يجب الأخذ بعين الاعتبار عوامل أساسية عند اختيار علامة تجارية جديدة للمشروع. الكثير من رجال الأعمال و الشركات في بلادنا لا يولون عملية اتخاذ علامة تجارية لمنتجاتهم أو خدماتهم الإهتمام الذي تستحقه. الكثيرون يتركون هذه المسألة لأشخاص غير مختصين, أو غير معنيين بنشاطهم التجاري أو الصناعي. مثلاً, في الكثير من الحالات, عندما نقوم بتنظيم عقد شركة نسأل المؤسسين عن العلامة التي اختاروها للمنتجات من أجل أن نذكرها في العقد, فيقولون لنا, إختر أنت علامة لنا. طبعاً هناك أيضاً الكثير من رجال الأعمال و الشركات الذين يقومون بإختيار علاماتهم بعناية و اهتمام.


عوامل أساسية تتعلق بالمنتج
أهم عامل في نجاح و استمرار علامة تجارية هو تقديم قيمة جديدة للمستهلك من خلال المنتج أو الخدمة المرتبطة بالعلامة. تقديم قيمة يحتاجها المستهلك هو شرط نجاح العلامة و استمرارها الذي لا يمكن تعويضه بأي عامل آخر, خاصة في زمن أصبحت فيه الأسواق مليئة بالمنتجات المتنافسة القادمة من أسواق عديدة.

تقديم منتج ذو قيمة للمستهلك مسألة لها طبعاً أسسها العديدة التي يخرج البحث فيها عن إطار هذه الورقة, ولكن ننوه بأهمية أن يكون المنتج ذو جودة عالية من وجهة نظر المستهلك نفسه وأن يتمييز المنتج الحامل للعلامة عن المنتجات المنافسة الموجودة في السوق بقيمة جديدة.


عوامل قانونية
يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك شروط معينة مرتبطة بذاتية العلامة من حيث هي رمز أو شكل أو كلمة...الخ يجب توفرها من أجل أن يكون هذا الرمز مقبولاً قانونياً للاستخدام كعلامة ويمكن قبول تسجيله من قبل مكاتب تسجيل العلامات. مثلاً العلامة يجب أن لا تكون "وصفية" بمعنى أن تكون وصفاً للمنتج, مثلا كأن نستخدم اسم "الدراجة السريعة" كعلامة للدراجات. أو شكلاً يدل على هذا المنتج, كأن نستخدم صورة حبة قمح كعلامة للخبز, أو أن تكون خادعة ومضللة للجمهور فيما يتعلق بالمنتج, كأن نستخدم صورة بقرة, او غنمة, كعلامة لسمن نباتي. هذا إضافة طبعاً لوجوب أن لا يكون هناك تضارب بين استخدام العلامة و حقوق الاخرين كأن نستخدم علامة تطابق أو تشابه علاماتهم. كل هذه الجوانب القانونية وغيرها التي لا يتسع المجال هنا لعرضها يجب اخذها بعين الاعتبار عند اختيار علامة جديدة للمشروع.


هل يراد استخدام العلامة لمنتج أو لخدمة
قانونياً, لا فرق بين العلامة الموضوعة على منتج, مهما كان نوعه صناعي أو زراعي....الخ, والعلامة المستخدمة للخدمات. من الناحية العملية, ومن وجهة نظر الشركة التي تريد اتخاذ علامة جديدة و تطورها, هناك فرق بين العلامتين مرتبط بالفرق بين تقديم المنتج للمستهلك وأداء الخدمة له. بحسب طبيعة الخدمات, فإن العلامات المرتبطة بتأدية الخدمات تكون عادة غير ملموسة بشكل مباشر مع تقديم الخدمة, بمعنى أن علامة المنتج تكون موجودة و مشاهدة عند شرائه أو استهلاكه أو بمجرد رؤيته مثل علامة نسكافه التي نراه على المنتج, بينما الأمر ليس كذلك بالنسبة للخدمة التي تؤدى للمستهلك. أيضاً بحسب طبيعتها, فإن الخدمات لا يمكن تخزينها بل هي تظهر للوجود في وقت أدائها و استهلاكها. و المنتجات تكون عادة مصنعة بحسب معايير محددة و ثابتة و موحدة, و بالتالي تكون المنتجات متطابقة, بينما ليس الأمر كذلك بالنسبة للخدمات التي تؤدي من قبل أشخاص, و على الرغم من أن هؤلاء يفترض بهم الإلتزام أيضاُ بمعايير محددة لأداء خدماتهم إلا أنه من الصعب عملياً أن يكون أداء الأشخاص متماثلاً, او أن يكون أداء الشخص الواحد في أوقات مختلفة و بظروف مختلفة متماثلاً.


