هل يستحق عملك كل هذا؟ سؤال ستطرحه على نفسك بمجرد التعرف على مخاطر جلستك لساعات أمام جهاز الكمبيوتر، وتحملك لغلظة مديرك وسوء معاملته للحفاظ على راتبك الشهري، وتلك الساعات الإضافية التي ترجوه الموافقة عليها دون معرفة مخاطر قرارك.


ثقافة العمل الجديدة في عصر تتسابق فيه دولتك مع العالم جعلت من الموظف الذي يغادر مكتبه متأخرًا هو الأكفأ، ومن لا يغادره مطلقًا هو هذا المثالي الذي توفي منذ أيام باليابان على مكتبه لعمله 106 ساعة إضافية خلال شهر دون إجازة, لذا فإن أمورًا كثيرة الآن عليك حسمها بين عملك المكتبي، ومواجهة أمراض كاضطرابات العضلات والهيكل العظمي وأمراض القلب والسكر، وبين الضغط النفسي وتحمل أوامر المدير. ونصيحة اطلع على أنواع الموظفين المعرضين لأمراض القلب نظرًا لمعاملة المديرين السلبية.


أضرار العمل المكتبي




حاول قدر المستطاع تحديد ساعات عملك بأن لا تزيد عن 8 ساعات, فالعمل لأكثر من 10 ساعات في اليوم قد يؤدي إلى نوبة قلبية, فالإجهاد لفترات طويلة يزيد خطر الإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية والذبحة الصدرية وارتفاع ضغط الدم بنسبة 60% مقارنة بمن يعمل لـ8 ساعات في اليوم، مع زيادة مستويات هرمون الإجهاد الضار “الكورتيزول”.


كما كشفت دراسة ألمانية أن 80% من أضرار العمل المحصور بين مكتبك وجهاز صنع القهوة تصيب الجهاز العضلي والعظام والفقرات, فالعمل اليدوي يؤدي إلى إصابات حادة وأضرار آنية، بينما العمل المكتبي يؤدي إلى أضرار جسدية مزمنة، ولا تشعر بها فوريًّا, بخلاف الأضرار الناجمة عن شدة العمل ومخاطر النظر باستمرار إلى شاشة الكمبيوتر.


وأكد المعهد الاتحادي للصيانة من مخاطر العمل أن 80 % من معاناة الموظفين تتركز في عضلات وعظام ومفاصل اليد والمرفق والكتفين والعمود الفقري والظهر، وغالبًا ما تكون الأعراض أحادية الجانب، بمعنى إصابة الجهة اليمنى أو اليسرى، وهذا نتيجة إجهاد الجهة الناشطة في الجزء العلوي من جسم الإنسان.


والآن لن تجد مبررًا للامتناع عن تلك النصائح، فإن أخذ قيلولة قصيرة بوسط اليوم حتى 60 دقيقة، أو فترة راحة لـ90 دقيقة لتقليل الإجهاد, قد يؤدي إلى انخفاض فرص الإصابة بأمراض القلب حتى 37%, كما أنه من الضروري الحفاظ على كسب إجازة دورية، وتأجيل رسائل البريد الإلكتروني والهاتف، أو على الأقل حافظ على حركة تقوم بها كل 30 دقيقة كي تبتعد للحظات عن مكتبك، أو قم ببعض التمارين البسيطة وحرك خصرك وارفع كتفيك مرارًا وأنت تعمل كل 15 دقيقة.


التوتر والضغط النفسي يقتل أيضًا “إن كنت تشبه هؤلاء”




يؤثر التوتر الوظيفي كذلك على صحتك الجسدية والنفسية، ويزيد من فرص الإصابة بأمراض القلب والاكتئاب, لذا إن كنت تشبه واحدًا من هؤلاء الذين حددهم الخبراء في بيئة عمل غير ملائمة، اهتم بالأمر.


1- أنت تعمل أكثر من طاقتك ومشغول منذ وصولك للعمل وحتى مغادرته، وتتمتع بالقليل من الحرية، ولا تختار الدور الذي تؤديه، والمشروع الذي تنفذه، وجدوله الزمني مفروض عليه, تلك الوظيفة التي تقوم بها مطلوبة في سوق العمل بشكل مرتفع لقلة سيطرة مؤديها ومجهوده الزائد, فإن اضطررت لمثل هذا العمل ابحث عن طرق تشارك بها أكثر في صنع القرار الخاص بدورك.


