من 19 سنة شركة أمريكية اسمها Odwalla رائدة في صناعة العصير وصلت مبيعاتها وقتها 90 مليون دولار سنويا وكانت قدرت تعمل براند قوي وولاء العملاء ليها وصل لحد مذهل .. في الفترة دي وبالتحديد في اكتوبر 1996 كل حاجة اتغيرت .. مسئولي الصحة في واشنطون بلغوا الشركة دي انهم اكتشفوا علاقة بين حالات مرضية سببها بكتيريا سامة E. coli O157:H7 وبين عصير التفاح بتاعهم .. والكارثة تفاقمت لما طفلة ماتت و 60 مرضوا في أمريكا وكندا و20 قضية اترفعت على الشركة وهوووب المبيعات نزلت 90% والكل أدرك إن الشركة دي كده خلاص بالسلامة .. طبعا الشركة دي لو كانت مصرية كانت أنكرت ووكلت فريد الديب يطلعها من القصة دي في كلمة .. أو على الأقل كانت استسلمت وفلست وخرجت من السوق بالذوق .. لكن بص الحرفنة بقى ..
- أول ما الشركة أخطرت بالخبر حتى قبل تأكيده .. الرئيس التنفيذي أمر بسحب كامل لكل المنتجات من 4700 محل من 7 ولايات (بالرغم إن المشكلة في عصير التفاح بس) وفي خلال 48 ساعة كانت كل منتجاتهم مسحوبة من السوق وده كلفهم 6.5 مليون دولار كاستفتاح.
- الحاجة الأهم هي إن الشركة قررت تحمل المسئولية .. والرئيس التنفيذي خرج على كل وسائل الإعلام يعتذر ويعلن تحمل الشركة الكامل لأي مصاريف علاج لأي مرض تسببت فيه الشركة بالتوازي مع سحب جميع المنتجات من السوق وأكد بشدة على أهمية ثقة عملاءها اللي بيعتبروها رأس مالهم الحقيقي.
- الرئيس التنفيذي مش عاش مع نفسه وكتم تفاصيل الأزمة عن موظفينه زي الهطل السائد عندنا .. والموظفين الكبار ماقالوش للموظفين الصغيرين "اخوانا اللي فوق عارفين كل حاجة" ولا "الرئيس التنفيذي لله دره عنده معلومات لا تصلنا" .. لأ .. الرئيس التنفيذي كان بيجتمع يوميا مع الموظفين بتوعه بكل شفافية عشان يتيح للموظفين طرح الأسئلة والاقتراحات ويحدثهم بالمعلومات اللازمة.
- في خلال 24 ساعة الشركة أطلقت أول موقع الكتروني ليها (الكلام ده في 96) عشان يتواصلوا مع العملاء .. وعملت حملة دعاية في الصحافة والتلفزيون وكل الوسائل اللي تتيح لعملاءهم متابعة تطور الموقف يوم بيومه وبمعلومات دقيقة.
- الخطوة اللي بعد كده بقى هي إنهم ركزوا في مشكلة التلوث دي وعالجوها بتغيير سياستهم في التصنيع كليا بشكل يضمن القضاء على البكتريا دي.
- بعد شهر ونص تقريبا من الأزمة الشركة بقى عندها أقوى نظام مراقبة جودة وسلامة في صناعة العصير وقدروا في ديسمبر يرجعوا منتجاتهم السوق تاني.
- الشركة رفضت تسرّح أي موظف توصيل ووجهوهم للشغل على العلاقات العامة والتواصل مع العملاء .. وده كان موقف صايع منهم عشان مايفقدوش ولاء موظفيهم وكمان عشان سمعتهم ما تتهزش أكتر قدام عملاءهم.
- الشركة اتحكم عليها بغرامة مليون ونص دولار وده كان أكبر تغريم حصل في مجال صناعة الأغذية في أمريكا منها ربع مليون اتخصصوا لتمويل بحوث الوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية.
- الشركة خسرت في الليلة دي كلها حوالي 12 مليون دولار وبحسب ويكيبيديا دفعت 12 مليون دولار كمان لتسوية قضايا اللي اتصابوا.
- النتيجة ايه بقى ؟
سنة بعد الكارثة مبيعاتها رجعت زي الفل والشركة قدرت فعلا ترجع ولاء وثقة عملاءها بعد ما الكل توقع انها القاصمة اللي حتجيب ضرف الشركة ..
الشركة حصلت (بالانتخاب) على لقب "أفضل اسم تجاري في خليج سان فرانسيسكو" من مجلة سان فرانسيسكو
لدرجة إن أبو الطفلة اللي ماتت نفسه قال "أنا ماقدرش ألوم الشركة لأنهم فعلا عملوا كل اللي يقدروا يعملوه"!!!
ولحد وقتنا هذا الشركة باقية وتتمدد وبقى يتضرب بيها المثل كأنجح إدارة الأزمات وإن ازاي قدروا يتغلبوا على كارثة زي دي في وقت قصير زي ده بكل التزام وشفافية ووضوح مع عملاءها وموظفيها ..
وطبعا اللي خاض تجربة شراء منتج معيوب من متجر أمريكاني محترم يعرف كويس انهم بيعملوا عجين الفلاحة عشان الزبون يقبل الاعتذار ويقبل الفلوس ويقبل المنتج وعليه جاريتين هدية ...