هذه الفروقات لها انعكاسات على صعيد التعامل مع علامة الخدمة من قبل الشركة يجب أخذها بعين الإعتبار. مثلاً, يمكن الترويج و الاعلان عن علامة المنتجات عن طريق عرض صور المنتج, عرض المنتج نفسه في المتاجر, أو وجوده بشكل طبيعي في الأمكنة العامة مثل السيارات أو ما شابه مما يجعل المنتج و علامته معه شيئاً حسياً مادياً ملموساً من قبل مستهلكيه, و لكن هذا كله غير ممكن بالنسبة للخدمة التي من الصعب, بحكم طبيعتها, عرضها و إتاحتها بنفس الطريقة للجمهور. و هذا يستتبع أنه من الصعب على المستهلك أخذ دلالة حقيقية عن جودة الخدمة قبل الحصول عليها بشكل مستمر و مستقر, بينما هناك الكثير من العوامل التي تساعد على معرفة جودة المنتج حتى قبل استعماله مثل رؤيته, معرفة مكوناته, طريقة صنعه...الخ. إضافة لما سبق فإن هناك مشكلة عدم إمكانية حماية موضوع الخدمة ببراءة اختراع مثل المنتج لمنع تقليده, حيث أن الأفكار و طريقة الأداء للخدمات ليست بشكل عام محمية ببراءة اختراع ومن الممكن تقليدها من قبل المنافسين و يصعب حمايتها بنفس طريقة حماية المنتج. كل هذه العوامل و غيرها يجب أخذها بعين الإعتبار عند التعامل مع علامة خدمة.


هل العلامة هي نفسها اسم الشركة؟
أحد أهم القرارات التي يتوجب على الشركة أن تتخذها عند وضع علامة للمنتجات هي هل تستخدم كعلامة للمنتجات, أو الخدمات, نفس الاسم الذي تستخدمه كإسم للشركة نفسها, أم تتخذ اسم مختلف عنه للعلامات؟ و يتفرع عن هذا السؤال أيضاً السؤال هل تأخذ اسم يجمع بين الاثنين معاً؟


هناك الكثير من الشركات العالمية التي تستخدم اسمها نفسه كعلامة لمنتجاتها, مثل شركة نستله, BMW, IBM, فورد و غيرهم. و يلاحظ حالياً أن معظم العلامات المشهورة و الناجحة دولياً هي إسم للشركة (إضافة للعلامات المذكورة, نذكر الشركات: كوكاكولا, سوني, ماكدونالدز, تويوتا, مرسيدس بنز و غيرهم) و مما يؤيد وجهة نظر استخدام اسم الشركة كعلامة أن المستهلك يحب أن يتم ربط العلامة بشركة قوية و اتخاذ اسم الشركة كعلامة يعزز هذا الرابط بحيث أن المستهلك يحس بالثقة أكثر لمعرفته بأن شركة قوية عملاقة تقف خلف هذه العلامة. ومما يدعم هذا الإتجاه أن اتخاذ اسم شركة كعلامة للمنتجات من شأنه تخفيف النفقات الهائلة التي تنفقها الشركةعلى تطوير علامات منفصلة لمنتجاتها.


هناك شركات آخرى ناجحة وعملاقة اتبعت الأسلوب الأخر بنجاح, أي استخدام علامة للمنتجات منفصلة عن اسم الشركة, و نذكر هنا شركة "بركتور آند غامبل" المشهورة التي لديها علامات منفصلة مثل علامة "بانتين", "بامبرز" و غيرهم. كذلك نذكر شركة "يونيفر" التي تملك أيضاً علامات افرادية لمنتجات عديدة مثل: "أومو", "لوكس", "ليبتون", "سن سيلك" و غيرها. و يدعم أصحاب وجهة نظر عدم استخدام اسم الشركة كعلامة رأيهم بحجج كثيرة منها أن الربط بين اسم الشركة والعلامة قد يحمل مخاطر الإساءة لإسم الشركة في حال أن المنتج لم يلاقي النجاح المطلوب. و نلاحظ بأن معظم المستهلكين للمنتجات المذكورة لا يعرفون اسم الشركتين اللتين تنتجهما على الرغم من أن الشركة الأولى أسست عام 1837 و الثانية عام 1930.


هناك شركات اخرى تقوم بممارسة مزيج من التوجهين السابقين, حيث تقوم بإستخدام علامة تجارية تحمل عناصر أو أجزاء معينة من اسم الشركة, مثل شركة نستله حيث تستخدم المقطع الأول من اسم نستله لإنشاء علامات جديدة مثل: "نسكافيه", "نسكويك", "نستي" و غيرهم. و بهذا يكون ربط المنتج و علامته باسم الشركة القوي بمثابة مصدر ثقة للمستهلك. كما أن نستله تضع على المنتج اسمها إضافة للعلامة الخاصة, فيكون بمثابة ضمان للمنتج الجديد. كل هذه الاعتبارات يجب أخذها بعين الإعتبار عند اتخاذ علامة جديدة على ضوء استراتيجية الشركة ووضعها المادي و استقرارها و غير ذلك من العوامل.


