة وأهدافها، وبين هذه الرسالة والبيئة التي تعمل فيها بصورة فعالة وذات كفاءة عالية .
وتعرف أيضا بأنها أسلوب التحرك المرحلي لمواجه تهديدات أو فرص بيئية مع الأخذ في الحسبان لنقاط القوة و الضعف الداخلية، ويسعى إلى تحقيق أهداف محددة بالتماشي مع السياسات اللازمة .
2. تعريف الإدارة الإستراتيجية:
الإدارة الإستراتيجية هي العملية التي تتضمن تصميم و تنفيذ و تقييم القرارات ذات الأثر طويل الأجل التي تهدف إلى زيادة قيمة المنظمة من وجهة نظر العملاء و المساهمين و المجتمع ككل .
و تعرف أيضا بأنها العملية التي تقوم من خلالها الإدارة العليا بتحديد التوجهات طويلة الأجل وكذلك الأداء من خلال التصميم الدقيق والتنفيذ المناسب والتقييم المستمر للإستراتيجية الموضوعة، ومن أهم منافعها:
 توحيد الجهود وتجميع الأدوات نحو أهداف موحدة.
 دقة التنبؤ بنتائج التصرفات الإستراتيجية.
 تحسين الأداء الكلي للمنظمة في الأجل الطويل.
 جعل المديرين أكثر استجابة ووعيا بالظروف البيئية و تغيراتها.
 تقدير الفرص المستقبلية والمشكلات المتوقعة.
3.أهمية الإدارة الإستراتيجية:
الإدارة الإستراتيجية ضرورة و ليست ترفا لأنها تؤدي إلى الكفاءة في الأداء و يحقق المزايا التالية :
 تزود الشركة بمرشد حول ما تسعى لتحقيقه.
 تزود المسئولين بأسلوب و ملامح للتفكير في الشركة ككل.
 تساعد الشركة على توقع التغيرات في البيئة المحيطة بها و كيفية التأقلم معها.
 تساعد الشركة على تخصيص الموارد المتاحة و تحديد طرق استخدامها.
 تنظم التسلسل في الجهود التخطيطية عبر المستويات الإدارية المختلفة.
 تجعل المدير خلاقا و مبتكرا و يبادر بصنع الأحداث و ليس متلقيا لها.
 توضح صورة الشركة أمام كافة جماعات أصحاب المصالح.

4.مراحل الإدارة الإستراتيجية:
1.4 صياغة الإستراتيجية:
و تعني إيضاح و تمهيد الطريق الذي تعتقد المنظمة انه سيقودها لتحقيق غاياتها و من ثم فهي ترسم رسالتها و تحدد غايتها و توجه جهودها لتحليل العوامل و المتغيرات البيئية الخارجية و الداخلية بما يسهم في إنتاج الفرص و التعرف على المخاطر و تحديد عناصر القوة و الضعف، هذا إلى جانب اختيار البديل الاستراتيجي المناسب بعد استقراء الاستراتيجيات البديلة و المناسبة .
تتضمن عملية الصياغة الإستراتيجية تحديد كلا من: المهمة، الرسالة، الإستراتيجية و سياسات المنظمة، و في ما يلي توضيح لكل منها :
 رسالة المنظمة: يجب على المؤسسة أن تحدد لنفسها فكرا و مفهوما محددا لتمييزها عن غيرها من المؤسسات المنافسة لها.
 الهدف: هو ما تسعى المنظمة لتحقيقه، يجب أن تكون الأهداف قابلة للقياس و واضحة.
 السياسات: السياسات هي تقسيم المبادئ على الزمن للوصول إلى هدف محدد، و هي تنبثق من الإستراتيجية، وتشكل الخطوط العامة لاتخاذ القرارات و آليات لتنفيذ الاستراتيجيات.
 البرامج: هي مجموعة من النشاطات أو الخطوات اللازمة لتحقيق خطة ذات غرض معين، فالبرنامج يجعل الإستراتيجية ذات صيغة عملية.
 الموازنات: هي ترجمة مالية لبرامج المنشأة، توضع لأغراض التخطيط و الرقابة.
 الإجراءات: هي خطوات متتابعة تصف تفصيليا كيف تؤدى المهمة أو برنامج المنظمة.
2.4 عملية التنفيذ الإستراتيجي:
التنفيذ الإستراتيجي هو العملية التي يتم فيها ترجمة الإستراتيجية المصاغة إلى إجراءات عمل في إطار بناء نظم التخطيط و تخصيص الموارد المادية و البشرية و نظم الأفراد و الحوافز و نظم المعلومات الإدارية و نظام تقويم الأداء الاستراتيجي.
و يتطلب التنفيذ الاستراتيجي ما يلي:
- الوضوح في توزيع المسؤوليات
- محدودية عدد الاستراتيجيات و التغيرات للتمكن من السيطرة عليها.
- تخطيط الأعمال اللازمة لتنفيذ الإستراتيجية.
- قياس مستوى تقدم التنفيذ.
- تحديد مقاييس الأداء و الرقابة.