2- أنت تقوم بعمل محبط وكما يقولون: “تعمل بكلتا يديك وقدميك” ولا تحصل على التقدير الكافي, وبفضل عرقك واجتهادك طوال اليوم أصبح رؤساؤك في مكان أفضل دون الاهتمام بترقيتك أو الاعتراف بدورك, قد يسبب لك هذا الضغط الإجهاد والاختلال النفسي؛ لذا حاول مناقشة أهدافك المهنية مع رئيسك, وهو قد لا يمنحك مكافأة على الفور، لكن اهتم بالأمر.


3- أنت “المنبوذ” في عملك فتشعر دومًا بالوحدة والحاجة إلى توجيه ومساعدة، وليس لديك حليف تثق فيه، ويتجاهلك رئيسك؛ لذا أنت بحاجة لدعم عاطفي من زملائك، ودعم عملي من رئيسك بالعمل.


4- للأسف يطلق عليه “ممسحة الأرجل “، هذا من يقوم بعمل شاق يتطلب مقابلة عملاء سليطي اللسان، ومطلوب منه قبول الإساءة والحفاظ على واجهة العمل الهادئة وبعض المجاملات؛ لذا إن كنت تقوم بمثل هذا العمل اسأل رئيسك للحصول على المشورة أو تدريب إضافي على كيفية التعامل مع العملاء دون الاعتداء على كيانك.


5- أنت “سجين العمل”, فبفضل التكنولوجيا يستطيع مديرك الوصول لك عبر هاتفك، وطلب مزيد من العمل لمدة 24ساعة خلال كل أيام الأسبوع؛ حتى يصبح من الصعب تمييز حياتك الشخصية عن العمل.


6- أنت “فريسة رئيسك”, فهو يوجه لك الإهانات ويضع مواعيد مستحيلة لإنهاء الأعمال، ويمنحك مزيدًا من العمل فقط لتوبيخك أمام زملائك على تقصيرك, أنت أمامك حل لموقفك؛ فيمكنك تهدئة الوضع بالنقاش مع مديرك، أما إذا شاطرك زملاؤك نفس الشعور بالإحباط لا بد من مواجهة الرئيس كمجموعة، أو توثيق أعماله والاتصال بأرقام حفظ السلامة، أو التحدث مع إدارة الموارد البشرية.


حقائق مخيفة




* هناك 6300 إنسان حول العالم يموتون يوميًّا بسبب حادث أو مرض له علاقة بالعمل, فحسب تقديرات منظمة العمل الدولية فإن ما يقرب من 2.3 مليون عامل يفقد حياته سنويًّا بسبب الإصابات والأمراض المهنية، بخلاف الحوادث التي تسببت في مقتل ما لا يقل عن 350 ألف حالة وفاة, فسجل قتلى العمل ثلاثة أشخاص كل دقيقة، وما يعادل 5 آلاف عامل كل يوم، وهو ضعف الرقم المسجل للوفيات الناجمة عن الحرب والمقدر بـ650 ألف حالة سنويًّا, وأكثر من قتلى الكحول والمخدرات معًا, ونتيجة لبيئة العمل غير الصحية تفقد البلدان النامية بوفاة عمالها من إجمالي الناتج المحلي 20 ضعف المساعدات الإنمائية المقدمة لها.


* وكشفت أحدث بيانات وزارة العمل الأمريكية عن وفاة 11 عاملًا أمريكيًّا بشكل يومي أثناء القيام بأعمالهم, وأن هناك نحو 50 ألف حالة وفاة ناتجة عن الإصابة بأحد الأمراض نظرًا لظروف وطبيعة العمل، ما يصل بإجمالي وفيات العمال في الولايات المتحدة إلى 54 ألف عامل سنويًّا, ويتعرض نحو 5 ملايين عامل أمريكي لإصابات متفاوتة، فيما يصاب قرابة 400 ألف عامل بأمراض أثناء العمل.


* بسبب التوتر بمكان العمل وأثره المدمر على الموظفين؛ نتجت سلسلة من الانتحار في شركة فرانس تليكوم، وبلغت في عام واحد 24 حالة انتحار، و13 محاولة بين 100 ألف موظف.


* اعترفت الحكومة اليابانية بانتحار 377 موظفًا في العام الماضي، وهو المعروف باسم “كاروشي” أو الموت من الإرهاق بسكتة قلبية نتيجة ضغط العمل، ليقترب إجمالي عدد الحالات من 10 آلاف حالة بسبب العمل الشاق، وضعف القوانين المنظمة لأماكن العمل، وطول ساعات العمل للرد على المنافسة الخارجية وخشية الركود.