أصبح من المتعارف عليه اليوم أن الموارد البشرية هي أهم الموارد التي تستخدمها المنظمات الحديثة . فالإنسان هو العنصر المفكر والرئيسي في الإنتاج والخدمات . وهو الوسيلة
والغاية من عمليات الإنتاج والخدمات . وهو أيضا ضمير المنظمة وقلبها النابض وإحساسها الواعي لما يدور حولها من أحداث .
ولا أدل علي ازدياد الوعي بأهمية هذا المورد الغالي من تحول وصفه والتعبير عنه خلال السنين . فقديما آانت تستخدم لفظة " المستخدمين " أو الخادم العمومي ، ثم العمال ، والقوي العاملة. إلي أن أصبح يوصف اليوم برأس المال البشري – بلغة الاقتصاديين ، والأصول البشرية – بلغة المحاسبين ، ورأس المال الذآي أو الفكري – بلغة الإداريين . آذلك فإن النظرة لهذا المورد – ومن ثم طرق التعامل معه مرت بتحولات عديدة . فقديما آان العامل يعتبر أحد عناصر الإنتاج ، وليس أهميها – إذ آانت الإدارة تصب اهتمامها علي
العنصر التقني – الأجهزة والآلات وطرق تشغيلها وتفترض أن العامل سيتكيف لهذه التقنيات بقليل من التدريب والتوجيه والحزم والتهديد بالعقاب . ثم تبنت الإدارة اتجاهاً والديا – فكما
يحرص الأب علي رعاية أبنائه تحرص الإدارة علي " عيالها " فأنشأت أقساماً للخدمات الاجتماعية والطبية ... وعندما قامت نقابات العمال واشتد ساعدها ، أنشأت الإدارة أقساماً
للعلاقات الصناعية وعلاقات العمل ... للتعامل مع العمال باعتبارهم أعضاء في نقابات .
ونتيجة لتراآم المعرفة وتطور البحوث في علم الإدارة وما يصاحبها من أفرع المعرفة وخاصة علم النفس والاجتماع ، ونتيجة أيضا للممارسات العملية للإدارة في مجالات العمل
المختلفة – حكومية وصناعية وتجارية ... هذا بالإضافة إلي التطورات العالمية الجارية ، والتي انتشرت بمعدلات سريعة غير مسبوقة – خاصة في العقدين الأخيرين ... بدأت الإدارة تتبع
مناهج مختلفة لما آانت عليه في التعامل مع الموارد البشرية .
ومن هذه التطورات التي أصبحت تمثل تحدياً واضحاً للإدارة العامة والخاصة :
1- العولمة بأشكالها المتعددة – اقتصادية واجتماعية وثقافية ، ما تحتمه علي دول آثيرة من
التخطيط لسياسات غير تقليدية .
-2 التقدم التكنولوجي الهائل في الآلات والمعدات ، وفي الأساليب والبرمجيات ... إن ثورة
المعلومات اليوم فرضت أنماطاً إدارية جديدة للتعامل مع الواقع الجديد ( مثلا قيام
المنظمات الافتراضية – التعامل عن طريق شبكة الإنترنت ... )
-3 تغير ثقافة المجتمعات ، من قيم وعادات ومفاهيم وامتزاج الحضارات والتأثير المتبادل
بينها .
-4 تطور أنماط التعليم في مستوياته المختلفة – وخاصة الجامعي .
-5 تغير القوانين والأنظمة في العلاقات والمعلومات التجارية – المحلية والعالمية .
-6 تنوع الموارد البشرية من حيث الترآيب الديموجرافي ، وارتفاع مستويات الدافعية
والطموح .
-7 ارتفاع مستويات المعيشة في آثير من البلدان .
-8 ازدياد الوعي البيئي ومجهودات تحسين جودة الحياة لأفراد المجتمع .
لكل هذا تحول التعامل مع الموارد البشرية من الشكل التقليدي أو اللائحي ( شئون الموظفين
) أو اعتبار العاملين أفراداً منفصلين ( إدارة الأفراد ) – آما هي الحال في آثير من
المؤسسات الحكومية ، إلي إدارة الموارد البشرية . ولم تعد هذه الإدارة هي الجهة المسئولة
فقط عن اختيار العاملين وتوظيفهم ومتابعة حرآتهم الوظيفية وتقويم أدائهم . وإنما أصبحتإدارة الموارد البشرية جزءاً لا يتجزأ من النظام الإداري الكلي للمنظمة ، يتفاعل معه ويتأثربه ويؤثر فيه .فهي إذن تلك العملية الإدارية المسئولة عن تحقيق أهداف المنظمة بدرجة عالية منالفعالية ، عن طريق التخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية في إطار التخطيط الإستراتيجيالكلي . واختيار الأفراد الملائمين وإدارة مسارهم المهني ، والعمل علي استمرار صلاحياتهم، وتحفيزهم بالشكل الذي يحقق النتائج التي تسعي إليها المنظمة من ناحية ، وتوفير حياةوظيفية مرضيه لهؤلاء العاملين من ناحية أخري .ولكي نتعرف علي إدارة الموارد البشرية ونتبين أهدافها وأهميتها وموقعها من النظامالكلي ، فهناك خمسة مناهج لذلك .