3.4 عملية الرقابة الإستراتيجية و تقويم الأداء الاستراتيجي:
1.3.4 عمليات الرقابة الإستراتيجية:
الرقابة الإستراتيجية هي نظام يساعد المسيرين على تقييم مدى التقدم الذي تحرزه المؤسسة في تحقيق أهدافها، و مراحل الرقابة تتمثل في:
- تحديد مراحل العمل
- وضع معايير القياس و التقويم
- قياس الأداء الحالي
- مقارنتها مع المعايير المحددة سلفا
- اتخاذ الإجراءات التصحيحية في حالة عدم التوافق بين المحقق و المعيار.
2.3.4 تقويم الأداء الاستراتيجي:
الأداء الاستراتيجي انعكاس لقدرة المنظمة و قابليتها على تحقيق أهدافها، و يعكس كيفية استخدام الموارد المادية و البشرية و المالية و استغلالها بالصورة الملائمة لتحقيق الغرض منها.
أما التقويم الاستراتيجي فهو العملية التي تساهم في تقديم المعلومات و البيانات التي تستخدم في قياس مدى تحقق أهداف المنظمة للتعرف على اتجاهات الأداء فيها، ويشمل على معايير مختلفة منها: معايير الإنتاجية، معايير الربحية، معايير القيمة المضافة، مؤشرات النشاط،معدلات النمو.
5.أنواع الاستراتيجيات التنافسية:
هناك أنواع متعددة من الاستراتيجيات، من أكثر هذه الأنواع شيوعا الاستراتيجيات التنافسية و التي تقسم الإستراتيجية من حيث الميزة التنافسية إلى ثلاثة أنواع :
1.5 إستراتيجية التميز في السعر:
نعني بها سعي المنظمة إلى جذب الزبائن من منافسيها من خلال عرض سلعها و خدماتها بأسعار تقل عن أسعار المنافسين، إذا اختارت المنظمة هذه الإستراتيجية عليها تخفيض التكاليف وتقليص الخدمات الإضافية لكي لا تتكبد خسائرا جراء تخفيض الأسعار.
2.5 إستراتيجية التميز في خصائص و نوعية المنتج:
تعني جذب الزبائن من المنافسين من خلال تقديم خدمات و منتجات بنوعية أفضل و خصائص مميزة تجعل من الزبائن مستعدين على دفع أعلى الأسعار للحصول على المنتج الأفضل.
3.5 إستراتيجية التميز بكثافة الخدمة المقدمة:
و نعني بهذه الإستراتيجية هو أن تقدم المنظمة مجموعة كبيرة من الخدمات التي يحتاجها الزبون بحيث يختار التعامل معها و فضلها على المنافسين اختصارا للوقت و الجهد.
و جدير بالذكر أنه لكل إستراتيجية من الاستراتيجيات الثلاثة التزامات محددة: فالتميز بالسعر يتطلب ضبط النفقات للتمكن من تخفيض الأسعار، أما التميز بالنوعية يقتضي وضع أنشطة لتحديد مواصفات النوعية بدقة متناهية ووفقا للمعايير المتعارف عليها، وهذا يقود إلى الحاجة لاختيار مواد أولية وطرق عمل عالية الأداء مع الاهتمام بالرقابة على النوعية.
المبحث الثاني: تعريف بطاقة الأداء المتوازن
في فترة السبعينات من القرن العشرين قامت مجموعة من الأكاديميين و الممارسين الفرنسيين بتقديم منهج يربط بين هيكل المعلومات في المنظمة و كل من الهيكل التنظيمي و إستراتيجية المنظمة و المسئولين عن اتخاذ القرارات بها، و أطلقوا على هذا المنهج "لوحة القيادة" و التي تشبه لوحة التحكم في السيارة حيث تضم مجموعة من الإشارات التي تسمح للمدير بان يدير العمليات باستخدام مجموعة مختلفة من التوجيهات، و هي تقدم الأساس لتوفير مجموعة من المعلومات لمتخذي القرارات .
و تمثلت الخطوة التالية في تقديم بطاقة الأداء المتوازن حيث ظهر هذا المفهوم على يد كل من ( Robert.S. Kaplan et David .P. Norton) ، ونوقشت لأول مرة في جامعة (هارفرد) في عام 1992.
1.تعريف بطاقة الأداء المتوازن:
هناك تعريفات مختلفة لبطاقة الأداء المتوازن، من أهمها:
 بطاقة قياس الأداء المتوازن هي نظام إداري يهدف إلى مساعدة المنشأة على ترجمة رؤيتها و إستراتيجياتها إلى مجموعة من الأهداف و القياسات الإستراتيجية المترابطة .
 بطاقة الأداء المتوازن هي مفهوم يساعد على ترجمة الإستراتيجية إلى عمل فعلي، و هي تبدأ من تحديد رؤية المنظمة و إستراتيجيتها و من تحديد العوامل الحرجة للنجاح و تنظيم المقاييس التي تساعد على وضع هدف و قياس الأداء في المجالات الحرجة بالنسبة للاستراتيجيات .
 بطاقة الأداء المتوازن هي أول عمل نظامي حاول تصميم نظام لتقييم الأداء يهتم بترجمة إستراتيجية المنشأة إلى أهداف محددة ومقاييس ومعايير مستهدفة ومبادرات للتحسين المستمر، كما أنها توحد جميع المقاييس التي تستخدمها المنشأة .
