بمجرد أن يبدأ فكرنا المنطقي في الزعم بقدرته على تقييم الطاقة الروحية والحكم عليها، يفقد المرء صلته بالأساس المبدئي للحياة، وقد وقعت العديد من المهن التخصصية في هذا الفخ المتمثل في نمط حياة ضيق الأفق ومتصلب الفكر عبر تبنى وجهة نظر عقلية منطقية صلدة. وعلى رأس ´´ القائمة السلبية ´´ لأصحاب المهن التخصصية‏ الأكثر فعالية هناك الأطباء، والمحامون، وضباط الشرطة، والمعلمون. #تلك المجموعات المهنية هي الأوثق ارتباطاً بالتأثيرات السلبية لأفكارنا ذات التوجه الخاطئ حول الحياة ؛ فكلهم بلا استثناء لا يلاحظون إلا الجانب المادي والفكري لحياتنا، غافلين بكل بساطة عن الأساس الروحي للخلق والوجود.


‏ولعل التصريحات غير المسئولة للجراحين في غرفة العمليات هي أكبر دليل على ضعف صلتهم بمركز وجودهم وبالإمكانية الروحية بداخلهم. وقد يثير إعجابنا مهاراتهم وصبرهم وخبرتهم المصقولة مما يحتالون به على العديد من علل الجسد. ومع ذلك، فإنهم يلبثون مهزومين أمام مدى سطحية أعمالهم، وسيكونون أكثر توفيقاً بكثير، مع الاستعانة بقوة ذكائهم الداخلي.


‏فكم هو رأى متكبر الذى مازال يصرح به الأطباء من أن القرحة لا يمكن علاجها إلا بالجراحة، فأي معالج نفسي أمام حالة قرحة عادية يمكن له أن يجعلها تتلاشى في غضون بضعة أسابيع دون أن يكون عليه حتى أن يلمس المريض. إن عالمنا العلاجي الموجه نحو المادية والآلية مازال تعوزه العواطف، ويبدو أن اللجوء إلى الأجهزة الطبية باهظة الثمن هو أعلى قيمة من علاجنا الروحي. بمقدور قوة عقلنا الباطن أن تحفظ صمتنا أفضل كثيراً من أي تقنية طبية في العالم.


‏في الكثير من العيادات بالولايات المتحدة وبصورة مطردة أيضاً في أوريا، يوجد متخصصون ممن يستهان بعملهم، مهمتهم هي رعاية السلامة العاطفية والوجدانية للمريض أثناء العملية الجراحية ؛ فهناك ممرضة من جنوب ألمانيا تعمل بغرف العمليات، وهي واحدة من قراء كتبي على مدار خمس سنوات، استطاعت عبر التفكير الإيجابي أن تتخلص من الصداع النصفي الذى لازمها لسنوات، ولقد وصفت لي ممارساتها غير المعتادة مع الأشخاص الخاضعين لعمليات جراحية وهم تحت التخدير الكلى.


‏إنها تقول للمرضى وهم تحت التخدير : ´´ الآن سنتخذ الخطوة الأولى. نبضك وتنفسك في حالة طبيعية تماماً. يجرى الآن الطبيب لك الجراحة. كل شيء واضح وسليم وحسن النظام. الطبيب على ثقة تامة من أنك سوف تسترد صحتك في فترة وجيزة. مؤشراتنا تؤكد أنك في حالة جيدة وممتلئ بالثقة بالنفس، ومتعاون من أجل شفائك. إننا متأكدون أنك سرعان ما تنضم إلى عائلتك مرة أخرى. . . والآن انتهت الجراحة. تم كل شيء بنجاح. لقد اجتزت ذلك. وبتماسكك وإيمانك سيعود كل شيء لسيرته الأولى من جديد. أتمنى لك الشفاء العاجل !" .


‏من الذى لا يرغب في تلقى العون من ممرضة كهذه خلال أحلك ساعاته. إننا جميعاً مدعوون للنظر إلى التفكير الإيجابي، ليس بوصفه محض نظرية خالصة، وسوف نعانى كثيراً إذا ما صنفنا ما يتسبب لنا في كل ما هو إيجابي بأنه أقل مرتبة من كل ما يسبب لنا المعاناة.


‏سيعيدك السكون الخالص الى وجو لك ؛ فلقد فارقت وجودك ولكنك سوف تعود اليه.