التوسع في استخدام العلامة الموجودة
لأسباب كثيرة, قد تختار الشركة أن تتوسع في استخدام علامة موجودة على منتجات جديدة تريد طرحها في السوق. من أهم هذه الأسباب, أن تكون العلامة ناجحة و قوية و تقدر الشركة أنه بالإمكان توسيع الاستفادة من هذا النجاح. يضاف الى ذلك توفير كلفة ايجاد علامة جديدة والحفاظ عليها.


التوسع قد يكون بإستخدام العلامة لمنتجات تشابه المنتج الأساسي الموجود بالسوق, أو أنها تنتمي الى نفس العائلة, مثل قيام مجموعة مارس بإنتاج أنواع ألواح بوظة تحمل نفس علامة ألواح الشوكولا التي تحمل علامة "مارس".


و لكن التوسع قد يكون بإستخدام نفس العلامة على منتجات مختلفة تماماً عن المنتجات الأساسية التي تحمل العلامة مثل استخدام علامة "كاتربيلر" التي هي أساساً للمعدات و الآليات الثقيلة على الأحذية العالية غير الرسمية. و هنا يجب الإنتباه الى مسألة أن هناك علامات معينة بحكم نظرة المستهلك لها و ماذا تمثل بالنسبة له و الارتباطات التي تخلقها لديه قد لا تصلح للإستخدام على منتجات مغايرة و لا تتناسب مع الارتباطات المذكورة. فعلامة Levi’s مثلاً المشهورة و القوية كعلامة للجينز,ترتبط بذهن المستهلك بالثياب البسيطة غير الرسمية, لم تنجح في أن تكون علامة للبدلات الرسمية, مع أن البدلات تنتمي لنفس عائلة الجينز من حيث هي ملبوسات. وبالعكس من ذلك فإن علامة "كاتربيلر" المذكورة و المستخدمة للآليات الثقيلة نجحت كعلامة للأحذية لأنها ترتبط بذهن المستهلك بالمتانة و القوة و الثقة.


هناك نوع آخر من التوسع تقوم به الشركات للإستفادة من شهرة العلامة, و ذلك بإستخدام كلمة معينة أو شكل كجذر اساسي في مجموعة علامات تدل على منتجات تنتمي لخط الانتاج نفسه. مثل استخدام شركة فريرو لعلامة "كيندر" في مجموعة من العلامات لمنتجات الشوكولا وتفرعاتها مثل: كيندر كانتري, كيمدر بونيو و غيرها من الشوكولا المعدة بشكل أساسي للأطفال.


تطوير علامة دولية
العلامة الدولية هي علامة نجحت في أسواق إضافية للسوق المحلي التي نشأت فيها وكسبت سمعة لدى المستهلكين في هذه الأسواق الخارجية. مما لا شك فيه بأن تطوير علامة دولية ناجحة هو هدف هام لكل الشركات التي تتوجه بمنتجاتها و خدماتها لزبائن في دول متعددة, وهذه الشركات أصبحت كثيرة في زمن العولمة الحالي. بنفس الوقت, فإن إيجاد علامة دولية هو مسألة معقدة و مكلفة و نجاحها يعتمد على توافر العديد من العوامل, أهمها:


المنتجات المرتبطة بنمط الحياة
لاحظ الكثيرون بأن المنتجات التي لا ترتبط بنمط الحياة في البلد المعني و عاداته بشكل كبير, بحيث أن استخدامها و استهلاكها يكون متقارب في المجتمعات بغض النظر عن خصوصيتها, هذه المنتجات تساعد أكثر على تطوير علامة تجارية دولية من تلك المنتجات المرتبطة بخصوصيات المجتمعات. المثال على النوع الأول من المنتجات هو الألكترونيات, حيث أن الناس في كل المجتمعات يستخدمون هذه الأجهزة, مثل الألة الحاسبة أو جهاز الكمبيوتر بنفس الطريقة بغض النظر عن خصوصياتهم. والمثال على النوع الثاني هو المنتجات الغذائية, حيث أن الطعام مرتبط بدرجة كبيرة بنمط الحياة في البلد المعني و خصوصية المجتمع. طبعاً هذا لا يعني بأنه لا يمكن تطوير علامات دولية ناجحة مرتبطة بمنتجات غذائية, بدليل أن أهم الأمثلة على العلامات الدولية المشهورة هي لمنتجات غذائية ونقصد بذلك علامة Coca-Cola وعلامة Mc Donald’s, و لكن ما نعنيه هنا أن هناك عدد من العلامات الدولية المعروفة في مجالات المنتجات لا ترتبط بنمط الحياة أكثر بكثير من تلك المتعلقة بنمط الحياة. فيمكن لأحدنا, مثلاُ, أن يفكر مباشرة بعشرات العلامات الدولية المرتبطة بجهاز الموبايل الذي ينوي شرائه, و لكنه يجد خيارات أقل من العلامات الدولية المرتبطة, مثلاً, بالمطاعم أو أنواع المشروبات الغازية. خلاصة ما يتم اقتراحه في هذا المجال, هو أنه عندما تفكر شركة معنية بإطلاق و تطوير علامة دولية, يجب عليها أن تأخذ بعين نوعية المنتج الذي سوف ترتبط به هذه العلامة لجهة درجة علاقته بخصوصيات المجتمعات المختلفة المنوي توزيعه فيها. و عندما تختار منتج مرتبط بخصوصيات المجتمعات المختلفة, أن تحاول إيجاد قيمة تنافسية واضحة فيه, مثلاً, بالنسبة للطعام, أن يكون نوعه (بسيط مثلاً), سعره أو طريقة طلبه يقدم ميزة تنافسية للمستهلك.