2.المحاور الأربعة المكونة لبطاقة الأداء المتوازن:
بطاقة الأداء المتوازن تمكن المنظمة من تقييم الأداء على نحو متكامل عن طريق ربط الأهداف المتعددة التي تسعى المنظمة لتحقيقها و ذلك بهدف تدعيم موقفها التنافسي، و يتم في البطاقة ترجمة رؤية المنظمة و استراتيجياتها إلى أهداف و مقاييس يتم تبويبها في أربعة أبعاد يقوم كل منها بتقييم الأداء من منظور مختلف، فيتم تقييم الأداء من منظور المساهمين و العملاء و العمليات التشغيلية الداخلية و التعلم و النمو .
إذن بطاقة الأداء المتوازن نابعة من فكرة متعددة الأبعاد لقياس لأداء الكلي حيث تسمح بالقياس على مستوى أربع مجالات هي:
1.2 المحور المالي:
يحوي هذا المحور أهدافا مالية بحتة مثل: العائد على الاستثمار، تكلفة المنتجات، الربحية، التدفق النقدي، و يستخدم لقياس ذلك النسب المالية و الأرقام المالية المختلفة، كذلك قد تكون بعض الأرقام المالية مهمة في وقت ما مثل التدفق النقدي في أوقات العسرة، أما الشركات غير الهادفة للربح فقد يختلف الأمر و لكنها في النهاية لا بد أن تحافظ على استمرارها في أنشطتها بالمحافظة على وجود موارد كافية .
2.2 محور الزبائن:
إن المنظمة تحتاج إلى إن توجه اهتمامها إلى تلبية احتياجات و رغبات عملائها لان هؤلاء العملاء هم الذين يدفعون للمنظمة لتغطية التكاليف و تحقيق الأرباح، من خلال هذا المنظور توضع مؤشرات تعكس وضع العميل بالنسبة للمنظمة مثل : رضا الزبائن، الحصة السوقية، درجة الولاء، القدرة على الاحتفاظ بالزبون، القدرة على اجتذاب العميل، و ربحية العميل .
3.2 محور الأنظمة الداخلية:
حيث يتم قياس فعالية الأنظمة الداخلية للمؤسسة من أجل ضمان تنافسيتها، ومن أهمها نظام التجديد(البحوث، عدد براءات الاختراع، عدد المنتوجات الجديدة...)، هذا بالإضافة إلى نظام الإنتاج(جودة المنتجات، آجال الإنتاج...)، و نظام خدمة ما بعد البيع أيضا من الأنظمة المهمة (استقبال الزبون، أجل حل المشكلات...).
4.2 محور التعلم التنظيمي:
يحدد هذا الجانب القدرات التي يجب أن تنمو فيها المنظمة من أجل تحقيق عمليات داخلية عالية المستوى التي تخلق قيمة للعملاء و المساهمين، يؤكد جانب النمو و التعلم على ثلاث قدرات : قدرات الموظف و إعادة توجيهها (تعليم و تطوير الموظفين، قياس رضا الموظفين، وفاء الموظفين، إنتاجية الموظفين...)، فعالية أنظمة المعلومات، التحفيز و تحمل الأجراء للمسؤولية.
بالنسبة لكل محور من هذه المحاور الأربعة يتم تحديد الأهداف و إظهارها من خلال المؤشرات مع قيمها المستهدفة و دمج المبادرات من أجل التعديل مع الأهداف الإستراتيجية، الانسجام الكلي بين المحاور الأربعة يعرض نموذجا لقياس أداء المؤسسة من خلال رؤية عرضية لنشاطاتها من أجل تنسيق الإستراتيجية مع الأنظمة التنفيذية.


















الشكل) 1( : محاور قيـاس جـدول القيـاس المستقبـلي























Source : Robert Kaplan et David Norton ; le tableau de bord prospectif(pilotage stratégique : les quatre axes du succès) ; éditions d’ organisation ; Paris ; France ;1998.;p :69
3.التوازن في بطاقة الأداء المتوازن:
ينعكس التوازن في بطاقة الأداء المتوازن من خلال:
 التوازن بين الأهداف قصيرة الأجل و الأهداف طويلة الأجل.
 التوازن بين المؤشرات المالية و غير المالية.
 التوازن بين مؤشرات قياس الأداء السابق و مؤشرات قياس الأداء المستقبلي.
 التوازن بين الأداء الداخلي و الأداء الخارجي.
4.الخصائص المميزة لبطاقة الأداء المتوازن:
قدم Robert.S. Kaplan et David .P. Norton)) مقياس الأداء المتوازن كأداة متكاملة و مركبة لقياس و إدارة الأداء الاستراتيجي، انطلاقا من تزايد الضغوط التنافسية على تنظيمات الأعمال، و كذا نتيجة لقصور النظام التقليدي لقياس الأداء من الوفاء بالمعلومات اللازمة لإدارة الأداء الاستراتيجي، و يمكن تجميع السمات الأساسية التي تميز مقياس الأداء المتوازن في مجموعة الملامح الأساسية التالية :
 يعد مقياس الأداء المتوازن نموذج رباعي الأبعاد انطلاقا من المنظورات الأربعة التي يقوم عليها و هي منظور الأداء المالي و منظور العلاقات مع العملاء و منظور عمليات التشغيل الداخلية و منظور عمليات التعلم و النمو.