(1) منهج العملية الإدارية :إن نشاط إدارة الموارد البشرية يخضع لوظائف الإدارة المتعارف عليها ، وهي التخطيطوالتنظيم والتوجيه والقيادة والرقابة . فهي تخطط للموارد البشرية والمسار المهني للعاملين .وتنظيم أنشطة هؤلاء وتنسق بينها في فرق عمل متكاملة . وتقود هؤلاء – بالتعاون معالإدارات الأخرى – وتوجههم وترشدهم وتحفزهم وتحل مشكلاتهم . ثم تراقب نتائج الأداءللتحقق من درجة فاعليتها .
(2) المنهج السلوآي :ويختص هذا المنهج بدراسة سلوك أعضاء القوة البشرية العاملة ، وتحليل شخصياتهمودوافعهم واتجاهاتهم والعوامل الاجتماعية المؤثرة عليهم ، وذلك لتنمية السلوك التنظيمي الملائمالذي يحقق زيادة الإنتاجية ، ورضا العاملين وإشباع حاجاتهم المادية والنفسية والاجتماعية .
(3) المنهج الإجرائي :إن لكل نشاط من أنشطة إدارة الموارد البشرية إجراءات وخطوات يحقق إتباعها آفاءةهذا النشاط وفاعليته ، مثلا إجراءات اختيار العاملين وخطوات تعيينهم ... شروط الترقيةوقواعدها ... نماذج الترقية ووثائقها ...
(4) منهج النظم :يعالج هذا المنهج إدارة الموارد البشرية باعتبارها نسقاً أو منظومة ، تتكون من أجزاءمتفاعلة تؤثر في بعضها بعضا ، وتتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات ، فأما المدخلات فهيمدير الموارد البشرية والعاملون معه ، بالإضافة إلي الموارد والإمكانات الأخرى المادية والماليةوالمعلومات . وأما العمليات فهي آافة الأنشطة والمجهودات التي تقوم بها إدارة الموارد البشريةلتوفير الموارد البشرية الملائمة وتحفيزها وصيانتها واستمرار عطائها . وأما المخرجات فهيتلك الموارد البشرية التي تتميز بالسلوك الملائم والقيم الإيجابية والدوافع المناسبة لإنجاز المهامالمطلوبة منها . هذا بالإضافة إلي ما تقدمه إدارة الموارد البشرية من خدمات استشارية ومعاونةللإدارات الأخرى .ويقتضي منهج النظم أيضا النظر إلي إدارة الموارد البشرية علي انها نظام مفتوح . إذتعمل في بيئة معينة تنقسم إلي : بيئة داخلية – وهي المؤسسة التي توجد بها وتتأثر بأهدافهاوإستراتيجياتها وإمكاناتها . وبيئة خارجية – وهي المجتمع الذي تعمل به المؤسسة وما فيه منعوامل إيجابية وسلبية ، ومن فرص ومعوقات ، تحدث أثرها علي سياسات إدارة المواردالبشرية وأهدافها وخططها وإنجازاتها
(5) المنهج المتكامل :إذا أخذنا هذه المناهج الأربعة ، نجد أنها تكمل بعضها بعضا لتفرز لنا مفهوما جديداًمتكاملاً لإدارة الموارد البشرية . فهي تلك العملية الإدارية التي :أ – تعمل في إطار بيئي معين ، اقتصادي واجتماعي وتكنولوجي وتعليمي .ب – وتمارس وظائف التخطيط والتنظيم والقيادة والتوجيه والرقابة لتوظيف الطاقات البشريةالمتاحة .جـ - وتطبق النظريات النفسية والسلوآية في التعامل مع العاملين للحصول علي السلوك الوظيفيالملائم .د – وتضع مجموعة من الإجراءات والخطوات الملائمة للقيام بهذه المجهودات .هـ - وذلك للحفاظ علي استمرار صلاحية الموارد البشرية وصيانتها وتحفيزها وتنميتهاوتطويرها .و – لتحقيق آل من الأهداف الكلية للمنظمة ، والأهداف الشخصية للعاملين من إشباع دوافعهمواستمرار ولائهم وعطائهم