لا يخفي على أحد طبيعة الوضع الحالي المنافسة الشديدة التي يشهدها قطاع الإنتاج و الخدمات و تنوع الأساليب والتقنيات المستخدمة، و أيضا تسارع حركة التغيير بصورة غير مسبوقة مما يجعل الشركة أو المؤسسة في حالة بحث وسعي دائم لتضمن لها حصة أو مكانة في السوق ومجال عملها, وهذه الصفة أصبحت مرافقة لكل أنواع الخدمات و القطاعات وأيضا على كل مستوياتها سواء كانت منشآت كبيرة و متوسطة و صغيرة .





ونتيجة لذلك فقد ظهرت عدة مفاهيم مرافقة لهذه الأجواء المنافسة، و هذه المفاهيم تشكل وسيلة للدخول والاستمرارية في عالم المنافسة بقوة وتمكّن، وهي في حال تطبيقها واتخاذها كأسس راسخة في التعامل تضمن للشركة الثبات والتقدم , ومن المفاهيم الواجب على الشركات الحرص عليها مفهوم الجودة الشاملة TQM والتي أصبحت الآن وبفضل الكم الهائل في المعلومات وتقنيات الاتصال سمة مميزة لمعطيات الفكر الإنساني الحديث سيما وأن الإدارة العلمية المعاصرة أسهمت بشكل حثيث في تطوير بنية المنظمات الاقتصادية بشكل كبير.





فلقد أصبحت الجودة إحدى أهم مبادئ الإدارة في الوقت الحاضر, لقد كانت الإدارة بالماضي، تعتقد بأن نجاح الشركة يعني تصنيع منتجات وتقديم خدمات بشكل أسرع وأرخص، ثم السعي لتصريفها في الأسواق، وتقديم خدمات لتلك المنتجات بعد بيعها من أجل تصليح العيوب الظاهر فيها.





وقد تعاظم الوعي بالجودة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حيث كانت الأهمية منوطة بعمليات التفتيش والرقابة حيث بدأت الشركات اليابانية في استدعاء العلماء الأوربيين لتطوير مفهوم الجودة في الشركات اليابانية ومن أشهرهم ديمنج وجوران اللذان بدأ في تعليم اليابانين تقنيات ومفاهيم الجودة التي كانت الشركات الأمريكية لا تهتم بها في هذا الوقت ويعد ادوارد ديمنج Edward Deming رائد الجودة الأمريكية أبرز من استخدم وطبق الرقابة الاحصائية على الجودة حيث اعتمد على جمع معلومات عن مستوى الجودة من خلال الرقابة على عمليات الإنتاج أثناء تنفيذها، ثم قام بتحليلها باستخدام الاساليب الاحصائية من اجل الوقوف على مستوى الجودة المتحقق.





فكانت أول مراحل الوعي بالجودة هي مرحلة الاهتمام بالتفتيش والفحص الذي كان يتم باستخدام الوسائل الفنية منذ ظهور نظام الإنتاج الكبير وعادة ما كانت تتم متابعة الجودة أثناء عملية الإنتاج ذاته , حيث كان التركيز في قياس الجودة محصوراً في عملية الفحص حيث يتم استبعاد المعيب منها وكان الفحص عشوائيا استنادآ الي التقديرات الاحصائية وانحصرت مسؤلية الرقابة على الجودة في مدير الجودة وكانت عملية التفتيش والفحص لأغراض الجودة فقط , كذلك لم يتم الاهتمام بمعرفة وارجاع أسباب العيوب وتتبعها ولم تخلو المنتجات من العيوب في هذه المرحلة وكان في تلك الفترة مفهوم الجودة يدور حول مطابقة المواصفات فقط حيث يتم تصميم المنتج وفقاً لما يريدة المنتج وليس وفقا لما يريده العميل.





ثم تتابعت النظريات والممارسات الإدارية التي تؤكد على الجودة إلى أن قامت قامت الشركات الأمريكية بتطوير وتوسيع مفهوم إدارة الجودة الاستراتيجية بإضافة جوانب أكثر شمولا وعمقا واستخدمت اساليب متطورة في مجال تحسين الجودة والتعامل مع الزبائن والموردين وتفضيل اساليب تأكيد الجودة ليصبح أسلوبا رقابيا استراتيجيا على الجودة الاستراتيجية ويلاحظ أن إدارة الجودة الشاملة هي امتداد لإدارة الجودة الاستراتيجية ولكن إدارة الجودة الشاملة أكثر عمقا وشمولية من إدارة الجودة الاستراتيجية إلى أن تبلورت إدارة الجودة الشاملة كفلسفة إدارية عامة تركز على الاستخدام الفعال للموارد المادية والبشرية للمنظمة في اشباع احتياجات العملاء وتحقيق أهداف المنظمة وذلك في إطار من التوافق مع متطلبات المجتمع.