 تقسم بطاقة الأداء المتوازن كل منظور إلى خمس مكونات راسية هي : الهدف الاستراتيجي الفرعي، المؤشرات، القيم المستهدفة، الخطوات الإجرائية و المبادرات، القيم الفعلية.
 يقوم مقياس الأداء المتوازن على أساس مزج المؤشرات المالية بالمؤشرات غير المالية بهدف التعرف على مدى التقدم نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية كميا و ماليا.
 يربط مقياس الأداء المتوازن مؤشرات الأداء الأساسية المالية و غير المالية الخاصة بكل منظور مع الأهداف الإستراتيجية الفرعية المستمدة أساسا من إستراتيجية تنظيم الأعمال.
 يتسم مقياس الأداء المتوازن بمحدودية عدد مؤشرات الأداء الأساسية، انطلاقا من خاصية الرشد المحدود، و خاصية عدم إتاحة معلومات أكثر من الطاقة التحليلية لمتخذ القرار.
 يقوم مقياس الأداء المتوازن على أساس مجموعة من الروابط الراسية السببية بين الأهداف الإستراتيجية الفرعية و بعضها البعض و بين مؤشرات الأداء الأساسية و بعضها البعض، وذلك من خلال ما يعرف بعلاقات السبب و النتيجة التي تتضمنها الخريطة الإستراتيجية.
 يتطلب مقياس الأداء المتوازن توافر نظام معلومات راق و بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات، تتيح استخدام نظم التقرير البرمجية، لتدفق المعلومات راسيا و أفقيا في الوقت المحدد.
 يتطلب مقياس الأداء المتوازن وجود وحدة إدارية مستقلة في الهيكل التنظيمي، تتبع مباشرة مجلس الإدارة، و تتولى الإشراف على إدارة الأداء الاستراتيجي و ربطه مع الأداء التشغيلي.
5. أهمية بطاقة الأداء المتوازن:
 تعمل البطاقة بمثابة الحجر الأساس للنجاح الحالي والمستقبلي للمنظمة، عكس المقاييس المالية التي تفيد بما حدث في الماضي و لا تشير إلى كيفية الاستفادة منها في تحسين الأداء مستقبلا.
 تمكن من ربط إستراتيجية المنظمة البعيدة المدى مع نشاطاتها القريبة المدى.
 تمكن البطاقة من تشخيص وتحديد بصورة عملية مجالات جديدة ينبغي أن تتميز بها المنظمة لتحقيق أهداف المستهلك والمنظمة.
 المساعدة في التركيز على ما لذي يجب عمله لزيادة تقدم الأداء وتعمل كمظلة للتنويع المنفصل لبرامج المنظمة مثل الجودة و إعادة التصميم وخدمة الزبون.
 توضح الرؤية الإستراتيجية وتحسن الأداء وتضع تسلسلا للأهداف وتوفر التغذية العكسية للإستراتيجية وتربط المكافئات بمعايير الأداء.
 تبقي بطاقة الأداء المتوازن المعايير المالية كملخص مهم لأداء العاملين والإدارة وبنفس الوقت تلقي الضوء على مجموعة مقاييس أكثر عمومية وتفاعلا وترابطا بين المستهلك والعماليات الداخلية والعاملين وأداء النظام لتحقيق نجاح مالي طويل الأمد.




المبحث الثالث: بطاقة الأداء المتوازن نظام متكامل لصياغة و تنفيذ و تقييم الإستراتيجية
كثير من المؤسسات تواجه مشكلات مرتبطة بتطبيق استراتجييها و تجد صعوبة في تحويل الإستراتيجية إلى نشاطات عملية قابلة للقياس، قد يرجع هذا الفشل في تطبيق الإستراتيجية إلى أن:
 الإستراتيجية لا تكون مدركة ولا مفهومة من قبل كل الأقسام في المؤسسة.
 النشاطات التي تنجم عن التوجهات الإستراتيجية ليست محددة بوضوح.
إذ يعكس واقع المؤسسات أن معظم النشاطات المنفذة في الأقسام مفيدة غير أنها لا تخدم الإستراتيجية و في بعض الأحيان قد تتعارض معها، لذلك فإنه من أجل الإدارة الإستراتيجية السليمة من المهم استعمال بطاقة الأداء المتوازن حيث تكون القياسات فيها منسجمة مع إستراتيجية المؤسسة، كما أن لها دورا فاعلا على امتداد المراحل الثلاثة للإدارة الإستراتيجية.
1.بطاقة الأداء المتوازن و مرحلة الصياغة الإستراتيجية:
1.1 ترجمة الرؤية الإستراتيجية للمؤسسة إلى أهداف:
عند استعمال بطاقة الأداء المتوازن يجب ابتداء تحديد الإستراتيجية المناسبة التي ستتبناها المنظمة، و من ثم يسهل ترجمة رسالة المنظمة إلى أهداف قابلة للقياس و التقييم.