علاقة المنتج ببلد المنشأ
الكثير من العلامات الدولية تحمل بصمة البلد المنشأ الذي نشأت و تطورت فيه و ارتباط هذه العلامة و المنتج بفكرة عامة عن بلد المنشأ الذي وجدت فيه يلعب دوراًَ كبيراً في عالميتها. أحياناً كثيرة يقبل الناس على شراء علامة تجارية معينة لأنها تمثل شيئاً مرتبطاً ببلد المنشأ يرغب المستهلكون بالحصول عليه لسبب أو آخر. ولعل هذا يفسر, مثلاً, بأنه يقبل كثير من الناس على شراء سيارة مرتبطة بعلامة ألمانية لإعتقادهم بأن السيارات الألمانية تقدم لهم ميزات معينة يرغبون بها, و بالتالي هذا الإعتقاد العام عن ألمانيا و صناعة السيارات فيها يدعم قوة العلامات الدولية الألمانية لسياراتها. و شيء مماثل يمكن أن يقال عن ماركات العطورات الفرنسية أو الأزياء الإيطالية أو المشروبات الروحية اللبنانية أو المنسوجات السورية, أو الالكترونيات اليابانية...الخ.


ما سبق قوله يعيدنا إلى أهمية أن تفكر الشركة التي تنوي تطوير علامة دولية بمسألة ارتباط المنتج الذي سيحمل هذه العلامة إلى الإسواق الخارجية و بالتالي هذه العلامة, بالإعتقاد العام المعروف عن بلد المنشأ في مجال المنتج المعني. فبالنسبة لتاجر أو شركة سورية تنشط في مجال الصناعات النسيجية أو الألبسة القطنية أو ما شابه, من المفيد أن يفكر الشركة السورية كيف سيسهم الاعتقاد العام عن المنتوجات السورية النسيجية و تفوقها النسبي في دعم علاماتها الدولية, و في أية أسواق تحظى هذه المنتوجات بهكذا سمعة جيدة. وأيضاً يمكن لشركة لبنانية أن تفكر بأن سمعة منتوجات المشروبات الروحية اللبنانية يمكن أن يكون داعماً لعلامة دولية مرتبطة بهذه المنتوجات.




الاسم أو الشكل المناسب للعلامة الدولية
اختيار اسم مناسب للعلامة الدولية يخضع لإعتبارات إضافية للإعتبارات المتعلقة بإختيار اسم للعلامة بشكل عام و المذكور أعلاه. فإذا كانت العلامة عبارة عن اسم, فإضافة لانه من المستحسن أن يتألف هذا الاسم من أربعة أحرف, فإنه يفترض لهذا السم كي يكون مقبولاً وناجحاً دولياً أن يكون من الممكن و السهل نطقه في جميع اللغات, سهل التذكر و أن لا يحمل أي معنى سلبي أو غير مرغوب به في أية لغة من اللغات, أو أن يكون معناه في أي من هذه اللغات غير ملائماً أو متوافقاً مع طبيعة المنتج أو صورته المراد إعطائها للعلامة بشكل عام.

البلد أو البلدان المناسب لبدء طرح العلامة الدولية الجديدة
يتوجب على الشركة أن تقرر هل ستبدأ بطرح العلامة الدولية في دولة واحدة او أكثر و ما هي هذه البلدان, أم أنها أنها ستطرحها في بلد المنشأ في البداية و تبدأ بعد ذلك في بلدان اخرى. الإجابة على هذه الأسئلة مرتبطة بالعلامة, المنتج, حدود قدرة الشركة على دعم العلامة و طبيعة الأسواق التي سيتم طرح العلامة فيها و ما الى ذلك.