فعملية تشكيل بطاقة الأداء المتوازن يجب أن تكون مسبوقة بتوضيح الرؤى الإستراتيجية المستقبلية بالنسبة للمؤسسة، ثم عليها التساؤل حول ما الذي سيتم تصحيحه لو قامت بوضع هذه الإستراتيجية بالنسبة لمساهميها، زبائنها و أنظمتها و قدرتها على التجديد، وعلى هذا الأساس تقوم بتحديد العوامل الحرجة لكل محور من هذه المحاور و تحديد الوسائل لقياسها.
تركز الأهداف المالية على بعض القياسات مثل: النمو، الربحية، دوران رأي المال الموظف، أما الأهداف المرتبطة بالزبائن فتضم المؤشرات المتعلقة بقطاعات السوق المستهدف و رضا الزبائن ووفائهم، المردودية لكل قطاع من الزبائن، الحصة السوقية في السوق المستهدف، محور الأنظمة يتضمن الأهداف طويلة الأجل مثل تلك المتعلقة بدورة التجديد و الأهداف القصيرة المرتبطة بدورة الاستغلال، محور التعلم التنظيمي له أهداف تهتم بالبنى التحتية التي يجب أن تضعها المؤسسة و بالموارد البشرية، وغالبا فإن من 15 إلى 20 هدفا هو عدد كافي لترجمة الرؤية الإستراتيجية .
و على كل فاعل في المؤسسة من القمة إلى القاعدة أن يعرف إستراتيجية المؤسسة و دوره لتحقيقها، يمكن ذلك من خلال الميكانيزمات التالية :
 برامج الاتصال و التكوين(كتيب، جريدة داخلية، الرسائل الإلكترونية...)
 نشاطات تحديد الأهداف: بعد توصيل الأهداف العريضة لكامل المعنيين و شرحها يمكن للأجراء تحديد أهدافهم الخاصة بدلالة الأهداف العامة.
 وضع نظام للمكافآت لتشجيع نشر الإستراتيجية.
2.1 ربط القياسات بالأهداف الإستراتيجية للمؤسسة:
بطاقة الأداء المتوازن ليست طريقة جديدة لقياس الأداء فحسب و لكن أداة للإدارة الإستراتيجية، فالمؤسسات التي تلجأ إلى وضع قائمة من مؤشرات الأداء الأساسية و إلحاقها بنظام لمتابعتها، غير أن هذه القائمة ما هي إلا سلسلة من الأنشطة الواجب القيام بها و لا يوجد ما يربطها مع إستراتيجية المؤسسة، وأحيانا لا ترتبط هي في ما بينها، تأتي أهمية بطاقة الأداء المتوازن ليس من كونها تجمع بين مؤشرات مختلفة، و إنما من كونها تثبت عددا محدودا من التوجهات الإستراتيجية الأساسية يتم تقسيمها إلى أهداف إستراتيجية ملحقة بنظام خاص للقياس .
و هناك ثلاثة عناصر أساسية تساعد في ربط القياسات بإستراتيجية المؤسسة، وهي:
 علاقات السبب و النتيجة(العلاقات السببية):
تعرف الإستراتيجية بأنها مجموعة من الفرضيات التي ترتبط قي ما بينها بعلاقة سببية، كثير من العمليات الإستراتيجية تمثل علاقات سبب ونتيجة، ولذا يجب أن يحقق القياس العلاقة بينهما حتى يمكن إدارتها والتأكد من صحتها، ويجب أن تتضمن العلاقة الجوانب الأربعة المكونة لبطاقة قياس الأداء المتوازن.
مثال : معدل العائد على رأس المال يزيد بزيادة المبيعات للعملاء ويعكس ذلك ولاء العملاء، إذن يتم إدراج معدل العائد في الجانب المالي والولاء في جانب العملاء ولكن كيف يتحقق الولاء؟ يتم الحصول على الولاء بتحسين وقت الخدمة للعملاء إذن ندرج الولاء ووقت الخدمة للعملاء في جانب العملاء من البطاقة ولتحقيق وقت خدمة قصيرة يجب تقليل وقت أداء العمل وإجادة العمليات الداخلية (يتم إدراجهم في العمليات الداخلية) وهذا يتم الحصول علية بالتدريب وتنمية المهارات للموظفين (يتم إدراجهم في جانب التعلم والنمو).
و يتم وصف علاقات السبب و النتيجة من خلال الخرائط الإستراتيجية، هذه الأخيرة تعني تمثيل تصوري لهذه العلاقات السببية، لبيان كيفية الربط بين الأهداف الإستراتيجية الفرعية بعضها البعض و بين مؤشرات الأداء الأساسية بعضها البعض و ذلك من خلال مجموعات متتالية من العلاقات الافتراضية السببية، و تمثل الخرائط الإستراتيجية إحدى المكونات الأساسية لمقياس الأداء المتوازن.
ولغرض إحداث تطوير على بطاقة الأداء المتوازن نحو الاتجاه الاستراتيجي يمكن عمل موائمة بين الخارطة الإستراتيجية والمنظورات الأربعة للبطاقة على أساس فلسفة رؤية المنظمة التي تترجم بصيغة مجموعة استراتيجيات، بدءا من الإستراتيجية المالية التي تستهدف زيادة قيمة حملة الأسهم وانتهاء بإستراتيجية التعلم والنمو التي تستهدف زيادة قدرة العاملين في المنظمة .
 محددات الأداء:
في جدول القيادة المتوازن نجد أن المؤشرات التي تعكس الأهداف تكون مشتركة بين عدة مؤسسات، غير أن محددات الأداء تخص كل مؤسسة بذاتها، لذلك يجب أن يضم جدول القيادة المتوازن: مؤشرات تقيس النتائج، و محددات الأداء و هي التي تسمح للمؤسسة بوضع تحسينات قصيرة الأجل قريبة من المهام اليومية.
 الاحتكام إلى النتائج المالية: يجب أن يخصص لجدول القيادة حيزا للمؤشرات المالية، ذلك أن المحاور الأخرى ليست هدفا بحد ذاتها إنما هي وسيلة لتحقيق مكاسب مالية.
2.بطاقة الأداء المتوازن و مرحلة تنفيذ الإستراتيجية:
1.2 أهمية وضع موازنة إستراتيجية (تحويل الأهداف إلى نشاطات):
في بعض الأحيان تحيد الشركة عن الإستراتيجية التي اختارتها لنفسها و تضل طريقها في تعاملاتها و تصرفاتها فتضيع بين الأهداف المتضاربة و يلتبس عليها الأمر، فلا تعرف في أي وجهة تمضي و لا أي طريق تختار و هذا يسمى "التضارب الإستراتيجي فمثلا قد تختار الشركة شكل تميز العلاقات مع العملاء، و لكنها تنفق مواردها في رفع كفاءة عمليات التشغيل و تخفض أسعار منتجاتها، لدرجة لا تتوفر معها أية موارد أخرى لتعزيز علاقاتها مع العملاء، للقضاء على هذا التضارب الاستراتيجي يكون على الشركة أن تقوم بإعداد موازنة بين الأهداف النظرية و الأنشطة العملية داخل الإستراتيجية لتحقيق الخيار الاستراتيجي، دون انحراف أو التباس .
2.2 أهمية الموازنة بين الأنشطة و القياسات:
يكمن جوهر الإستراتيجية في نوع الأنشطة التي تركز عليها، فيجب على المسير أن يوازي بين أنواع الأنشطة الإستراتيجية التي تهدف لتحقيق أهداف إستراتيجية معينة و الأدوات التي تستخدم لقياس أثر هذه النشاطات، فلا يصح مثلا أن تركز الشركة على أنشطة كفاءة التشغيل بينما تنصب أدواتها الإستراتيجية على قياس درجة ولاء العملاء، كما ينبغي التأكد من وجود التوافق بين الأنشطة الإستراتيجية ذاتها، و كذا التوافق بين الأنشطة الإستراتيجية و بين المؤشرات التي تقيسها.
3.2 الإجراءات المتعلقة بالموازنة الإستراتيجية في بطاقة الأداء المتوازن:
إدماج التخطيط الاستراتيجي و الإجراءات المتعلقة بالموازنة في بطاقة الأداء المتوازن يتضمن أربع خطوات هي :
 تحديد الأهداف التي يتم قبولها من طرف الجميع.
 تحديد و تنظيم المبادرات الإستراتيجية.
 إحصاء و جمع المبادرات العرضية التي ينجم عنها "التضافرية" (synergies) و الملائمة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية.
 ربط الإستراتيجية بالموارد و الموازنات السنوية.
3.بطاقة الأداء المتوازن و مرحلة تقييم الإستراتيجية (التعلم الاستراتيجي):
من المهم أن تملك المؤسسات نظاما للتعلم التنظيمي يسمح للمسيرين بتحليل فرضياتهم و تحديد ما إذا كانت المبادئ التي تقود نشاطاتهم هي دائما متلائمة مع النشاطات و مكيفة مع الملاحظات و الخبرات، ففي بعض الأحيان يجب وضع استراتيجيات جديدة لاستغلال منافذ معينة و مواجهة تهديدات غير متنبأ بها، من أجل الحصول على نظام فعال للتعلم التنظيمي عليه أن يضم:
 إطار استراتيجي مشترك يوضح الإستراتيجية الكلية و يظهر لكل عامل في المنظمة بماذا تساهم نشاطاته، يتحقق هذا بفضل بطاقة الأداء المتوازن التي تعتبر شكلا من أشكال الأداء المشترك.
 نظام لعودة المعلومات المتعلقة بالآثار الإستراتيجية و التي تسمح باختبار الفرضيات حول علاقات السبب و النتيجة بين الأهداف و الخيارات الإستراتيجية.
 نظام لحل المشكلات يحلل و يستخلص المعطيات حول الأداء ثم يكيف الإستراتيجية بدلالة تطور الظروف و المشكلات، أفضل وسيلة لذلك هي الحل الجماعي للمشكلات أي الحل بالفرق.
الشكل (2): نظام جديد للتسيير من أجل وضع الإستراتيجية










































Source :Robert Kaplan et David Norton ;le tableau de bord prospectif(pilotage stratégique : les quatre axes du succès) ; éditions d’ organisation ; Paris ; France ;1998;p : 205
المبحث الرابع: الخطوات المنهجية لتصميم بطاقة الأداء المتوازن:
يمكن تلخيص الخطوات التفصيلية لتصميم بطاقة الأداء المتوازن في المراحل التالية:
1.تحديد الرؤية الإستراتيجية للمؤسسة و صياغة رسالتها:
تعبر الرؤية عن طموحات المنظمة و تصوراتها عما ستكون عليه في المستقبل البعيد، و هي تساعد في صياغة الرسالة، هذه الأخيرة تظهر في شكل وثيقة مكتوبة، تدل على الغرض الأساس الذي وجدت المنظمة من أجله، أو المهمة الجوهرية لها، ومبرر وجودها و استمرارها، وهي أيضا تعبير عن الرؤية العامة من جهة، وتوصيف أكثر تفصيلا لأنشطة ومنتجات و مصالح المنظمة وقيمها الأساسية، تساعد كل من الرؤية و الرسالة في صياغة الأهداف الإستراتيجية للمنظمة.
2.وضع الاستراتيجيات و تحديد الأهداف الإستراتيجية بدقة:
تترجم عملية صياغة إستراتيجية المؤسسة من خلال وضع مخطط مفصل، هذا المخطط يصف النشاطات اللازم القيام بها بدلالة الوسائل و القيود من أجل الوصول إلى هدف ثابت في زمن محدد، هذا المخطط سيكون إطارا لمصب القرارات المتخذة لبلوغ أفضل إستراتيجية ملائمة .
تمر هذه المرحلة من خلال الخطوات التالية:
1.2 المرحلة الأولى:صياغة الاستراتيجيات الملائمة
و فيها يتم الإجابة عن التساؤلات التالية:
 من نحن؟: تحليل كيان المؤسسة(مواردها، هياكلها، المستخدمين، التجهيزات...)
 أين نحن؟: تحليل المحيط(سوق المؤسسة، زبائنها، موردوها، منافسوها، شركاؤها..)
 إلى أين نود الاتجاه التعبير عن الأهداف المرجوة.
الإجابات عن هذه الأسئلة تسهل وضع الاستراتيجيات و اختيار تلك الملائمة للمؤسسة اختيار الاستراتيجيات الأكثر ملائمة من بين مجموعة من السيناريوهات للاستراتيجيات المحتملة.
2.2 المرحلة الثالثة:وضع الأهداف الإستراتيجية:
انطلاقا من الاستراتيجيات التي تمت صياغتها، تقوم المؤسسة بتحديد عدد من الأهداف الكلية على المستوى الاستراتيجي، بحيث تحدد عددا محددا من الأهداف مقابل كل محور من محاور بطاقة الأداء المتوازن الأربعة.
و يجب أن يتميز الهدف بالخصائص التالية: أن يكون محددا، قابلا للقياس، واقعي(يمكن بلوغه)، محل إجماع، و أن يرتبط بإستراتيجية المنظمة.
مثال : إذا رغبت في توسيع حصتها السوقية يمكن أن يكون هدفها الاستراتيجي هو:"تقديم أفضل خدمة لزبائنها"، هذا الهدف يمكن أن يترجم إلى سلسلة من الأهداف التكتيكية، مثل: تحسين مستوى الجاهزية لخدمة الزبون من خلال معالجة الطلبية في زمن قصير.
3.تحديد عوامل النجاح الحرجة و إعداد الخريطة الإستراتيجية:
تعني هذه الخطوة الانتقال من الاستراتيجيات الموصوفة إلى مناقشة ما نحتاجه لنجاح الرؤية الإستراتيجية، بحيث تحدد المنظمة ما هي أكثر العوامل تأثيرا على النجاح ضمن كل محور من محاور بطاقة الأداء المتوازن الأربعة.
تركز مفاتيح النجاح على التغييرات التي يجب أن تمارسها المؤسسة و هي خطوة سابقة لوضع الخطط العملية و تساعد على تحديد القياسات الأساسية .
أمثلة: تنمية قدرات و أداء الموظفين، إيجاد قنوات استثمارية جديدة، اقتحام أسواق جديدة.
يعتمد على هذه العوامل في رسم الخريطة الإستراتيجية، و التي تعتبر أداة اتصال منطقية تربط الاستراتيجيات المختلفة للمنظمة بعملياتها وبالنظم التي تساعد في انجاز تلك الاستراتيجيات و أهميتها تكمن في تقديم خطط واضحة للعاملين في مختلف المستويات التنظيمية في المنظمة لرؤية كيف تربط الأعمال التي يقومون بها مع كل أهداف المنظمة ليتمكنوا من أن يعملوا بشكل منسق وباتجاه تحقيق الأهداف المرغوبة للمنظمة، الشكل المولي يمثل نموذج للخريطة الإستراتيجية:
الشكل : إيجاد قنوات استثمارية جديدة


المالية






العملاء




الإجراءات
الداخلية







التعليم و النمو




المصدر: إبراهيم أحمد العسيري، بطاقة الأداء المتوازن، ملخص برنامج تدريبي، دار التقنية للاستشارات، ص :22.
4. اختيار القياسات:
بعد تحديد عوامل النجاح التي تم استخراجها من الأهداف الإستراتيجية للمؤسسة، يجب التعبير عن هذه العوامل كميا، أي يجب قياسها، يتم ذلك من خلال اختيار المؤشر المناسب الذي يقيس بدقة عامل النجاح المراد تقييمه.
و يعرف المؤشر بأنه معلومة تكون عموما رقمية و يتم اختيارها من أجل التقييم عند مجالات متقاربة لتنفيذ المهمة و تحديد الأهداف الموافقة .
و من أمثلة ذلك: مثلا نستعمل مؤشر معدل الغيابات لمعرفة رضا الموظفين وانتمائهم للشركة.
5.إعداد خطط العمل:
يجب على إدارة المنظمة إعداد خطط العمل أي بيان الأنشطة و الأعمال الواجب القيام بها سعيا لانجاز الأهداف و الرؤية الإستراتيجية، و يتضمن ذلك تحديد الأهداف السنوية و تخصيص الموارد و تحديد المسؤوليات و الأدوات و تدعيم البرامج، و اختيار الأفراد المسئولين عن إتمام خطة العمل، و تحديد المدة اللازمة للتطبيق، و لضمان حسن تطبيق الإستراتيجية فيجب متابعتها و مراقبتها و اتخاذ الإجراءات التصحيحية إن لزم الأمر ذلك.
6.متابعة و تقييم بطاقة الأداء المتوازن:
للتأكد من سلامة تطبيق بطاقة الأداء المتوازن لا بد من متابعتها بشكل مستمر للتأكد من أنها تنجز الوظيفة المقصودة باعتبارها أداة ديناميكية للإدارة الإستراتيجية، و من الضروري استخدامها في العمليات اليومية للمنظمة و على مستوى كل المستويات الإدارية في المنظمة.
يتم ذلك من خلال متابعة المقاييس المعدة في جميع المستويات الإدارية و الحرص على اللجوء إليها بشكل مستمر في العمليات اليومية للإدارة، إذن يجب أن تكون عملية تسجيل درجات قياس الأداء المتوازن جزء من العمل اليومي للشركة.
و من خلال إتباع هذه الخطوات نكون قد خطونا خطوة إستراتيجية على مستوى العملية الإدارية للمنظمة.
















الخاتمة(النتائج و التوصيات):
في ختام هذا البحث نخلص إلى عرض النتائج التالية:
بطاقة الأداء المتوازن هي نظام للإدارة الإستراتيجية تدمج أربع محاور إدارية و تسمح للمسيرين بإشراك الأهداف الإستراتيجية طويلة الأجل مع قياسات ذات الأجل القصير، و تمكن من:
o ترجمة إستراتيجية المؤسسة
o خلق اتفاق حول الرؤية و الإستراتيجية.
o الاتصال و الانسجام الذي يسهل جهود الإدارة العامة في توضيح الإستراتيجية و شرحها و ربطها مع أهداف موظفيها وفقا لنشاطاتها.
o رد الفعل و التعلم التنظيمي.
بطاقة الأداء المتوازن توفر للمسيرين إطارا كاملا للعمل على ترجمة إستراتيجية المؤسسة إلى خطط عملية و إلى مجموعة متكاملة من مؤشرات قياس الأداء.
المحاور الأربعة لبطاقة الأداء المتوازن تحقق التوازن بين الأهداف طويلة الأجل وقصيرة الأجل، وبين النتائج المرغوبة ومحددات هذه النتائج، بين المقاييس للموضوعية والمقاييس الذاتية.
ساهمت بطاقة الأداء المتوازن في التحول من التركيز على المؤشرات المالية إلى الاهتمام بجوانب أخرى، مثل: الزبائن و الأنظمة و ديناميكية النمو في المؤسسة، و هو لا يفضل قياسا من القياسات الأربعة على حساب القياس الآخر بل هو يوازن بينها جميعا.
تشكل بطاقة الأداء المتوازن مصدرا ثريا للمعلومات و هي بذلك تساهم في تغذية نظم المعلومات الإدارية داخل المؤسسة.
و انطلاقا من هذه النتائج نقترح مجموعة من التوصيات بخصوص هذا الموضوع:
العمل على غرس ثقافة تنظيمية في المنظمات تدعم التغيير التنظيمي و تتبنى أدوات إدارة حديثة و فعالة مثل بطاقة الأداء المتوازن.
مساندة ودعم الإدارة العليا لبرنامج تصميم وتطبيق قياس الأداء المتوازن من أهم ضروريات نجاح تلك البرامج، و إشراك كل العاملين في المستويات الإدارية المختلفة في تصميم هذه الأداة.
يجب على الإدارة العامة أن تقوم بتوعية جميع العاملين بأهمية اعتماد نظام الإدارة الإستراتيجية على بطاقة الأداء المتوازن، و ذلك من خلال شرح مفهومها و الهدف منها و كيفية تفعيلها و المشاركة في إعدادها.
إتباع كل الخطوات الأساسية لتصميم البطاقة بالشكل المطلوب و ليس بشكل عشوائي، و في حالة عدم التمكن من تصميمها داخليا يمكن اللجوء إلى شركات للاستشارات الإدارة و للخبراء في هذا المجال.
الاستفادة من خبرات الشركات التي تستعمل بطاقة الأداء المتوازن.